شيخ الأزهر فى ندوة "الجندية فى الإسلام":شهادة النبى الكريم لجند مصر وسام خالد على صدر كل جندى.. التاريخ أثبت أن الجيش المصرى كان أهلاً لثقة النبى..ويؤكد: كنتم طوق النجاة حين تآمر علينا الطغاة والبغاة

الخميس، 15 يناير 2015 02:31 م
شيخ الأزهر فى ندوة "الجندية فى الإسلام":شهادة النبى الكريم لجند مصر وسام خالد على صدر كل جندى..  التاريخ أثبت أن الجيش المصرى كان أهلاً لثقة النبى..ويؤكد: كنتم طوق النجاة حين تآمر علينا الطغاة والبغاة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كلمةً بندوة «مصر والجندية فى الإسلام»، والتى أقيمت صباح اليوم بمسرح الجلاء برعاية القوات المسلحة.

وبدأ شيخ الأزهر كلمته للحضور بقوله: أُحدِّثَكم أوَّلًا عن شهادةِ النبى ﷺ لجُندِ مصرَ، وللجُنديَّةِ المِصريَّةِ، وهى شَهادةٌ تُمثِّلُ وِسامًا خالدًا على صدر كلِّ مَن أسعَدَه الحظُّ بالانخِراطِ فى صُفوفِ القُوَّاتِ المُسَلَّحةِ المصريِّةِ، أيًّا كان موقعُه، وكائنةً ما كانت رُتبتُه ودرجتُه، لقد امتَدحَكم النبى ﷺ وأثنى عليكم من وراءِ حُجُبِ الغيب وشَهِدَ لكم من بينِ سائر جُيوشِ الدُّنيا كُلِّها.. فقال: «تَكُونُ فِتْنَةٌ، أَسْلَمُ النَّاسِ فِيهَا الْجُنْدُ الْغَرْبِيُّ» أو قال: «خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا الْجُنْدُ الْغَرْبِيُّ»، وكان ﷺ يَقصِدُ بالجند الغَرْبى جندَ مصر، كما بيَّنَه شُرَّاح الحديث، كما صرَّح به راوى الحديثِ نفسُه، وهو الصحابى الجليلُ "عَمْرُو بْنُ الحَمِقِ"، الذى هاجرَ إلى مصرَ بعدَ الفتحِ الإسلامى واستَقرَّ بها؛ رجاءَ أن يكونَ واحدًا من جُندِها الذين وصَفَهم الحديثُ بأنهم أسلَمُ الناس وخيرُ الناس، يقولُ هذا الصحابى الجليلُ: «فلذلك قدمتُ عليكم مصرَ» أي: من أجل الالتحاق بالجُندِ المصريِّين قدمت مصر وأقَمتُ بها.

وأضاف شيخ الأزهر، "نعم هذه شهادةٌ من رسولِ الله ﷺ لجيش مصرَ بأنه الجيشُ الذى يأتى فى المرتبةِ الأولى فى الخيريَّة، وفى الثَّباتِ على الحق حين تَظهَرُ الفِتَنُ، ويَتلَجلجُ الباطلُ، وتضطربُ الأمورُ، وتَفسُدُ السياساتُ، وقد أثبَتَ التاريخُ أنَّ الجيش المصرى قديمًا وحديثًا كان أهلًا لثقةِ النبى ﷺ فيه، وتجسيدًا لشهادته له بالخير وبالثبات على الحق، وهذا ما سجَّلته وقائعُ التاريخ من أنَّ الجيشَ المصرى قديمًا هو الذى حرَّر القدسَ من الجيش الصليبيِّ، وأنَّ المغولَ الذين أبادوا الدولَ، ودمَّروا الحضاراتِ شرقًا وغربًا كانت نهايتُهم التى لم تَقُم لهم بعدَها قائمةٌ على أيدى الجيش المصري، وفى التاريخِ الحديثِ وفى حربِ العاشر من رمضان من عام 1973م، رَدَّ جيشُ مصرَ الكيانَ الصهيونى على أعقابِه وهزَمَه هزيمةً نَكراءَ، لَم يَجرُؤ بعدها أن يتحرش بجيش مصرَ ولا بالمصريِّين.. وبالأمسِ القريبِ كنتُم أيُّها الأبطالُ الأشدَّاء طوقَ نجاةٍ لمصرَ وشعبِها، حين تَآمَر عليها الطُّغاةُ والبُغاةُ والمُجرِمون، وأرادوا بها وبالعربِ شرًا مُستطيرًا، ودبَّروا لها المُؤامَرات بليلٍ، وكادت هذه الفِتنَةُ العَمياءُ وما أعقَبَها من عُنفٍ وفوضى وإرهابٍ أسود، تهدمُ بناءَ الوطنِ، وتلفُّ بظَلامِها الدامس البلادَ والعبادَ، لولا يقظَتُكم، ويقظةُ قياداتِكم الحكيمةِ، ومن ورائِها يَقظةُ الإرادةِ الشعبيَّة الجارفة لهذه المُخطَّطاتِ التى سَهِر على تدبيرِها كُهَّانُ الاستعمارِ الجديدِ، وأنفقوا مِليارات الدولارات من أجل إسقاطِ مصرَ وضربِها فى مقتلٍ. وهنا وفى هذه الفِتنةِ الجديدةِ كان جُندُ مصرَ الغربى كما وصَفَه النبى ﷺ قبلَ أربعة عشر قرنًا من الزمان: أسلَمَ الناس وخيرَ الناس.. وما أحسَنَ ما سطَّرَه الإمامُ السيوطى فى شرحِه لهذا الحديثِ فى نصٍّ بديعٍ يقولُ فيه: "فهذه منزلةٌ لمصرَ فى صدر المِلَّةِ، أي: [صدر الإسلام] فقد استَمرَّت "مصر" مُعافاةً مِن الفِتَن، لَم يعتَرِها ما اعترى غيرَها من الأقطارِ، وما زالت معدنَ العلمِ والدِّين، ثم صارت فى آخِر الأمر دارَ الخلافة، ومَحَطَّ الرِّحالِ، ولا بلد الآن فى سائرِ الأقطارِ، بعد مكة والمدينة، يَظهَرُ فيها من شعائر الدِّين ما هو ظاهرٌ فى مصر"([1]).

وأكد شيخ الأزهر الشريف، أنه إذا كان النبى ﷺ الذى لا ينطقُ عن الهوى قد شَهِدَ لجُندِ مصرَ فى هذا الحديث الصحيح بأنَّهم خيرُ الناس وأسلَمُهم، فإنَّه شَهِدَ لشعبِ مصرَ بأنه شعبٌ يَقِظ مُنتبِهٌ لمكائدِ أعدائِه إلى أن يَرِثَ الله الأرضَ ومَن عليها، و«أنهم فى رِباطٍ إلى يومِ القيامة».. وأوصى بالمصريِّين خيرًا مسلمين وأقباطًا، وأمَر أصحابَه بالإحسانِ إليهم كما ورد فى الحديث الصحيح. وهذه وصيةٌ من مُعجزاته ﷺ؛ لأنَّ فتحَ مصر كان غيبًا من الغُيوبِ حين حدَّثَ أصحابَه عن مصرَ والمصريين وأوصاهم بها وبشعبِها خيرًا وإحسانًا، ومعلومٌ أنَّ الصحابةَ فتَحُوا مصرَ فى عهدِ عُمرَ ﭬ، أى بعدَ وفاتِه ﷺ بأحد عشر عامًا.

وقال الدكتور أحمد الطيب، إنَّ مصرنا هذه – كما تعلمون حضراتُكم وتعلمُ الدُّنيا بأسرِها –بلدٌ عريقٌ، وشعبُها شعبٌ أصيلٌ، له تاريخٌ ضاربٌ فى جذور الأزمان والآبادِ، عرَك التاريخَ، وعركَتْه الأحداث، وصمَد للغُزاة والطُّغاة، وقبَرَهم فى تُرابه ومِياه نيلِه، وكم تحطَّمت على صُخوره العاتيةِ من مُؤامراتٌ حاكَتها يـدُ الغـدر والخيانة والتربُّص، ومصــرُ ليس بلدًا صنعتـه الأطماع فى ثروات الآخَرين، وسرقةُ مُقدَّراتهم، وإنما هى بلدٌ صنَعَه التاريخُ وصاغَتْه القيمُ الدِّينيَّةُ والفلسفاتُ الإنسانيَّةُ، ولشعبِها الأبى حضارةٌ سبَقت حضارات العالَم كله، حضارة عمرُها سبعةُ آلاف عام أو تزيد، ولم يُسجِّل التَّاريخ حتى هذه اللحظة حضارةً قبلَ حضارة المصريين عرَفت العلمَ والقراءةَ والكتابةَ والهندسةَ والحسابَ والكيمياءَ وفنونَ القِتَال واختراعَ الأسلحةِ وأدواتِ الحروب.

وأضاف "الطيب"، أنَّنا لنَذكُرُ أبطالَ مصر الأشِدَّاء بالإجلالِ والإكبارِ؛ شُهَداءَ قُوَّاتنا المُسَلَّحة الذين قَضَوْا فى ميادينِ الشَّرفِ والكرامةِ والجِهادِ فى سبيلِ اللهِ والدِّفاعِ عن الوطنِ، وكفى الشهداءَ تكريمًا ورفعةً وتعظيمًا ما خصَّهُم به ربُّهم من عُليَا المنازلِ فى الجِنان؛ وما أعدَّه لهم من نعيمٍ مقيمٍ: «فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» {التوبة:111}، وأيضًا ما ذكَرَه النبى ﷺ فى شأنِهم بقوله: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَؤمَّنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ»، وقوله: «لَغَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» والأحاديثُ فى فضلِ الشهادةِ والاستشهادِ كثيرةٌ يضيقُ عن ذِكرِها المقامُ..

وقام الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بتهنئة الإخوة المسيحيين بعيدِ الميلاد، قائلا، وهنا أُذكِّرُ أنَّ تَزامُنَ ميلادَى «نبى الرحمةِ محمدٍ ونبى المحبَّةِ عيسى-عليهما الصلاةُ والسلامُ» إنَّما هو بِشارةُ خيرٍ للدنيا كلِّها وللمصريِّين بأنَّ عامَنا الجديدَ هذا سيكونُ عامَ رحمةٍ ومحبَّةٍ وخيرٍ وبركةٍ على مصرَ وشعبِها - إن شاء الله -.

وختم شيخ الأزهر الشريف كلمته بالتأكيدِ على أنَّ الأزهر يقفُ إلى جوارِكم فى معركةِ حفظِ الوطنِ والبِنَاءِ، ومعركةِ التصدِّى للإرهاب، وأظنُّكم تَتَّفِقُونَ معى فى أنَّ مواجهةَ التَطرُّفِ والغلوِّ والعُنفِ بِسلاحِ الكلمةِ والفكرِ والرأى لا تقلُّ خَطَرًا عن مُواجَهتِه فى مَيادين القِتَالِ وساحاتِ المَعارِك.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة