إياك إياك الوقوع فى دماء المسلمين فإن مما علم من الدين بالضرورة وتواترت به الأدلة من الكتاب والسنة حرمة دم المسلم، فإن المسلم معصوم الدم والمال.
ولا شك أن حرمة دم المسلم يكفى فى بيان خطورتها ما ورد من ترهيب مخيف فى سفك دم المسلم بغير حق، ولا شك أن حرمة دم المسلم مقدمة على حرمة الكعبة المشرفة، بل حرمة دم المسلم أعظم عند الله – عز وجل من زوال الدنيا . ورسولنا صلى الله عليه وسلم نهى المسلم أن يحمل (السلاح) فى المسجد أو فى مجامع الناس إلا أن يكون متأكدًا منه – أنه لا ضرر فى حمله ولا يهدد مسلماً بأى سبيل.
وليس فى شريعة الإسلام أن يتآمر المسلم على قتل أخيه، وأن يخونه ويغدر به، ولا يحل دمه إلا فيما نص عليه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والمارق من دينه التارك للجماعة). وهؤلاء لا يحل قتلهم إلا بعد محاكمتهم قضائيا وثبوت التهمة عليهم بالبينة أو الإقرار، وليس لأحد أن يقوم بذلك سوى رجال القضاء، حتى يأمن الناس على أرواحهم، وتجرى العدالة فى مجراها المستقيم، وما جاء فى تحريم العدالة فى مجراها المستقيم، وما جاء فى تحريم قتل المسلم ما يلى: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم برىء). وقال صل الله عليه وسلم: (إن هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه). وقال: (لو أن رجلاً قتل بالمشرق، وآخر رضى بالمغرب لا شرك فى دمه). وقال صل الله عليه وسلم: (إذا التقى المؤمنان بسيفهما فالقاتل والمقتول فى النار) – قال – فقلت يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: (إنه كان حريصًا على قتل صاحبه)، وبلغ من خطورة القتل عند الله، أنه أول ما يقضى فيه من حقوق الناس، قال صل الله عليه وسلم: (أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس فى الدماء). وكان من رأى ابن عباس: أن المسلم اذا قتل مسلما متعمدًا، ثم تاب واهتدى، لا تقبل توبته، إذ يقول حين سئل عن ذلك: (وأنى له التوبة؟) سمعت نبيكم يقول: (يجىء المقتول متعلقا بالقاتل، تسيل عروق عنقه دما، فيقول: أى رب سل هذا فيم قتلنى؟) ثم قال ابن عباس: لقد نزل قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا). ونص آيات الفرقان: (والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا) . وان كان جمهور العلماء يرى قبول التوبة الصادقة من التائب مطلقا، عملاً بقوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) . وبقوله: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) فقد دعا الله فيها عصاة المؤمنين جميعا إلى التوبة ليفلحوا، ولم يفرق بين تائب وآخر، فدخل فى هذا العموم القتلة، ولكن عليهم أن يسترضوا أهل القتيل ان أمكن، فان لم يمكن، فلعل الله تعالى اذا صحت توبة القاتل، أن يرضى من قتله يوم القيامة يسنى الدرجات ويجعله بذلك يعفو عن قاتله الذى ندم وتاب إلى الله، وأناب واستقام على الطريق السوى، ولكن عليه أن يكثر من الاستغفار والصدقة على قتيله، والندم الشديد على جريمته.
ورقة وقلم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة