شوارع ضيقة، ورش ومبانٍ متلاصقة، أصوات براميل وماكينات صباغة الجلود وعمال تحمل ملابسهم علامات مهنة جمع ودباغة الجلود من مريلة جلدية وحذاء بلاستيك، يتصبب العرق من وجوههم، يحملون فضلات الجلود والشعر، ومخلفات الصباغة، ووجوههم تظهر بصعوبة من بين أكوام الجلد المملح ليخبرك عن سر حفظ الجلود لفترات طويلة دون أن يصيبها النتن، حتى ينتهى من تجهيزه ليخرج جلدا جاهزا للتصنيع فهى صناعة لها أصولها وأسرارها، ووسط الأصول والأسرار حكايات لعمال بلا تأمين أو معاشات، يعملون فى مصابغ ومدابغ بعضها عفا عليه الزمن وتهالكت جدرانها حول ماكينات مر عليها سنوات تحملوا فيها انهيار مشقة المهنة وانهيار شبكات الصرف الصحى فيها واعتادوا على رقص الباليه أمام بلاعاتها.
إحدى مراحل تصنيع الجلود فى مدبغة حديثة بمصر القديمة
للوهلة الأولى فى منطقة المدابغ بمصر القديمة سترى أول حلقة فى صناعة دباغة الجلود وهى جمعها وتصنيفها ثم تمليحها، وتجهيزها لتدخل مراحل التنظيف والتهذيب والصباغة والتجهيز للتصنيع والتى تنتشر فى كل مكان محمولة على عربات كارو وتعتبر الوسيلة الوحيدة للتنقل داخل منطقة تحتوى على 80% من إنتاج مصر من الجلود.
عالم خاص يحمل الكثير من الأسرار عند الدخول إليه ترى عربات الكارو متراصة صفا واحدا وبجوارها السائقون والحمالون، منهم من يحمل الجلود على العربة لنقلها إلى مخازن تمليح الجلد، ومنهم من ينتظر من يطلب منه النقل ومنهم من يحمل "السلايت" وهو القشرة الخارجية لجلد الجاموس أو البقر ليصنع منها الجيلاتين المستخدم فى الحلويات.
وقف عم حسن محمد أحمد الشلاقنى، سائق كارو، والشهير باسم "حسن بيدو" يحكى لك حكاية أقدم مدبغة بالمنطقة قائلا "كانت ملك الخواجة جبرا ظريفة وهو يهودى الجنسية وهاجر مصر وترك خلفه عدة مدابغ حملت بعد ذلك أسماء مصريين ممكن كانوا يعملون فى هذه المدابغ ثم بعد ذلك تحولت المنطقة، إلى مركز لدباغة الجلود ومع الحركة والشغل نقف على بوابات السور فى انتظار من يطلب سيارة للنقل، فهى مهنتنا من قديم الأزل نستخدم العربات الكارو التى تجرها الخيول فى نقل الجلود من المدبغة إلى خارج المدبغة، كما نقوم بنقل فضلات الجلود لمصانع الغراء، وبنشتغل من غير مرتب ولا تأمين ولا أى حاجة إحنا كلنا أرزقية على باب الله".
حكايات الأهالى عن حفظ حقوق المستثمرين وتجاهل حقوق العمال
بجوار عم حسن جلست زوجته تصنع الشاى والأكل للعمال من أبناء المنطقة وفور رؤيتنا تركت مكانها بسرعة شديدة متجهة لنا "أنتو جاين عشان النقل، احنا مش هننقل هننقل نروح فين مالناش مكان فى الروبيكى واكل عشنا وحياتنا هنا، احنا صحيح مش أصحاب مدابغ لكن احنا من هنا ومن حقنا زى ما أصحاب المصانع هيخدوا أرض وسكن إننا كمان نلاقى حد يدور علينا".
وهنا تبكى زوجة عم حسن قائلة "أنا فقدت عيل من عيالى هنا فى الحته دى وبنام وبعيش هنا لما هتقلوهم احنا نموت من الجوع ولا لازم يبصولنا بعين الرحمة شوية جات المحافظة واخدت ورق الناس اللى متأمن عليهم بس وسابونا، اومال بيقولوا ثورة وعدالة إيه" .
مدخل منطقة المدابغ خلف سور مجرى العيون
على بعد خطوات وبالتحديد يسار شارع قبلى العيون ستجد أقدم مدبغة فى المنطقة وهى مدبغة "فلفل" لن تنتظر ليخبرك أحد بذلك لكن بمجرد النظر إليها من الخارج سيخبرك نوع الطوب المستخدم وطريقة البناء بأفلام الأربعينيات عن المدابغ وتعليق الجلود على جريد النخيل ونشره على سور المدبغة لتجف فكل المراحل فيها يدوية لم تطولها يد التطوير بعد.
رقص الباليه أمام بلاعات المدابغ القديمة بسبب الصرف
ستخبرك "البلاعة" التى توجد بمدخل المدبغة عن طريقة الصرف الصحى للمياه ومخرات الصرف التى حفرت فى الأرض ممرات حتى البلاعة ستتضطر أن ترقص الباليه حتى تدخل داخل المدبغة وفجأة ستجد ثلاثة براميل خشبية أسطوانية تتحرك على شكل الساقية رأسى وعليها نتوءات لتعليق الجلد عليها ثم أكوام الجلد المتراصة فوق بعضها لتجهيزها لمراحل العمل.
على ماكينة "المقلوبة" فى صدارة الورشة يقف إبراهيم حامد
المكان بالداخل عبارة عن سراديب لا يعرف مداخلها وخارجها سوى العاملين بها وإن سعدك الحظ وصعدت للدور الثانى ستجد غرفا خشبية بها عمال من كل شكل ولون يجلسون وينظفون الجلد وآخرون يقصوه ويفصلوه وفى الغالب يكون الكبير بتاع الورشة وهو كان مجدى خليل ذو الـ53 عاما يحيك المفارش والسجاد والآيات القرآنية والمحافظ الجلدية ليبيعها إلى شرم الشيخ والحسين من الشاموزيت الخاص بجلد البتلو الصغير واللبنانى.
ويقول مجدى خليل، مستأجر مدبغة فلفل "إن وضع المدابغ أصبح الآن أسوأ بسبب غلاء الأسعار وجشع المستوردين والاعتماد على معدات فرز تانى وثالث أثرت على إنتاجية الجلود، كما أن المدبغة تعمل بالماكينات التى عملت بها منذ نشأتها ولم يتم تطويرها لأن شراء الماكينات أمر مكلف للغاية".
وعن المشاكل التى يتوقعها خليل فى منطقة الروبيكى، يقول: "قرار النقل لم يراع المستأجرين ولم يحدد أوضاعهم بعد النقل، فكل ما سنحصل عليه تعويض صغير، كما أننا نحصل على الجلود مباشرة من السلخانة وفى ظل ابتعاد منطقة الروبيكى من الممكن أن يصاب الجلد ببكتيريا تؤثر على جودته والصناعة وعملنا يعتمد على البيع بالأجل وكثير من معارض ومحالات الجلد أغلق، وفى الشهر ننتج 120 قطعة نظرا للظروف الاقتصادية، فالديون زادت علينا كما أن مشاكل الصرف الصحى ونقص الخدمات وانقطاع التيار الكهربائى أدت إلى تلف بعض البراميل فى المدبغة، مما يؤثر على الإنتاج، ليس فى مدبغتنا وحدها لكن فى جميع الورش".
عمال المدابغ من مصر القديمة بلا تأمين أو معاشات
ويضيف خليل: "هناك أسر كاملة تعمل فى دباغة الجلود وأغلبهم يسكن فى منطقة مصر القديمة دون أى تأمينات أو معاشات أو وضع مستقر للعامل الذى يتعرض إلى إصابات عمل دون تعويض، والمعلم عايز شغله يخلص وخلاص حتى لو هايرمى العامل عضم، لو البرميل لف على إيد العامل وإيده اتقطعت محدش هيسأل فيه. أعرف عمال كانوا محترفين فى الشغلانة ودلوقتى بيتسولوا لأن مفيش معاش ومبقاش لهم شغل بعد ما كبروا فى السن وعلى الرغم من المعاناة التى يلقاها العمال فى المدابغ فإن هناك بعض المصانع الكبرى لجأت لتشغيل عمالة هندية للإشراف على العمال المصريين وتعليمهم أساليب جديدة فى دباغة الجلود، خاصة بعد غلق معهد دباغة الجلود منذ عشرين عاما، وهو المكان الذى كان مسئولا عن تخريج مشرفين وعمال محترفين فى هذه الصناعة".
محررة اليوم السابع مع أقدم "عربجى" فى مدابغ مصر القديمة
وعلى ماكينة "المقلوبة" فى صدارة الورشة يقف إبراهيم حامد ذو الخمسين عاما من سكان كوم غراب بمصر القديمة ويعمل بالورشة منذ أن كان عمره 6 سنوات يقول لك حكاية هذه الماكينة التى لا يمكن نقلها لأنها أصبحت جزءا من المكان.
دباغة الجلود صناعة لها أصولها وأسرارها
أما صابر زكريا فهو أقدم عامل فى مدبغة فلفل وقف يحكى كافة مراحل العمل فى التعليق على البراميل للتجفيف والكروم والصباغة ووضع الجير ومياه النار التى يمكنك أن تشم رائحتها بمجرد دخولك المدبغة ويصطحبك فى جولة داخل المدبغة لترى عمال لا تتجاوز يوميتهم 50 إلى 70 جنيها، ولا يوجد لديهم مواسم وتحسب يوميتهم بالإنتاج ويعمل أكثر من 12 ساعة ويتعرض لإصابات كثيرة وليس له حقوق لا تأمينات ولا معاشات.
ستخرج من مدبغة فلفل تاركا خلفك أعتق مدبغة، لكن هناك أيضا الكثير من المدابغ التى تحمل نفس اللقب الأقدم مثل مدبغة سراج عمار والجباس والخطيب وأبو العينين، لكن لك مدبغة طبيعتها الخاصة فمنهم من طور مدبغته ومنهم من أبقاها على حالتها فمنطقة المدابغ بمصر القديمة تحتوى على ورش ومصانع لدباغة الجلود ومخازن لتمليح الجلود وورش لصناعة البراويز الخشبية، بالإضافة إلى مصانع الغراء والجلاتين يصل عددها إلى 1100 ورشة، يعمل فى هذه المنطقة أكثر من 100 ألف عامل على حسب ما أكده الحاج محمد حربى رئيس غرفة صناعة دباغة الجلود.
100 عام عمر المدابغ وأقدم مدبغة كانت ملك يهودى
مائة عام هى عمر منطقة المدابغ بمصر القديمة وأغلب العاملين وأصحاب الورش توارثوا هذه المهنة من آبائهم ونقلوها لأبنائهم، فهناك ورش ترجع فى إنشائها إلى الثلاثينيات وتولت إدارتها أجيال كثيرة من بينها مدبغة (الحاج بيومى القط) التى تم إنشاؤها عام 1937 وكانت من أكبر المدابغ فى المنطقة كانت تحتوى على 12 ماكينة تهالكت وتبقى منها 3 ماكينات وأصبح عدد العاملين بها 7 أفراد فقط يعملون من 8 صباحا حتى 8 مساء.
وفى مدبغة الحاج حربى الذى يديرها اثنان من أولاده اتخذ محمد حربى ابنه مهنة دباغة الجلود مصدر لأكل العيش وبحث وتطور المهنة فداخل المدبغة التى بناها على 6 أدوار بشكل رأسى كل دور به ماكينات حديثة من الخارج، بعد استعانته بخبراء أجانب لتصميم المدبغة فكل شىء فيها إلى باستنثناء العمال الذين لايمكن الاستغناء عنهم.
مدبغة الريس حربى طورها واستقدم لها خبراء من أوروبا
الحاج محمد حربى روى لليوم السابع حدوتة النقل منذ التفكير فى إعادة بناء وتطوير الشركات الصناعية فى تلك الصناعة أمرا مهما استدعى إصدار قرار عام 1992 بنقل المدابغ إلى خارج القاهرة، ولكن لم يتم تنفيذه إلى أن جاء قرار حاتم صالح، وزير الصناعة السابق، بضرورة نقل المدابغ إلى منطقة الروبيكى بمدينة بدر الصناعية، التى تبتعد عن القاهرة أكثر من 45 كيلومترا وقرار نقلنا إلى منطقة الروبيكى يهدد بتشريد آلاف العاملين، لكننا لن نمانع فيه.
ويضيف محمد حربى، أن آخر شىء وصل لنا عن قرار النقل، هو اعتماد وزارة المالية ووزارة الصناعة 311 مليون جنيه والمشروع يحتاج 2 مليار لاستكماله حيث إن المنطقة بها 1100 مدبغة وورشة بمساحات مختلفة تبدء من 120 مترا إلى 15 ألف متر، والمحافظة لم تنته سوى من 29 ورشة فقط، وقرار النقل سيفيد البلد كلها من صحة وسياحة فالمنطقة أثرية وتركها سيترك للمحافظة فرصة استثمارها، والنقل يحتاج توفير امتيازات للعمال وأصحاب الورش من توفير شبكة مواصلات وسكن للعاملين ونوادى اجتماعية وخدمات فأصحاب الأعمال يصل عددهم 25 ألف شخص والعمال حوالى 75 ألفا على حسب آخر حصر للمنطقة من وزارة الصناعة والمحافظة ونحن قلنا ذلك لرئيس الوزراء خلال زيارته للمنطقة.
وأضاف محمد حربى أن "المحافظة أنهت البنية التحتية لمنطقة الروبيكى لـ29 منشأة فقط والباقى أين لا نعرف، ورئيس الوزراء زار المنطقة بعد تصريح محافظ القاهرة أنه أنهى 80% من نقل الروبيكى، ولكن لم تحل مشاكل العمال وعلى الدولة أن تساعدنا فى إعطائهم حقوقهم فكل العمال يسكنون قريبا من المنطقة وحين يتم نقلهم إلى الروبيكى لابد من توفير وحدات سكنية لهم لأنه لا يمكن أن يتحمل العامل مشقة الذهاب والعودة للوربيكى، ولولا الثورة كان المشروع انتهى وأعتقد أنه ما زال هناك 3 إلى 5 سنوات حتى يتم النقل".
ويقول كمال قيراط، 45 عاما، صاحب ورشة، إن معهد دباغة الجلود تم إنشاؤه فى 1944 تخرج فيه عدد كبير من العمال، ويعطى شهادة معهد فنى صناعى بعد الشهادة الإعدادية، وكان يهدف إلى تطوير صناعة الجلود وأصبح الآن مجرد مبنى مهجور ومتهالك ومعرض للانهيار، «ورغم مطالبتنا بإعادة فتحه مرة أخرى فإن أحدا لم يستجب، ولذلك قام بعض أصحاب المدابغ من المصدرين بتشغيل عمالة من الهند كفنيين لدباغة الجلود والإشراف على العمالة فى المدابغ وتعليم العمال أساليب جديدة فى الصناعة».
العمالة الهندية وصلت فى العمل بالمدابغ
لا يتجاوز عدد الهنود العاملين فى منطقة المدابغ الـ10 أفراد من بين هؤلاء راو المشرف الهندى فى أحد المصانع الكبرى، جاء إلى مصر منذ 6 أشهر للعمل كمشرف فنى على العمال، يقول إنه يعمل فى مصانع الجلود لوضع نظام موحد فى هذه الورشة ووضع اللمسات الأخيرة على المنتجات، مشيرا إلى أنه يعتقد بكفاءة العامل المصرى، ولكن المشكلة تكمن فى عدم وجود نظام أو أجهزة متطورة فى هذا المجال.
انهيار شبكات الصرف الصحى بالمدابغ
ويوضح كمال قيراط أن تشغيل مشرفين هنود للعمل فى المدابغ كان من تبعات إغلاق المعهد، حيث اكتشف المصدرون أن هناك عيوبا فى الصناعة ولجأوا للخارج لتفاديها، كما أن آخر دفعات المعهد لم يعودوا مطلعين على تقنيات الدباغة الحديثة. بالمقابل يرى عامر السيد، صاحب ورشة، أن النقل لمنطقة الروبيكى يضمن تحديث الورش وتوسيعها بعيدا عن العشوائية التى تضرب المنطقة، يضيف: «أنا حابب أوسع الورشة ولكن الشوارع العشوائية وسوء التخطيط بالمنطقة لا يساعدانى على التوسع، وبسبب أزمة الصرف الصحى يوجد فى الورشة 5 براميل للدباغة لا يمكن تشغيلها فى نفس الوقت، نظرا لانهيار شبكات الصرف منذ أكثر من 17 عاما»، مطالبا فى الوقت ذاته بأن تكون وزارة الصناعة وليس محافظة القاهرة هى المسؤول على نقل الورش. تعد عملية تمليح الجلد هى المرحلة الأولى فى الدباغة.
يجمع مصطفى السيد 22 عاما، أحد العاملين فى مخزن لتمليح الجلود بعد سلخها فى المخزن الخشبى الممتلئ بالملح، حيث يتم وضع كميات كبيرة من الملح على قطع الجلد لضمان قتل أى ميكروبات أو فيروسات قد تصيب الجلد وتركها داخل المخزن لمدة أيام حتى تجف وتصبح قابلة للنقل إلى ورش الدباغة لبدء التصنيع.
الحاج كمال قيراط ذو السبعين عاما، الذى يعد من أقدم العاملين فى المدابغ، حيث يعمل فى دباغة الجلود منذ عام 1956، اكد أن المنطقة تفتقد أبسط أنواع الخدمات، فشبكات الصرف الصحى متهالكة والكهرباء والمياه تنقطع بين الحين والآخر، وأيضا أغلب أراضى الوحدات مأخوذة بنظام وضع اليد بدون أوراق ملكية، وأغلب المدابغ مدينة بفواتير الكهرباء والمياه وأصحابها مهددون بالحبس بسبب محاضر سجلتها عليهم مديرية البيئة. ومع انتشار مصانع الدباغة والأنشطة المكملة لها ومع الزيادة السكانية،
مشروع الروبيكى تجاهل الصناعات الصغيرة المرتبطة بالمدابغ
مشروع مدينة الروبيكى الجديدة تجاهل أصحاب مصانع الغراء والجيلاتين، ولم يوفر لهم بديلا عن مصانعهم فى منطقة مصر القديمة على الرغم من أن مصانعهم تقوم على فضلات الجلود وتعد المصدر الوحيد لمادة الغراء والجيلاتين المحلى.
زوجة الحاج حسن الشلاقنى تبيع الشاى والأكل للصنايعية
يقول عبد الكريم محمود، صاحب مصنع غراء وجلاتين: «الحكومة لا تهتم بمصانع الجلاتين والغراء وتعتبرها (صناعة مهملات)، حيث تعتمد على المهملات التى تخرج من الجلود ولم يتم وضعها ضمن غرفة دباغة الجلود أو تؤسس لنا غرفة خاصة فى اتحاد الصناعات، ولهذا بالتالى لا نقوم بتصدير منتجاتنا بشكل مباشر، بل نقوم ببيع الجلاتين إلى المصانع والشركات الكبرى وتتم إعادة تصنيعها أو تصديرها من خلال وسيط».
تجارة الملح المستخدم فى تجفيف الجلود قبل دخوله للدباغة
يذكر كمال قيراط أنه كان عضوا فى الاتحاد الاشتراكى فى الستينيات، وحارب للحصول على حقه فى التأمين والعلاج، وغيرها من الحقوق التى يكفلها مكتب العمل، ودخل الجيش بعد عام 1967 وبمجرد خروجه بعد حرب 1973 فوجئ بأنه ليس له تأمين أو عقد يثبت عمله فى المدابغ، وكان رد مكتب العمل عليه فى هذا الوقت أن «عقدك وتأميناتك صورية» فهو فى هذه السن، ومازال يعمل مشرف عمال فى إحدى المدابغ دون الحصول على معاش بعد كل هذه السنوات من العمل فى المدابغ.
يرى كرم العجاتى، أحد العاملين فى دباغة الجلود منذ 40 عاما، وصاحب الخبرة الطويلة بالمواد الكيماوية التى يتم استخدامها فى دباغة الجلود من الكروم والصوديوم والجير وغيرها من المواد الكيماوية، ويرى أن الكيماويات المغشوشة التى يتم استيرادها من الصين من أكبر أخطر المشاكل التى تهدد المهنة، فهذه المواد قد تؤدى إلى مشاكل جلدية وغيرها.
صابر يشد الجلود لمعرفة هل جفت أم لا
ومع الأسف تحصل أغلب ورش المدابغ على الفرز الثانى والثالث من المواد الكيماوية، فى الثمانينيات والتسعينيات كانت الكيماويات التى نستخدمها فرزا أول، وكنا نستوردها من ألمانيا وإيطاليا وغيرهما، ولكن فى السنوات الأخيرة أصبح الاستيراد كله من الصين، مما أثر على جودة المنتجات نسبيا».
الوزارة تفاوضت مع كبار المستثمرين وتجاهلت أصحاب الورش
ويرصد العاملون بمنطقة المدابغ تجاهل الدولة لهم قائلا "الوزارة تفاوضت مع كبار المستثمرين وتجاهلت أصحاب الورش ورفض العاملون بمنطقة مدابغ مصر القديمة قرار حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة الخارجية السابق، نقل منطقة المدابغ إلى مدينة بدر بالروبيكى وهى المنطقة التى خصصتها الحكومة بالمنطقة الصناعية فى مدينة بدر، حيث تم تخصيص مساحة 350 فدانا للصناعات كثيفة العمالة غير المخططة مثل صناعة دباغة الجلود، بهدف زيادة الإنتاج من 3 مليارات جنيه مصرى إلى 10 مليارات جنيه. ووقتها عدد من نواب مجلس الشورى المنحل تقدم بطلبات مناقشة إلى لجنة الصناعة بالمجلس، حول قرار وزير الصناعة حاتم صالح بنقل المدابغ إلى منطقة الروبيكى بمدينة بدر، رغم عدم الانتهاء من إنشائها لاستيعاب هذه الصناعة ومازال الوضع كما هو إلى ان توفر الحكومة باقى التمويل اللازم لإنهاء المنطقة.
محافظ القاهرة انتهاء المرحلة الأولى بنسبة 80% ويمكن النقل وإخلاء المدابغ
ومن جانبه، قال الدكتور جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، إنه جار تنفيذ مدينة الجلود الجديدة بالروبيكى، بإشراف هيئة التنمية الصناعية، حيث انتهت مرحلتها الأولى بنسبة 80% و يمكن نقل المدابغ إليها وإخلاء المنطقة الحالية وتطويرها بحيث تتناسب فى وضعها الجديد ووجودها فى منطقة من أهم المناطق التراثية فى مصر وخلف سور مجرى العيون، وكذلك القضاء على مظاهر التلوث البيئى بأنواعه وإنقاذ نهر النيل من نواتج عملية الصباغة البدائية التى تتم بالمنطقة بالإضافة إلى تطوير صناعة الجلود فى مصر بشكل عام بإنشاء مجمع صناعى متكامل لهذا الغرض.
ابنة صابر تلهو بالجلود
وأوضح المحافظ، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن تكليفات رئيس الجمهورية فى ملف نقل منطقة الروبيكى ، يشدد على إيجاد مدخل سريع لتطوير المنطقة مع التأكيد على عدم الإضرار بسكان المساكن القديمة- معظمهم من المستأجرين- وبحيث يتم توفير مساكن لهم فى نفس المنطقة قبل المساس بمساكنهم وهو نفس الأمر الذى أكد عليه المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء فى اجتماع سابق لنفس الغرض حيث كلف فيه الوزراء ومحافظ القاهرة بعرض مدخل عملى وسريع لتطوير المنطقة، كما تناول الاجتماع تطوير منطقتى أثر النبى والمدابغ.
التثبيت اليدوى للجلود لتهذيبه وتجهيزه للتصنيع
وأشار محافظ القاهرة الدكتور جلال سعيد إلى إنتهاء أعمال البنية التحتية بالاضافة إلى إنتهاء 32 وحد من أصل 180 وحدة، أن حجم استثمارات المشروع تصل إلى مليار و600 الف جنيه قابلة للزيادة، مؤكدا أن المشروع يهدف إلى تطوير قطاع دباغة الجلود وتعظيم دوره للوصول إلى انشاء مدينة صناعية للجلود تستطيع ان تنافس المنتجات الاوربية، بالاضافة إلى دور المنطقة الصناعية فى تدعيم قدرات مصر التنافسية فى هذا المجال، بما يحقق زيادة الصادرات منها، ويتيح المزيد من فرص العمل الجديدة، فضلا عن الحد من التلوث الناتج عن نشاط الدباغة بمنطقة مجرى العيون بمصر القديمة، والحفاظ عليها كقيمة تاريخية.
عامل نقل "السلايت" قشر الجلود تمهيدًا لتصنيعها للحلويات
قال الدكتور جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، أن تكليفات رئيس الجمهورية فى ملف نقل منطقة الروبيكى ، يشدد على إيجاد مدخل سريع لتطوير المنطقة مع التأكيد على عدم الإضرار بسكان المساكن القديمة- معظمهم من المستأجرين- وبحيث يتم توفير مساكن لهم فى نفس المنطقة قبل المساس بمساكنهم وهو نفس الأمر الذى أكد عليه المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء فى اجتماع سابق لنفس الغرض حيث كلف فيه الوزراء ومحافظ القاهرة بعرض مدخل عملى وسريع لتطوير المنطقة، كما تناول الاجتماع تطوير منطقتى أثر النبى والمدابغ.
أحد العمال بالمدابغ ينقل الجلود بعد أن جفت لتصنيعها
وأوضح محافظ القاهرة الدكتور جلال سعيد، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أنه جار تنفيذ مدينة الجلود الجديدة بالروبيكى، بإشراف هيئة التنمية الصناعية، حيث انتهت مرحلتها الأولى بنسبة 80% ويمكن نقل المدابغ إليها وإخلاء المنطقة الحالية وتطويرها بحيث تتناسب فى وضعها الجديد ووجودها فى منطقة من أهم المناطق التراثية فى مصر وخلف سور مجرى العيون، وكذلك القضاء على مظاهر التلوث البيئى بأنواعه وإنقاذ نهر النيل من نواتج عملية الصباغة البدائية التى تتم بالمنطقة بالإضافة إلى تطوير صناعة الجلود فى مصر بشكل عام بإنشاء مجمع صناعى متكامل لهذا الغرض.
كتابة الآيات القرآنية على الجلود إحدى الصناعات الصغيرة فى المدابغ
وأشار محافظ القاهرة الدكتور جلال سعيد إلى انتهاء أعمال البنية التحتية بالإضافة إلى انتهاء 32 وحدة من أصل 180 وحدة، أن حجم استثمارات المشروع تصل إلى مليار و600 الف جنيه قابلة للزيادة، مؤكدا أن المشروع يهدف إلى تطوير قطاع دباغة الجلود وتعظيم دوره للوصول إلى انشاء مدينة صناعية للجلود تستطيع ان تنافس المنتجات الاوربية، بالاضافة إلى دور المنطقة الصناعية فى تدعيم قدرات مصر التنافسية فى هذا المجال، بما يحقق زيادة الصادرات منها، ويتيح المزيد من فرص العمل الجديدة، فضلا عن الحد من التلوث الناتج عن نشاط الدباغة بمنطقة مجرى العيون بمصر القديمة، والحفاظ عليها كقيمة تاريخية.
محررة "اليوم السابع" تستمع لصابر زكريا أقدم عامل فى مدبغة يدوية عن مشكلات المنطقة
الجدير بالذكر أن المشروع مقام على مساحة 517 فدانا، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل الأولى منها تمثل 30% وتم الانتهاء من كافة مرافقها وشبكاتها بنسبة 100% داخليا وخارجيا لتوصيل المياه من المحطة الرئيسية بالعاشر من رمضان ومحطة توصيل الغاز الطبيعى والمتبقية على التوصيل للمواقع بعد الاستلام وشبكات ومحطات معالجة الصرف الصحى والصرف الصناعى وكذلك محطة معالجة استخدام الكروم وإعادة استخدامه، إضافة إلى أنه تم الانتهاء من 90% من البنية التحتية، وجار حاليًا التنسيق بين محافظ القاهرة ووزارة الصناعة لتوفير كافة الخدمات من مساكن ومدارس ومستشفيات لخدمة المشروع، فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة على اتخاذ كل الإجراءات العاجلة للانتهاء من تنفيذ هذا المشروع فى أقرب وقت ممكن حتى يتسنى نقل مدابغ مصر القديمة إلى موقعها الجديد فى مدينة الروبيكى حيث إن رئيس الجمهورية السابق عدلى منصور، قد أصدر قرارا جمهوريا، بالموافقة على إعادة تخصيص مساحة 398.62 فدانًا من الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة، منها مساحة 143.37 فدانًا نقلاً من الأراضى المملوكة للقوات المسلحة، لصالح وزارة التجارة والصناعة والاستثمار، لاستخدامها فى إقامة منطقة صناعات متطورة لدباغة الجلود، ونقل وإعادة توطين مدابغ مصر القديمة.
أحد عمال المدابغ يروى مأساته مع محافظة القاهرة
والجدير بالذكر أن المشروع مقام على مساحة 517 فدانا، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل الأولى منها تمثل 30% وتم الانتهاء من كافة مرافقها وشبكاتها بنسبة 100% داخليا وخارجيا لتوصيل المياه من المحطة الرئيسية بالعاشر من رمضان ومحطة توصيل الغاز الطبيعى والمتبقية على التوصيل للمواقع بعد الاستلام وشبكات ومحطات معالجة الصرف الصحى والصرف الصناعى وكذلك محطة معالجة استخدام الكروم وإعادة استخدامه.
جانب من منظومة عمل الدباغة فى المدابغ
عامل يقف فى المدبغة
محمد حربى رئيس غرفة دباغة الجلود خلال لقائه بـ"اليوم السابع"
مرحلة من مراحل الدباغة قبل الأخيرة تمهيدًا لصباغتها
ماكينة حديثة بمدبغة الريس حربى بعد تطويرها
تنزيل السلايت فى أجولة من الدبغة تمهيدا لنقله
ترتيب الجلود فوق بعضها بعد أن جفت
بالصور.. أصول وأسرار دباغة الجلود فى مصر القديمة.. "جبرا ظريفة" صاحب أقدم مدبغة.. الإهمال وانهيار شبكات الصرف يضرب المنطقة بالرغم من احتوائها على 80% من إنتاج مصر.. والعمال بلا تأمين أو معاشات
الإثنين، 19 يناير 2015 08:01 م
مراحل تصنيع الجلود
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة