السلام من الألفاظ، التى تشتاق إليها القلوب، وترنو إليها الأبصار وتأنس بها النفوس، وترتاح لها الأفئدة فهى مطلب كل حى وغاية كل من يبحث عن الأمن والأمان.. وكيف لا والسلام يحقق الأمان والأمن للإنسان والبشرية جمعاء.. ولا يخفى على العقلاء أهمية السلام فى زمن الحروب والفتن والاضطرابات، ومن المعلوم أن البشرية على مدى تاريخها عانت الكثير من ويلات الحروب والدمار والهلاك.
إذا تأملنا حال القبائل العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم نجد الحروب بين القبائل على أتفه الأسباب، والصراعات على أشدها.. من هنا جاء الإسلام ليخرج الناس من هذه الحياة التعسة، وينقلهم إلى واحة السلام والأمن والأمان.. ومن يتأمل آيات القرآن الحكيم يدرك كيف حض الإسلام على السلام ورغب فيه حتى مع أعداء الإسلام، مما يزيل شبهة أن الإسلام انتشر بحد السيف، أو أنه دين إرهاب، كما نرى فى هذه الأيام من حملات شرسة ومسمومة ضد الإسلام والمسلمين، بنظرة هادئة متزنة منصفة نرى أن الإسلام هو دين الأمن والسلام، آيات القرآن الكريم ذكرت السلام ومشتقاته مائة وأربعين مرة، أما لفظة الحرب ذكرت ست مرات، وهذا دليل وواضح وبرهان ناصع على أن الإسلام هو دين السلام.. والفرق بين العددين يوضح أيضا نظرة الرسول للأمور ففى معظم أحواله صلى الله عليه وسلم، كان يبحث عن الطرق السلمية للتعامل مع أعداء الدين.
ويحرص على تجنب الحرب.. على سبيل المثال فى الآية الكريمة قال الله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) الأنفال (61) هذه الآية تبرهن بشكل قاطع على حب وحرص المسلمين على السلام وتجنب الحرب. والأحاديث النبوية الشريفة فيها الكثير الذى يدعو للسلام ويحض عليه ويرغب فيه.. قال رسول الله حق المسلم على المسلم خمس منها رد السلام.. وجاء رجل إلى رسول الله وسأله أى الإسلام خير قال تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت وما لم تعرف.. ومما يوكد أهمية السلام أن البارى أطلقها على ذاته المقدسة فسمى به نفسه، لأن من أسمائه اسم السلام. وسمى الدين الذى ختم به الأديان باسم الإسلام، وطريق الحق الذى يوصل لدار السلام هو السلام، ومن حقوق المسلم على المسلم رد السلام.
كما أن الإسلام جعل السلام شعارا له واختاره تحية للمسلمين، حيث إن المسلم إذا القى السلام قال السلام عليكم، وتحية الله للمومنين تحية سلام (تحيتهم يوم يلقونه سلام) (الأحزاب44) وتحية الملائكة للمومنين فى الآخرة السلام( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) (الرعد 23-24) والصلاة تنتهى بالسلام، ومن أسماء الجنة دار السلام، وأهل الجنة لا يتحدثون بلغة غير لغة السلام.
فالسلام بمعناه السلمى أمنية غالية، ورغبة أكيدة يتمناها كل إنسان يعيش وسط هذه الحياة. ما أحوجنا فى هذه الأيام التى يموج بها عالمنا من حروب واضطرابات أن نستحضر معانى الإسلام كما جاء بها الإسلام، فالسلام عندما يسود العالم ينتشر الأمن والهدوء يتحقق الاستقرار، وتتقدم الشعوب وتزدهر التنمية ويعم الرخاء، إن الإسلام هو بحق دين السلام رغم حقد الحاقدين وحسد الحاسدين.
د.عماد الدين إبراهيم عبدالرازق يكتب: عندما يسود السلام
الإثنين، 19 يناير 2015 02:11 م
صورة أرشيفية