صدرت فى سلسلة "روايات الهلال" رواية "مثل ترنيمة.. قناع هندى لحياة دستويفسكى" للكاتب الهندى بيرومبادافام سرى دهاران وترجمة الشاعر المصرى محمد عيد إبراهيم.
والرواية نموذج للعمل الفنى المحكم والممتع، حين يتناول فترة قاسية من حياة كاتب معروف، وربما لم تخل مسيرة دستويفسكى من أزمات، حيث كان مدينا على الدوام، نتيجة إدمانه المقامرة، وقد اعتاد أن يقترض مالا بشكل منتظم من ستيلوفسكي، وهو محتال يعى أن ثروة دستويفسكى الحقيقية فى موهبته، فأرغمه على توقيع عقد ينص على أن دستويفسكى لو أخفق فى تسليمه مخطوط رواية تتألف من 160 صفحة قبل 1 نوفمبر 1866، فستؤول حقوق ما يكتبه بصورة آلية إلى ستيلوفسكى خلال السنوات التسع التالية.
لم يتبق لدى دستويفسكى إلا شهر، وفى غمرة يأسه تتتقدم إليه "آنا" وهى فتاة محبة لأدبه مثل أبيها، لتساعده فى العمل ككاتبة اختزال لروايته "المقامر". كانت "آنا" هى القدَر ممثلا فى شخص. تدرك عظمة الكاتب، وتراقب عذابات روحه، وتمتص نوبات غضبه وما أكثرها، ولكنها تغامر وتصر على مواصلة العمل معه لإيمانها بأن "هذه الروح الطاهرة لدستويفسكي" لا تستحق هذا المصير الذى يتوعده به المحتال ستيلوفسكي.
فى الرواية التى كتبت وترجمت "مثل ترنيمة" أو قصيدة فيها الشجن والعذوبة والأسى يبدو دستويفسكى روحا معذبة ذات كبرياء، يؤمن بأن البشر "موتى على صليب روح إنسان. هكذا أنا. فلا تظنى أرجوكِ أنى أحاول أن أكون مسيحا. فليس عندى جسارة فعل هذا". وتحتمل آنا تقلباته وتتمكن من حفزه دستويفسكى على تجاوز العاصفة، فيكمل الرواية فى الميعاد. لكن ستيلوفسكى يكون ساعتها قد اختفى، فى اليوم الأخير من العقد! فتلجأ آنا، فى الساعة الأخيرة قبل انتهاء الموعد، إلى الشرطة وتوثق الرواية التى انتهت فى الموعد. كانت تتصرف نيابة عن الكاتب قليل الحيلة، وقالت للشرطى إنها زوجة دستويفسكى.
ويقول الشاعر محمد عيد إبراهيم إن هذه الرواية ـ التى نشرت عام 1993 ـ صدرت منها اثنتان وثلاثون طبعة حتى اليوم، وبيع منها ما يزيد على 112.000 ألف نسخة حتى بداية عام 2007. وتُعدّ بهذا أعلى الروايات توزيعاً على مدار الهند كلّها. وقد حصدت الجائزة الأسمى، فيلار، كما نالت مديح كثير من النقاد والدارسين والشخصيات الأدبية البارزة داخل الهند وخارجها.
أما المؤلف بيرومبادافام سرى دهاران الذى ولد عام 1938. فهو روائى هندى مرموق، وقد نال جائزة أكاديمية ساهيتا كيرلا (وهو اليوم رئيس لهذه الأكاديمية)، وجائزة النقاد وجائزة فيلم "فير" السينمائية، علاوة على جوائز أخرى. وقد صدرت له خمس وعشرون رواية، منها: "أشتبادي"، كما كتب سيناريوهات لأفلام ناجحة فنياً.
كما أنه مدير أول جمعية تعاونية للكتّاب على مستوى العالم فى اهيتا برافارتاكا، كما أنه عضو هيئة محلّفين فى الولاية، لاختيار جوائز على المستويَين المحلى والعالمى، للأعمال الأدبية والسينمائية. قام بتأليف ما يزيد على ثلاثين كتاباً، فى الرواية والقصة القصيرة والسيناريو. ويعتبر كثير من نقاد الأدب هذه الرواية "مثل ترنيمة" دُرّته الفنية.
وبعد نشر هذه الرواية "مثل ترنيمة" بعامَين وأكثر، قام الروائى ج. م. كوتزي، الحائز على جائزة نوبل عام 2003، بنشر روايته "سيد بطرسبرج"، مصوّراً فيها، حياة دستويفسكي، لكن تعامل هذه الرواية الهندية مع شخصية دستويفسكى المتوتّرة أفضل فنياً.
وترجم محمد عيد إبراهيم روايات منها (جاز) لتونى موريسون، و(فالس الوداع) لميلاد كونديرا، و(فنانة الجسد) لدون ديليلو.