يكشف الكاتب الدكتور محمد الصباغ، فى كتابه «ضلالات الطريق»، ليصطدم بكتاب «معالم على الطريق» لسيد قطب، عضو سابق فى مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة فى الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين «1906-1966» ليبين لنا كيف كان لكتابه العديد من الضلالات، وأنه لم يكن لينير طريقًا يهتدى به أحد كما يدعى كل أتباع جماعة الإخوان المسلمين.
ويقول «الصباغ» أنه توقف كثيرًا عند «الطبعة الشرعية» للكتاب، والحقيقة أن هناك من يدعى أن الكتاب الأصلى قد حُرف، وأن هناك كتابًا آخر غير هذا، ولو كان هذا صحيحًا لخرج للناس فى غضون السنوات الثلاث الماضية فى مصر، أو أنه سُرب لمكان آخر غير مصر، والأماكن فى العالم كثيرة جدًا، وطبع فيها ونشر.
إذ يكشف «الصباغ» فى دراسته التى خصصها حول ما جاء بهذا الكتاب، ليبين أنه لم يكن هناك أية فروق كما يدعى البعض من الإخوان، وهم يتملصون من فكر سيد قطب، واصفين متبعيه بـ«القطبيين»، فى حين أنه بالمقارنة بين كل ما كتب من الرجلين «حسن البنا» أو «سيد قطب» فلن نجد أى فروق بينهما، على عكس ما سنجد من تشابه فى لىّ معانى القرآن والسنة لخدمة رؤاهما التى لم تتسبب إلا فى نشر مفاهيم مغلوطة ومدسوسة على دين الإسلام، الدين الذى كان ومنذ نزول الوحى به، دينا سمحًا وسطيًا مجمعًا لا مفرقًا.
ومن القضايا التى يتناولها «الصباغ» ما قاله سيد قطب «إن الدعوة الإسلامية - على يد محمد رسول صلى الله عليه وسلم - إنما تمثل الحلقة الأخيرة من سلسلة الدعوة الطويلة إلى الإسلام بقيادة موكب الرسل الكرام.. وهذه الدعوة على مدى التاريخ البشرى كانت تستهدف أمرًا واحدًا: هو تعريف الناس بإلههم الواحد وربهم الحق»، ويقول «الصباغ»: لكن سيد قطب بطبيعته يتحايل على هذه المقدمة بوضوح عندما قال إن الناس «إنما يخطئون معرفة حقيقة ربهم الحق، أو يشركون مع الله آلهة أخرى، إما فى صورة الاعتقاد والعبادة، وإما فى صورة الحاكمية والاتباع.. وإما فيها جميعًا»، والدعوة لله الواحد فى كل الرسالات، من آدم عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام، لم يكن مطروحًا فى أى دين سماوى فكرة «الحاكمية»، إلا عندما أعلنها الخوارج على «على» كرم الله وجهه، وهنا يبشر «سيد قطب» بالإحراق للمجتمع الإسلامى، وإنى أرى خريطة الإخوان الحالية فى الساحة المصرية والشرق الأوسط تنفيذًا لهذه الخطة.
ومن القضايا التى يتناولها أيضًا «الصباغ» فى كتابه هو تكفير سيد قطب للدولة الحديثة، وذلك لأنه لا يعترف بقيمة العلم كأساس لقيام المجتمع المسلم، كما يقول فى كتابه «وهذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة «علمانيته» وأنه ينكر «الغيبية» ويقيم نظامه على «العلمية» باعتبار أن العلمية تناقضها، وهذا زعم جاهل لا يقوم به إلا الجهال».
ويضيف «الصباغ»، كما أن هذا تلبيس آخر للحقيقة، أن العلم يناقض الدين، وأن قيام المجتمع على العلمية يناقض الدين، لأن التناقض يجعلنا إما أن نقبل العلم ونتنازل عن الدين وإما العكس نقبل الدين ونحارب العلم، وهذا هو الحال عند سيد قطب، وهذا هو الجهل المركب، لأن العلاقة بين الدين والعلم تكاملية، لأن المناهج مختلفة لاختلاف الموضوع ليس غير. ومن القضايا المهمة أيضًا التى يتناولها «الصباغ» هى مسألة تصنيف المجتمعات عند سيد قطب، والذى يرى أنها نوعان لا ثالث لهما، إما مجتمع إسلامى، وإما مجتمع جاهلى كافر، والمجتمع الإسلامى كما يصوه سيد قطب فهو المجتمع الإسلامى بصفته تلك، هو وحده المجتمع المتحضر، لأن حضارة الإنسان تقتضى قاعدة أساسية من التحرر الحقيقى الكامل للإنسان، ومن الكرامة المطلقة لكل فرد فى المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة