نغمات مترددة خجولة تكاد تتوارى وسط ضجيج الشارع المكتظ بالسيارات، رغم خفوتها تجبرك على الالتفات إلى مصدرها لتراه بصعوبة وسط الظلام جالسًا على كرسى متهالك، بالقرب من إشارة المرور بشارع البطل عبد العزيز فى المهندسين، لم يكف عن العزف ويطرق بوجهه بخجل ما أن تلتقى بوجهه عيناك، للوهلة الأولى ربما تظنه أحد الموسيقيين الجوالة الذين يرتزقون بعزفهم بضعة جنيهات قليلة تسد رمقهم، ولكن حين تقترب منه طالبًا منه أن يستمر فى العزف لا يطلب منك أبدًا أى مقابل.
بعبارات ترحيب ووجه بشوش يدعوك عم "جابر أحمد" لمقاسمته جلسته، يحكى لك عن أذنه الموسيقية التى تعلقت بالأغنيات منذ كان طالبًا فى مدرسة جمال عبد الناصر، ويخبرك أنه حديث العهد بهذا الكمان الذى اشتراه من الإسكندرية بمائة جنيه، ليحقق حلمه القديم ويبدأ فى تعلم العزف عليه كل ليلة بعد ساعات طويلة من العمل كسائس للسيارات فى الشارع نفسه.
يتحسسه باهتمام ويقول مبررًا قبل أن يبدأ العزف "ما بعرفش أوى بصراحة.. أصلى لسة مصلحه، كان فيه وتر مقطوع، واحد معدى فى الشارع قالى هتفرج عليه وقطعه ولسة مصلحه"، الذكرى السيئة تتبدد سريعًا مع بدء العزف، الذى يكمل على أنغامه القصة "أنا عندى 64 سنة ومن صغرى بحب أسمع الألحان وأركز فيها وطول عمرى نفسى أعزف على كمان ولسة شاريه مافيش شهر"، يواصل "عم جابر" قصته "بقعد هنا فى الشارع كل يوم يجى نص ساعة بالليل أتعلم شوية قبل ما أروح أنام لأنى شغال على رجلى من الساعة 6 الصبح".
"الركن" على أنغام الموسيقى.. "عم جابر" سائس وعازف "كمان"
الأربعاء، 28 يناير 2015 06:04 م
عم جابر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة