ما قيمة الأمة إذا عاشت ملايينها الكثيفة فى معزل عن تمحيص الأمور وإدراك وجوه الحق فيها؟!
إن الأمة العربية هى أمة واحدة، تربطها صلات أخوية قوية بين الأفراد والجماعات والحكومات، فالأخوة التى تجمع ويجمع عليها القلوب هو أصل لا يتم إلا بها، ولا تتحقق الأخوة إلا بوجود أصل الإيمان، وذلك لا يمنع حرية الرأى والفكر وبذل النصح من الكبير إلى الصغير، وأيضاً من الصغير للكبير، وذلك يتم ببذل النصيحة.
بلا شك أن بذور الشر كثيرة فى مجتمعاتنا تنبت فى أركانه وفى أكنافه، فمع الإهمال والاستهانة لاتزال هذه البذور الشرانية تنمو وتغلظ حتى تفسد داخل الأمة وحولها، فهذه البذور الشرانية مثلها مثل النبات الشيطانى عندما تتركه فيكثر ويلتهم ما حوله.
والفرقة فى الشئون الجوهرية فى الأمة لا تقوم ولا تتصور نظام الحياة الاجتماعية الذى يضمها، فهو نظام واحد، وثقافة ودين، معترف به من أبنائها جميعاً، فالخلاف لا يضر ولا يوجب أيضاً الخصومة بين الأفراد، والأحزاب يدور معها الحكم كما تدور، ولكن لابد من البحث والتمحيص والتشاور وبذل الجهد والنصيحة.
فعادة الإنسان قد يقع ويرتكب ويخالف ضميره فى هفوة يسيرة فى حياته، ثم يقلع عنها وينجو من عقابها، وقد يقع فى خطأ يفسد عليه حاضره ومستقبله. كذلك الجماعات والدول كالأفراد قد ترتكب إثماً خفيفاً فتمر به، وتتخلص من آثاره، وقد تقع فى ورطات عسرة تفسد عليها يومها وحياتها وغدها وتحبط عملها فى الدنيا والآخرة.
فهذا كله أعطى لليهود صوتا، ولكن هم أذل وأقل من أن ينتصروا فى معركة، فإن تفرقنا وبعدنا وأخطائنا وإختلافنا ومخالفة ضميرنا وحدنا بيننا هى التى صنعت لله النصر فى اختلافنا ومخالفة ضمير أمتنا، فإننا نستطيع أن نحل مشاكلنا بأيدينا لو أردنا، إننا القوى الكبرى، فإذا أتبعنا تأييدنا بالله فسوف نسترد ضميرنا المفقود الكاسد المعطل، وسوف نعود ظافرين، فنحن فى حاجة ماسة إلى ضمير جديد يعطى الروح الجديدة ويجعلنا نعتز بالله وأنفسنا وتراثنا وثقافتنا ولن يتحقق كل هذا وذاك إلا بضمان الله لمن يأوى إليه.
ويوصينا رسولنا ( صلى الله عليه وسلم ) بألا ننتظر ولا نتمهل فى وقوع الخطأ، بل نسرع إلى مداواته قبل أن يستفحل ضرره فينا وبيننا.
علينا أن ننفخ فى ضمير الأمة وحياتها الهامدة وأن نعرف مثلنا العليا، ونسير ونتجه نحو الثبات والأمان، لكن قد يفرط بعض الأفراد والجماعات فى واجباتهم وضميرهم بيد أن هذا التفريط هو فردى لا يعدو أن يكون على جزئية لا تظهر حتى تخفى وسرعان ما تنهض روح المجتمع والأمة معاً فتمضى فى طريقها إلى غايتها السامية والمرسومة.
فإذا لم تقم فى الدنيا أمة تبعث روح جديدة وترابط وتلاحم جديد وتفاهم الأخوة وصحوة الضمير بين البعض على أن تحمل الأمة رسالة حق وسلام، فإذا لم يتحقق ذلك فعلى الدنيا والإنسانية السلام. فنحن فى أمتنا العربية والإسلامية من واجبنا جميعاً أن يكون فى أيدينا شعلة نور وقارورة دواء، لنتقدم بإصلاح أنفسنا وإحياء ضميرنا المنسى، فإذا نجحنا فذاك. فالعالم ينظر إلى أمتنا ويترقب، فعلينا أن نبث الروح العليا ونطهر الأنظار والقلوب فتلك هى أهداف جميلة يقوى وتقوى بها الأمة وخصوصاً أمتنا العربية والإسلامية.
محـمد شـوارب يكتب: ضمـير الأمـة الكاسـد الـمـعطـل
الإثنين، 12 أكتوبر 2015 02:01 م
جامعة الدول العربية - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة