تعلم الإنجليزية والفرنسية والألمانية وأى لغة تختارها فى أقل من أسبوعين !
احصل معنا على شهادة معتمدة من كبرى الجامعات العالمية (جامعة أكسفورد) !!
ورقة إعلانية صغيرة عن مراكز للتدريب كتبت بها بعض من تلك العبارات الرنانة، ستجدها فى أيدى شباب يقومون بتوزيعها أمام أبواب الجامعات وبعض من محطات المترو، قد يحتفظ بها بعض المارة، أما البعض الآخر وهم الغالبية فسرعان ما يقومون برميها بعد قراءة قد لا تستغرق سوى بضع ثوانٍ، على أن ينتهى حال تلك الورقة فى النهاية بمغامرة قصيرة لتعلم الطيران على الإسفلت قبل أن تلقى مصيرها الأخير فى صندوق القمامة القريب.
قد يدفعك الفضول يوماً إلى زيارة أياً من تلك المراكز، وعليك ألا تتفاجئ عندما تجد أن ذلك المركز ليس سوى شقة مؤجرة مكونة من بضعة غرف، لا يوجد بها سوى فتاة على قدر من الجمال، تحمل معها بعض الكتيبات الصغيرة للتعريف بالكورسات والدورات التى يقدمها المركز، وفى حالة رغبتك فى الاشتراك بدورة معينة فليس عليك سوى أن تكتب بياناتك فى "أبليكيشن" معين وتنتظر حتى يتم الاتصال بك من قبل المركز فور اكتمال العدد المطلوب لبداية الدورة.
والسؤال المنطقى هنا، هو كيف يمكن لأى شخص تبقى لديه ولو مقدار ضئيل من العقلانية أن يصدق أو حتى يتوهم أن مركز تدريب فى شقة "أوضتين وصالة" يمكنه أن يتعاقد على شراكة مع جامعات عالمية كجامعة أكسفورد أو غيرها !!
التقرير الأخير الصادر من الاتحاد العربى لتنمية الموارد البشرية، أشار صراحة أن مصر لا يوجد بها مراكز تدريب بقدر ما يوجد بها ما يمكن تسميته بـ "دكاكين للتدريب"، فضلا عن عدم وجود أية رقابة تذكر على منتجات هذه المراكز أو حتى معايير محددة لإنشائها، فقط سجل تجارى وبطاقة ضريبية هما كل ما سوف تحتاجه لإنشاء وتشغيل أى من هذه المراكز.
الأمر إذن متروك بالكامل لصاحب "الدكان" فى تحديد البرنامج التدريبى ونوعيته وتكلفته، ولكن هل هذا وحده يكفى ! وهل يوجد ربط بين ما تقدمه تلك المراكز ومتطلبات سوق العمل ؟ هل باتت تلك المراكز تقدم خدمة حقيقة لجيل من الشباب أصبحت أقصى طموحاته هى الحصول على فرصة عمل؟ أم أنها قد تحولت لـ "سبوبة" لا هدف من ورائها سوى الكسب المادى السريع!
دعونا لا نجمل الواقع أو أن نخدع أنفسنا فالموضوع حقاً يحتاج إلى "وقفة" ودور جاد من الحكومة ممثلة فى وزارات التعليم والبحث العلمى والقوى العاملة وغيرها، بالإضافة لمنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأهلية.
أيها السادة إننا نحتاج وبشكل عاجل وكما أوصى الاتحاد العربى لتنمية الموارد البشرية إلى تقنين وضع مراكز التدريب الخاصة فى مصر، من خلال إنشاء هيئة عامة للتدريب، تصبح وظيفتها الأساسية هى الإشراف على إنشاء وتشغيل تلك المراكز، والأمر ليس بالمستحيل فالعديد من الدول العربية كالسعودية وغيرها قد سبقتنا فى إنشاء مجلس أعلى للتدريب بل وأمتد ذلك أيضاً إلى قيام تلك الدول بإنشاء وزارة خاصة للتنمية البشرية والتدريب.
إن أفضل استثمار نحتاجه الآن هو الاستثمار فى العنصر البشرى، فإنشاء مبنى وإعادة هدمه قد يكلفك بعض من المال، فما بالك بإنشاء فرد وتأهيله على أسس غير سليمة ! بالطبع سوف تصبح عملية إعادة تأهيله باهظة الثمن.
وفى النهاية علينا أن ندرك جميعاً بأن هناك جيلاً من الشباب بات لا ينتظر سوى بعض الأمل، فلا داعى لأن نكون نحن من يقدم له الوهم فى صورة هذا الأمل !