تسرد الأحداث تطور الصراع النفسى للبطلة "نورا" وازدواجيتها بين طيات الأنثى العفيفة المحافظة والساقطة، رغم مخاوفها وعدم رضاها عن نظرة المجتمع لجيلها، فالمؤلفة أدهشت القارئ بحكايات "نورا" وصديقتها النقيضة تماما لتصرفاتها وأفعالها "مريم" شخصية الأنثى التى تمارس الماسوشية بأن يقع عليها السباب واللعن من حبيبها “إلهامى”، ناهيك عن بعض الألفاظ الجنسية التى كان يسبها بها فكان يوقع عليها السادية، على النقيض تماما علاقة نورا مع زياد، فكانت تتسم بالرقى والثقافة والأحاسيس رغم تمنى البطلة أن تصبح مريم حتى ولو فى الخيال خوفا من الأعراف والقيود التى أدخلتها بوطقة المرض النفسى عن طريق الهروب من مواجهة المجتمع بتقمص شخصية أصحابها فتدور فى دائرة الازدواجية، حتى تستسلم مسترخية متهيئة على فراشها لتستقبل صديقها الافتراضى الطبيب النفسى سيجموند فرويد، فتروى له معاناتها حتى وإن كانت ذكريات، تسرد له أفراحا وأحزانا، وتبوح بما تخشى أن تبوح به أى أنثى أمام أى شخص آخر حتى وإن كان أقرب الناس إليها وبتكرار الفعل كل ليلة أطلقت على سريرها "فراش فرويد".
يأتى البناء السردى لشخصيات الرواية، باحتلال الأنثى حيزًا كبيرًا من أركان العمل، حيث أضاءت نهلة كرم خبايا كثيرة لشخصية المرأة بكل تفاصيلها، خاصة أن الرواية ركزت على شخصية رئيسة "نورا" التى كانت تبوح بأكثر جرأة وخاصة عندما كانت تتحدث عن صديقتها "مريم" فهذا البوح نجده نادرًا جدًا فى كثير من الروايات حتى وإن سلطت الضوء على الجانب النفسى لشخصية المرأة، فالحب وعلاقة المرأة بالرجل والجنس والعادات والتقاليد والأعراف هم إكسير الحياة للمجتمع، فالعلاقة المتشابكة بينهما تجسد العشق الدافئ، والجسد المتوتر، والتقلبات والانفعالات النفسية، وأشواقها المكتومة، المكتوبة فى لحظة انكشاف وبوح لرغبات البطلة الدفينة المتحررة من الخوف، نجد نورا تتقلب على السرير تكتشف غرائزها وتبوح بما باحت به مريم لها، تلمس جسدها مكتشفة غرائزها، وتفيض من الحكى لعالم النفس "فرويد" بسرد حميمى فكان البوح دليلاً على رغبتها فى التعافى.
استطاعت الكاتبة من خلال السرد كشف الأحاسيس الأنثوية الدفينة فى وجدان الفتايات المغموسة فى البيات الشتوى، خوفا من عواصف المجتمع وعاداته، فما ألذ أن تكتب أنثى بوحا عن جيلها بفيض من الأحاسيس والمشاعر المكبوتة.
فالمرأة مستودع أسرار لا تبوح به إلا لمن يملكها بإحساسه ويطوقها بأحاسيسه، ويهتز له كيانها كما فعلت نورا عندما قصّت على عالم النفس سيجموند فرويد حكايتها الشخصية وتفصيلات مغامرات صديقها مريم وهى تتأرجح بين أحضان محسن، بعد أن ذابت فى مكالمات إلهامى المزدانة بالإيحاءات الجنسية.
تسرد الكاتبة ما تمر به المرأة من منغصات أفرزتها العادات والتقاليد تحول دون سعادتها، وتكدر صفو حياتها فتذكر حكاية هاجر مع الحجاب وقصة مروة فى موافقتها على الزواج من أجل الزواج نفسه، كى لا تصبح "عانس" رغم سنها الصغير وخوفها من شبح المجتمع بنظراته الفجة للفتاة التى لم تلحق بقطار الزواج حين تستعيد نورا الظروف التى أحاطت بها وهى تحاور فرويد، فتكتشف بيسر حجم الخطايا التى ارتكبتها فى حق نفسها، وستصل فى النهاية إلى أنها شخصية ازدواجية، إلى أن ظهر زياد فى حياتها وأزاح الغبار عن الجوهرة المكنونة بداخلها فحرّرها من أوهامها المخيفة حول الجنس السادى الذى واجهته "مريم".
تعافت "مريم" بممارسة الفن، فيما سعت "نورا" إلى التعافى عن طريق بوحها لفرويد تارة، وكتاباتها لروايتها تارة أخرى، حتى انتهت بفك الحلقات المتشابكة بين الدين والجنس والعادات والتقاليد.
نستخلص من حكم الرواية وعبراتها أن المرأة يجب ألا تترك نفسها فريسة لمن تحب تحت مظلة العشق حتى وإن كان صادقا، حين فقدت مريم رونقها فى عيون إلهامى رئيس القسم الثقافى فى الجريدة التى تعمل بها حين كانت تستمتع بمكالماته الجنسية يوميا، حتى فر هاربا إلى حضن فتاة أحبها ثم تزوجها، فعاقبت مريم نفسها بأن ألقت بجسدها فى سرير محسن ذلك الإعلامى المشهور الذى شغفها حبا من خلف شاشات الفضائيات، فاقتنصت الفرصة حين قابلته لأول مرة كمصورة فى أحد الحوارات الصحفية، فأسرعت مهرولة إلى فراشه. تعتبر الرواية إعادة لاكتشاف الذات، لكون البطلة تمثل بنات جيل بأكمله، حيث تمر معظم البنات بمثل هذه المشاكل.
موضوغات متعلقة..
رواية "على فراش فرويد" تثير الجدل بمكتبة مصر الجديدة