وقال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، أن جمال الغيطانى كان وسيبقى حالة خاصة فى الثقافة المصرية، وهو صحفى متميز، أسس للصحافة الثقافية، وأحد أعمدتها، دافع عن مصريته، ووطنه، ومخلصًا لعروبته حتى النفس الأخير.
وأضاف وزير الثقافة، أن الغيطانى خاض الكثير من معاركه، وكان قادرًا على أن يقول رأيه دون خوف مهما كانت النتائج، وكان عصامى إلى أقصى حد، مثله مثل كافة المبدعين الكبار فى الوطن العربى، مشيرًا إلى أننا لسنا هنا لتأبين الراحل المبدع بل جئنا لنحتفل بحياة جديدة لأدبه وإبداعه، فرحيل المبدع عادة يكون بداية جديدة نرى فيها إبداعه مجردا عن شخصه وحياته الخاصة.
وأشار الدكتور محمد أبو الفضل بدران، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن الغيطانى لم يكن أديبا فقط، بل كان أمة، وكان يعرف خصوصية الوطن، آثر أن يتكلم بلسان أهله ووطنه، وانحاز أن يكون صوت نفسه فأدرك الحقيقة، لأنه كان يعرف حقيقة هذا الوطن.
وقال بدران، إن الغيطانى كان نبيلا، عالما، تحولت كتاباته إلى صورة عن مصر فى الخارج، ولا أنسى أننى عندما حضرت إحدى محاضراته فى ألمانيا ففوجئت أن أحد المستشرقين يحفظ نصوص روايته الزينى بركات.
وتحدثت ابنته ماجدة جمال الغيطانى عن علاقتها به، وحبه لها، وكيف كان يحرص على احترام قراراتها وآراءها، وقالت "إننى أرى فى مآذن وشوارع القاهرة صورة وروح أبى، وكان حتى آخر ساعة قبل مرضه الأخير يكتب بخطه الذى يشبهه كالمنمنمات، وحتى الآن لا زالت أوراقه ومقاله الأخير كما هو على مكتبه، والجملة قد اكتملت فقد كان حريصًا أن يكمل أى جملة بنقطتها، فأنا ممتنة أنه فعل ما كان يريد أن يحيا لأجله، فكان يعشق الموسيقى العربية والمغربية والتركية والفارسية، لدرجة أننى أشعر وكأنه يشبهها، كما أننى أرى وجوده بوجود حى الجمالية والحسين والقاهرة التى عشقها، فقد كان أبى كون وليس كيان، وهذا الكون حى بأعماله وأدبه".
وأكدت ماجدة الغيطانى، أنها كانت تنادى الروائى الراحل بـ"جيمى"، وأنه كان يزعل عندما تناديه بـ"بابا"، وكان يناديها بـ"الحبوب" وليس بماجدة، فكانت ترد عليه "أيوة يا أجمل من النسمة، وأرق من الملك"، مشيرة إلى أنها تعتبر نفسها وريثته الوحيدة فى طباعه، وسلوكه، قائلة: حتى الدماغ الصعيدى ورثتها عنه.
وتابعت ابنته: أن علاقتى به كانت من الروح للروح، أحاديثنا صامتة، لكن صمتها صارخ، وكان يشعر بحزنى من طريقة وقفتى، ولذلك كنت أتفادى أن أقترب منه أثناء حزنى.
وقالت ماجدة الجندى، زوجة الأديب الراحل جمال الغيطانى، "إنه أحب مصر لأنه عرفها، وعندما نقل إلينا الوطنية المصرية عبر الجيش المصرى، كان ذلك امتدادًا للمعرفة، تعلمنا على يديه كيف نحب مصر، وكان نموذجًا لقيمة كنا نشكك فيها وهى أن "من جد وجد"، لكنه رغم تكريمه فى كثير من دول العالم كان يعتز بتكريمه فى مصر". مشيرة إلى أن علاقته بالجيش المصرى كانت قوية لأنه كان يدرك معنى الوطنية التى رآها فى بسالة رجال جيش مصر.
وأشار الأديب يوسف القعيد إلى أن ابنته أهدت إليه فرحة عمره الكبيرة عندما أنجبت ابنها مالك، وأصبح الغيطانى جدًا، إذ كانت سعادته بلا حدود، وقال إن ابنته كانت تسجل له حواديت وحكاياته لحفيده، متمنيا أن تنشر قريبا.
وقال اللواء إسماعيل الغيطانى، شقيق الأديب الراحل، إنه كان مثله الأعلى الذى تعلم منه الكثير، مضيفا "كان يشعر بالمسئولية مع والده تجاهنا، فكان يتعامل معنا بمنطق من يعولنا، وخسارتنا فيه كبيرة".
وتحدث الشاعر الكبير سيد حجاب عن علاقته به منذ 50 عامًا، وقال "كان تواصل روحى ووجدانى عمره 50 عاما، فقد عرفته فى أول شبابه عام 1964، واعتقلنا سويا عام 1966، وكان واضحا من هو جمال الغيطانى، بمواقفه السياسية والأدبية، فكان ينتمى إلى الناس، وهو نموذج حى لما يعرف بالمثقف العضوى، فقد وظف معرفته للإنسانية".
وأضاف سيد حجاب، تم تجنيد الغيطانى بالجيش عام 1967، إلا أنه خرج بسبب سابقة اعتقاله، فكان حزينًا، إلا أن الله عوضه فصار مراسلا حربيا لجريدة الأخبار بعدها بفترة قصيرة، وظل حتى نهاية عمره يعمل لخدمة شعب مصر والدولة المصرية.
وقال الكاتب المغربى أحمد المدين، إن الغيطانى كان عاشقا للمغرب، فقد شغلت أعماله حيزا كبيرا فى أدب المغرب، فعرف كيف يتفرد فى جوهر وشكل ومعنى الرواية والنص المختلف، فقد نهلنا من نبعه، وتتبعنا مساره، والمكتبة المغربية تغتنى برسائل علمية حول أدبه وكتاباته.
كما تحدث ياسر رزق رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار، عن علاقته به منذ 41 عاما، حيث كان الغيطانى زميلا لوالده المراسل العسكرى فتحى رزق، حيث عاشا سويا حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.
وقال " سمعت من الغيطانى حكايات حرب أكتوبر وكأننى أعيشها، فكانت كتاباته لها نبض ورائحة بها عطر الكرامة والفخر، فهو يمزج التاريخ بالحاضر". مشيرًا إلى أنه كان شديد التواضع لدرجة كبيرة تؤكد ثقته الشديدة بالنفس.
وتحدث عن مواقف الغيطانى خلال فترة حكم الإخوان، وكيف عندما طلب منه وأن يكتب مقالا اختار له عنوان "عبور"، الذى يكشف فيه الغيطانى عبور 73 والعبور الذى نريده جميعا لمصر.
وأشار الأنبا بسنتى أسقف حلوان والمعصرة إلى لقاءاته الودية بجمال الغيطانى، قائلا أنه كان روحانيا ووطنيا مخلصا، وكان يعد نفسه للدخول فى الأبدية والخلود، وأعماله تكشف عن قيمته وإيمانه وحبه لمصر.
جدير بالذكر أنه شارك فى حفل التأبين اللواء محسن عبد النبى، مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، وفاروق العقدة، محافظ البنك المركزى الأسبق، وحسن خلاف رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة، والدكتور حمدى ابو المعاطى رئيس قطاع الفنون التشكيلية، والدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما، ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، والدكتور يحى الجمل، والشاعر محمد ابراهيم أبو سنة، والدكتور صلاح فضل، وطارق الطاهر رئيس تحرير أخبار الأدب، والدكتور على رضوان رئيس اتحاد الآثاريين العرب، والدكتورة جليلة القاضى، والكاتب شعبان يوسف، والدكتور حسين حمودة، وعدد كبير من المثقفين والأدباء والإعلاميين.
موضوعات متعلقة..
- "الثقافى الروسى" ينعى جمال الغيطانى: كتبه تدرس لطلبة الاستشراق فى موسكو
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة