د. عماد الدين إبراهيم عبد الرازق يكتب: أوهام الهوية

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015 08:00 م
د. عماد الدين إبراهيم عبد الرازق يكتب: أوهام الهوية ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد تعددت مفاهيم الهوية ومن هذه المفاهيم والتعريفات: أن الهوية هى الإعلاء من شأن الفرد، كما أنها تمثل الوعى بالذات الثقافية والاجتماعية، وهى لا تعتبر ثابتة، إنما تتحول طبقًا أو تبعًا لتحول الواقع، فهى تمثل السمات التى تميز شخصًا عن شخص، أو جماعة عن جماعة. وللهوية مكونات أساسية منها الأصل أو العرق المشترك، كذلك التاريخ المشترك واللغة المشتركة والجغرافيا المشتركة والعادات والتقاليد المشتركة وغيرها.

ونحن عندما نتحدث عن أوهام الهوية فإننا نقصد بها العزلة والشعور بالتهديد والارتياب من الآخر والذى يخلق فى النهاية سوء فهم عميق بين البشر ومن ثم تهيىء الأرضية النفسية للعنف. ويجب أن نشير إلى أن هناك أمرين هامين يؤثران فى محتوى الهوية هما: بزوغ فكرة الفردية، وحصول حراك اجتماعى يسمح بانتقال الفرد طبقيا من مستوى اجتماعى إلى آخر. والحديث عن هوية أصلية نقية منعزلة عن المجتمع هو الوهم بعينه. فلا يمكن للهوية أن تحيا فى عزلة عما يحدث فى العالم أو الواقع الخارجى.

لأنها تتشكل من هذا الواقع وتتفاعل معه لأنها دينامية وليست ساكنة أو جامدة. فكل من يتحدث عن هوية منعزلة لا تتغير فهو يتحدث عن وهم كبير. وهناك كتاب مشهور وهام بعنوان (أوهام الهوية) يتحدث فيه عن مشكلة أو معضلة الهوية فى البلدان الإسلامية من حيث طبيعة العلاقة بالحداثة الغربية، وكيفية التعامل معها، فالنخب المسيطرة فى البلدان الإسلامية رأت فى الحداثة الغربية مجمل التقنيات الحديثة فنقلتها إلى مجتمعاتها وأجرت تحديثا وليس حداثة لذا شكل النقل المشوه الثغرة الأولى فى هوية المجتمعات الإسلامية وخصوصا فى علاقتها مع الغرب. فالهوية لا يمكن أن تحيا فى عزلة عن العالم الخارجى، فهى تمثل علاقة جدلية مع الآخر أيا كان هذا الآخر. أيضا فى كتابه (النقد المزدوج المزدوج) ينتقد عبد الكريم الخطيبى ما يسميه الهوية الأصلية، لأن كل هوية ترتد فى النهاية إلى مجتمع الإنتاج المتعين بحدود تاريخية وزمنية مضبوطة، لذا فإن الخطيبى يعتبر الحديث عن هوية غير ملوثة هى هوية ميتافيزيقية ولاهوتية يقول (لا يمكن للهوية الأصلية التى تقوم على الأصول اللغوية والدينية وأن تحدد وحدها العالم العربى، فهذه الهوية قد تصدعت وتمزقت بفعل الصراعات والتناقضات الداخلية، ثم إنها مرغمة على التكيف مع مقتضيات الحياة العصرية والتفتح على العالم. إذن نحن مطالبون فى ظل هذا الانفتاح وتقدم وسائل التقنية والاتصالات أن نتعامل مع هذه الحقيقة كواقع وليس وهمًا. وأن نحافظ على هويتنا فى ظل هذه المتغيرات وأن نوفق بين خصوصيتنا وكل ما هو متغير. على سبيل المثال تحدى العولمة كتحدى للهوية ومحاولة افتراسها يجب علينا أن نوازن ونوفق بين هويتنا والعولمة ونأخذ من العولمة جانبها الإيجابى والذى يتمثل من وجهة نظرنا فى إيقاظ الوعى والمقاومة لدى الشعوب من أجل الحفاظ على هويتها وخصوصيتها. إذن وهم الهوية النقية الأصلية المنعزلة المنغلقة على نفسها هو وهم لا يتحقق على أرض الواقع. بل كل هوية لابد أن تتشكل من الواقع الخارجى أيا كان هذا الواقع سياسيًا أم اجتماعيًا أم اقتصاديًا. فالهوية مشروع غير مكتمل قابل للتحقق فى الواقع. مشروع نضال وكفاح من أجل التحقق أى مفهوم دينامى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة