محمد عمر يكتب: أُنثى فى البلدِ الغريبْ

الجمعة، 30 أكتوبر 2015 03:39 ص
محمد عمر يكتب: أُنثى فى البلدِ الغريبْ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغمَ كُلِ رجولتهِ اللافتةِ الفائرةْ
كان دائما عَفَّاً..
يُباهِى بسيرتهِ الطاهرةْ
لم تبدُ منه تِجاهَ أنثى
فى أىِ وقتٍ بادرِةْ
حتى اللمحاتُ والإيماءاتُ العابرةْ
كان يعزُف عنها
كشراكٍ خادعةٍ ماكِرةْ
لكِنْ ..
خلفَ كلِ وجوهِ اللامبالاةِ الظاهرةْ
كانت الرغبةُ القاهرةْ
قائِمةً.. راسخةً.. حاضرةْ
وبعدَ ليالٍ طوالٍ..
بين ترددٍ ومبادَرَة
جاءتْ ليلةٌ آثمةٌ غادرةْ..
حينَ كانت عِفته..
شاحبةً.. فاترةً .. ضامرةْ
حينَ كانتْ رغبته..
جازمةً ..عازمةً .. آمِرة
حين كانت نفسُهُ..
على كل شىءٍ ثائرةْ
مضى فى ساعةٍ متأخرةْ
يجولُ فى تلكَ المدينةِ الساهرة ..
و إلى ذاكَ الحىِ ذى الأضواءِ الباهرةْ
مضى .. بينَ الحاناتِ المتناثرةْ
وبأنفاسٍ لاهثةٍ وعينٍ حائرةْ
دلَف إلى حانةٍ بخطى مُتعثَّرة
بحثاً عن أنثى تبيعُ الهوى ..
عن عاهرةْ
******
ها هى ضاحكةٌ باسمة ْ
تغنجُ بدلالٍ و نفسٍ حالمةْ
وها هو يشرعْ ..
فى التجربةِ الأولى الآثمةْ
وها هى تأتى اللحظةُ الحاسمةْ
شفتُه تقتربُ من الشَفةِ المُنَمنمَةْ
وفى منتصفِ الطريقْ
إلى فمِها الشهىِ الدقيقْ
توقفَ فجأةً
و تراجعَ فى إجفالْ..
لم تطبعْ شفتاهُ قُبلةْ..
وإنما فاجَئتا بسؤالْ :
"منذ متى وأنتِ فى تلكَ المهنة؟"
ورغمَ مفاجأةِ السؤالْ
ضحكتْ تقولُ بلا اكتراثٍ أو افتعالْ:
"مهنةْ؟..
منذُ.. تقريباً.. أعوامٍ خمسةْ
وأنا فى تلك المِهنةْ ..
أو.. فى تلكَ المِحنةْ "
وفى لهفةٍ .. تلقّفَ إجابَتها وقالْ:
"إذا كنتِ ترينِها مِحنةْ..
فلماذا تجعلينها مهنةْ؟
أَمِنْ أجلِ المالْ..
تبيعينَ نفسَكِ للرجالْ؟
أَمِنْ أجلِ المالْ..
تسيرينَ فى طريقِ الضلالْ؟
أمن أجلِ المالْ..
تعيشينَ الحرامَ وتنسينَ الحلالْ؟ "
ضحكت فى تَهكُم وابتذالْ
وأطرَقتْ وسكتت قليلاً..
ثم رفعتْ رأسَها وانفجرتْ فى انفعال:
"الحرامُ والحلالْ ؟.. الرشادُ والضلالْ ؟
أين كنتم أيها الرجالْ ..
أيُها الأبطالْ ؟..
أينَ كنتمْ ..؟
أين كنتم ..أيُها الأرذالْ ..
أيها الأنذالْ ..
حينما داهمَ أبى الداءُ العُضالْ ؟
حينما ماتَ تاركاً العيالْ .. بلا أى مالْ ؟
حينما شَفَّنا الجوعُ ولم يُجدِ السؤالْ؟
حينما كنت أبحثُ عن عملْ .. بلا أى أملْ ؟
وحينَ لاحتْ الفرصةُ الوحيدةْ
فى هذهِ البلدِ البعيدةْ
أتيتُ هنا.. فوجدتُ العملْ
كنتُ أعملُ بلا كللْ
لكِنْ ..
وبينما كانَ العملْ ..
انتهكنى صاحبُ العملْ
ثم عادَ وانتهكنى .. بلا أى وجَلْ
ثم عادَ وعادْ ..
وبأثرِ الاعتيادْ ..
أصبحَ الأمرُ لدىَّ هيِّناً بلا خوفٍ أو خجلْ
وحينما ضاعَ الخجَلْ
أصبحَ كلُ شىءٍ ممكناً وكل ُ شىء ٍ مُحتمَلْ
أصبحَ كلُ شىءٍ مُزدَرى و كلُ شىءٍ مبتذَلْ
فقررتُ.. بنفسى .. وغيّرتُ العملْ
لأكونَ أنا .. صاحبةَ عَمَلْ
وأصبحَ العملْ ..
أن أبيعَ الهوى بلا أىِ خجلٍ أو أىِ مللْ
للمرأةِ أيضاً.. كما للرجلْ
أنا ..
أنا لستُ أحتاجُ لذا الحديثِ عن الطهارةِ والشرفْ
أحتاجُ مالاً للكفافِ .. وربما بعض الترفْ
أنا ..
أتيتُ مع ظامىءٍ للهوى .. يبغى يرتشِفْ
لم آتِ قديساً أتوبُ بين يديهِ وأعترِفْ
ولا أراكَ يليقُ بكَ دورُ الواعظِ المُحترفْ
ربما .. أنتَ بعضَ الشىءِ عنى تختلفْ
لكنكَ أيضاً .. بعضُ الشىءِ .. مثلى مُنحرفْ
أنا قد حسمتُ أمرى واستقرت وجهتى
وأنتِ مرةً تخطو ومراتٍ تقفْ
فلا تترددْ كثيراً هكذا فى المنتصَفْ
هيَّا ..
فلتقضْ وطرَك مِنى وتُعطنِى أجرِى ..
أو فقطْ ..
دَعنى أقومُ عنكَ إلى سواكَ وأنصرفْ"











مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل غنيم

دى ...

دى تنفع فكرة لفيلم .

عدد الردود 0

بواسطة:

سامى عادل

رائع

طرحك رائع ، سيدى .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة