نهضت "روسيا المريضة” بصعوبة من بين ركام الاتحاد السوفيتى المنهار، بعد التحركات الأخيرة لروسيا العسكرية فى سوريا، وهذا يشير إلى تعافيها، أو إلى اعتقاد بوتين بأن بلاده قد تعافت، وبأن "الجيش الأحمر" الذى كان قد تراجع بشكل كبير على صعيد العدد والعتاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، قد استعاد قوته، وبات جاهزا لخوض مغامرات جديدة على يد القيصر الروسى، وسواء كان التعافى حقيقيا أم متوهما، فلابد أن يعيد موسكو إلى مناطحة أمريكا فى التوسع الخارجى والمشاركة فى القرار الدولى.
وللمعرفة عمل الاتحاد السوفيتى فى السابق على توسيع نفوذه فى الشرق الأوسط على قاعدة خطاب، يدعم ما عرف بـ”النظم الوطنية” أو “النظم المناهضة للإمبريالية”، وقد كان النظام السورى يعتبر واحدا منها بطبيعة الحال، فعل سبيل المثال موقف الاتحاد السوفيتى على “العدوان الثلاثى” على مصر، عندما أمم جمال عبدالناصر قناة السويس عام 1956 بتهديد كل من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بحرب نووية، إذا لم ينسحبوا من مصر، كما وقع مع مصر اتفاقية تقضى بتزويدها بأسلحة حديثة.
أما فى سوريا، فقد أسست روسيا لتدخلها العسكرى بالترويج لخطاب مواجهة الإرهاب وما يترتب على ذلك من مهمة مقدسة تتمثل فى “حماية الأقليات”، ومهما تنوع الخطاب المستخدم، فإن النتيجة واحدة وهى رغبة روسية فى إيجاد موطئ قدم فى الشرق الأوسط ينافس الغرب، وينشط علاقاتها السياسية، مع ما يترتب على ذلك من انتعاش الفرص الاقتصادية، على صعيد المبادلات التجارية أو الطاقة أو السلاح.
كما تمثل الخطوة الروسية الجديدة ردا على قيام أمريكا باستبعادها من التحالف الدولى لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وحتى فى حال قبلت أمريكا مشاركة روسيا، سوف يكون من العسير على الرئيس المغرور بوتين، الذى يطرح نفسه كقوة موازية لها أن ينضم لتحالف بقيادة أمريكية، وفق ذلك يستبعد التعاون مع حليف موسكو بشار الأسد، لذلك طرح بوتين توسيع التحالف الدولى لمحاربة داعش، وإدخال الجيش النظامى السورى فضلا عن مشاركة روسيا، وعندما رفضت إدارة باراك أوباما والدول الإقليمية، وخصوصا السعودية، تلك الاقتراحات، ومن هنا اتجهت موسكو إلى شق طريقها الخاص الذى يصل بقواتها وقوات الأسد للمشاركة فى الحرب على الإرهاب، وذلك بتواجد عسكرى فى سوريا يفرض روسيا لاعبا دوليا، ويخفف العزلة الدولية عنها وعن حليفها بشار الأسد فى سوريا.
بوتين رئيس روسيا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة