ولفت الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إلى أنه على أقل تقدير فى وقت عبدالناصر كانت هناك قواعد للعبة، أما الآن مع اختراق الحدود عبر التكنولوجيا، أصبح العالم كتلة واحدة حتى تداخلت المشاكل بشكل لا يتصوره أى شخص يكون فى موقع المسؤولية وأمامه مشاكل التخلف، وتجاوز الفقر والصحة، وتحدى الإخوان المسلمين وتحدى الإقليم والقوى الخارجية، بعدما خاض الوطن العربى مجموعة من الحروب الأهلية فى اليمن والسودان وليبيا، والصورة ممزقة على المستوى العربى.
السيسى مدير المخابرات ورئيس الدولة
وتابع فى حديثه للإعلامية لميس الحديدى على فضائية سى بى سى: إن هناك فارقا كبيرا بين أن يكون السيسى موجوداً كمدير للمخابرات أو وزير وغيره، وأن يكون رئيساً للدولة، مضيفا: صحيح أنه رأى فى مواقعه المختلفة مشكلات مختلفة، لكن عندما يكون رئيساً، فإنه يرى المشكلات بكاملها والمشكلات الإقليمية المرتبطة بالدولية، فحجم التناقضات الموجودة داخل مصر، وحجم التناقضات الموجودة فى العالم العربى، وحجم التعقيدات الموجودة على الصعيد الدولى، يحتاج فى محاولة الفهم إلى جهد خارق، وتابع: أنا أظن أنه استهول ما رأى وأظن هذا إنسانى جدا،ً وكان من المفترض أن يعطى فترة سماح طويلة جداً أو طويلة على أية حال، خاصة أنه فى موقع رئاسة الدولة رأى الأوضاع الداخلية، وعلى نطاق الإقليم وربطها بالنطاق الدولى يجعله «يكون مصدوما وهذا إنسانى جداً».
عالم جديد بوسائل مختلفة
واستطرد هيكل : نحن أمام عالم جديد بوسائل مختلفة، وجمال عبدالناصر كان يقوم بتعبئة الجماهير خارج مصر، واليوم لو أراد السيسى أن يقوم بتعبئة جماهير عربية مع أى شىء أو ضد أى شىء للأسف الشديد لن يستجيب أحد، لأننا فى حالة بعد عن العالم العربى، مؤكدا أن العالم اختلف تماما،ً ولا يمكن استخدام وسائل قديمة جداً فى مقابلة ما هو كائن الآن وما نواجهه، لافتا إلى أن مصر استغلت فى الماضى التناقض بين السوفيت والولايات المتحدة الأمريكية، «لكن اليوم يتحدثون فى كل شىء وفى كل الأمور، ويتعرضون للسلبيات، ويعترفون بأن ثمة منطقة لا يحق لأحدهم الدخول فيها».
سوريا.. وروسيا وبوتين
وحول الوضع فى سوريا، قال هيكل: إن الصراع الدولى ظل موجوداًعلى سوريا طول الوقت، موضحا أن جون فوستر وزير خارجية الولايات المتحدة السابق وصف سوريا بأنها «أشبه بحاملة طائرات كبيرة تقف على الشاطئ الآسيوى القريب من آسيا وأوروبا، فيما أشار إلى أن المنطقة العربية فى وضع وموقع مختلف يتوسط كل القارات من جهة، ومن جهة أخرى هى منطقة تذخر بالثروات بحجم أكبر من طاقة أهلها على الاستخراج.
وبشأن الضربات الروسية حاليا فى سوريا، قال هيكل: إن الرئيس الروسى بوتين يرغب فى رد كرامة بلده، وتحركه هو لإثبات أنه طرف فاعل، مشيرا إلى أنه انتهز فرصة تراجع القوة الأمريكية، وتابع: إن هناك الآن لحظة ضعف فى أوروبا وأمريكا ولحظة فراغ فى آسيا والوطن العربى، موضحا أن بوتين «يريد إثبات قوته تجاه العالم الخارجى، وما يقوم به الآن فى سوريا ليس فقط لطرف الصراع فى سوريا، ولكن لكى يثبت للعالم الخارجى أن روسيا فى هذا العصر وهذا الوقت على قدم مساواة وإذا كانت تستطيع الولايات المتحدة أن تتدخل فهو أيضاً يستطيع».
ضعف أمريكا وأوروبا
وتابع: إن بوتين وبتشخيص دقيق يشعر بضعف الولايات المتحدة، وأن أوروبا مهتمة بالتعايش، كما يرى أن هناك أماكن مفتوحة يستطيع التدخل فيها بشكل محسوب فى الوقت المناسب للتدخل ليس من أجل السيطرة ولكن لدفع سيطرة محتملة.
واعتبر هيكل أن النظام الحاكم فى سوريا منذ حافظ الأسد طال ومكث فى الحكم أكثر من اللازم، معتمداً على ظروف الحرب الباردة وما بعدها، وهو نظام قمعى بشكل كبير وهو نظام أقلية، مبينا فى الوقت نفسه أن الوطن العربى قدر لحافظ الأسد وقوفه بعيداً عما يسمى باتفاقية السلام وغيره، وأن ما يبقى نظام بشار الآن هو الضغط على سوريا «ولو خف الضغط سيسقط النظام»، مؤكدا أن سوريا هى باستمرار موضع صراع فى العالم العربى، كونها نهاية الامتداد الآسيوى الذاهب إلى البحر من عمق آسيا وهى الأقرب فى الشرق الأوسط لجنوب أوروبا ومتصلة عضوياً بالوطن العربى، وهى بؤرة الفوران باستمرار، مشيرا إلى أن «من يستولى على سوريا ويصل إلى قلبها فى أى مرحلة من مراحل التاريخ يكون دوره أكبر فى المنطقة».
بشار دخل فى صراع أكبر
وحول وجود بشار الأسد ضمن التسوية فى المرحلة المقبلة، رد الكاتب الكبير: تسوية أو غير تسوية، فإن بشار دخل فى صراع أكبر منه فى دائرة كبرى، مضيفا أن بشار ليس له مستقبل، «وأنا أعتقد أن الوضع فى سوريا الآن لا يظهر أن المعارضة الموجودة لها مستقبل ولا بشار له مستقبل»، وشدد هيكل على أن تنظيم «داعش بلا مستقبل» لكن الذى يعطى قيمة باستمرار للجماعات الإرهابية، هو الفراغ، والذى حصل أن العالم العربى تففكت أواصره، وظهرت به ثغرات فى العراق وسوريا، وكذلك خروج القضية المركزية وهى فلسطين، بعد أن كانت هذه القضية تقوم بدور موحد وتعطى للعالم العربى وحدة الهدف.
تقصير كبير
وبشأن رؤيته للحل والموقف المصرى من الأوضاع فى سوريا، قال هيكل: أنا أعتقد أن هناك تقصيرا ولننسى بشار الأسد الآن، فنحن أمامنا سوريا، وكنت أتمنى أن يكون دورنا أكثر نشاطاً، معبرا عن ترحيبه بأن يزور الرئيس السيسى دمشق، مؤكدا أنه ليس بالضرورة أنه عندما يذهب الرئيس لبلد أن يعنى هذه أنه يدعم موقفها، لكن ممكن أن يكون ذلك بهدف تقديم نصيحة، مضيفا: أنا شخصياً أعتقد أنه ربما كان علينا أن تكون لنا علاقة أكبر بالمعارضة الداخلية الحقيقية فى سوريا، وأن نكون جادين فى أن نشعر الشعب السورى بأننا معهم فى كتاباتنا وإذاعاتنا وكل شىء.
اللاجئين السوريين والإمكانات العربية
وحول عدم لجوء المواطنين السوريين للعالم العربى، قال هيكل: العالم العربى لا يوجد به مجال وهو لا يرحب، وبعض دول الخليج استقبلت بعض الأرقام، لكنها تخشى المشاكل، وعلى مضض استقبلت بعض اللاجئين، مبينا أن أوروبا مستعدة لأن تأخذ أعدادا كثيرة من هؤلاء اللاجئين، خاصة أن أوروبا انتقلت من مرحلة الطبقة العاملة إلى التكنوقراط ولديهم نقص فى الطبقة العاملة.
وتابع: نحن أمام وطن عربى ضاقت فيه موارده عن طموحاته، وسادت به فترة من التململ بشكل كبير جدا،ً وارتكب زعماؤه فيه أخطاء تاريخية بغير حدود، وأصبح هناك عالم عربى تائه، وفى القدم كانت القاهرة مركزا، والآن ليس هذا موجوداً، كما تعرض العالم العربى لمشاكل فقر وطبقية مرعبة، إلى جانب قهر نظم عسكرية كثيرة جداً، خاصة فى سوريا.
الخليج مركز فرصة وليس مركز قوة
وأكد أن الخليج حاليا مركز فرصة وليس مركز قوة، مضيفا أن الخليج ليس له سياسة خارجية، ولا يستطيع أن يكون لديه سياسة خارجية، ويمكن أن يكون له مواقف تتغير بتغيير الظروف، لافتا إلى أن الاقتصاد ليس هو المال.
اليمن تختة تدريب
وأضاف: الأموال رهينة وليست قوة، لأنها موجودة فى أوروبا، وبوسعهم أن يقوموا بالحجز على الأموال، كما حدث مع أموال ليبيا وسوريا وإيران، وانتقل هيكل للحديث عن الوضع فى اليمن قائلا: «اليمن تختة تدريب، ولم تبق بها مدرسة أو مستشفى واقفة على رجليها، فالضرب هناك عشوائى وتم كسر ما استطاع الشعب اليمنى أن ينجزه فى 100 عام».
وأكد الكاتب الكبير: معظم الخراب الأكبر قام من الضربات الجوية، والحوثيون لم يقوموا بها، مشددا على أن «اليمن معرض لمذبحة كل يوم ضربات لطائرات وهناك أناس كثر يموتون والعالم العربى لا يتحدث»، مؤكدا أن الولايات المتحدة شريك فيما يجرى باليمن، «وأن الضرب الحادث هناك الآن هو ضرب أوكلته الولايات المتحدة لأطراف عربية».
الغرب يوظف قوانا ضد بعضها بدرجة مهينة
وقال هيكل: الغرب استطاع أن يوظف قوانا ضد بعضها بدرجة مهينة لدرجة أن الحرب الأهلية فى كل بلد عربى، وهذا موجود تقريباً فى معظم الوطن العربى، فيما أوضح هيكل أنه يدافع عن علاقات مصرية إيرانية بأسباب منطقية، وبينها أن هناك ثلاثة بلدان قوية فى المنطقة وهى تركيا ومصر وإيران، وأن العلاقات بين الثلاثى شىء مهم ورئيسى فى المنطقة طول الوقت، مضيفا أريد أن أقول: إننا نحتاج لإطارين حول مصر، الأول العربى وسهل الوصول إليه بوحدة التاريخ واللغة والثقافة، والإطار الثانى وهو الأوسع ويحتاج لوسائل أخرى، وهذا الإطار به ثلاث دول رئيسية مثل إيران وتركيا وإثيوبيا.
وحول وجود مطامع توسعية لدى طهران ورغبة فى تصدير الثورة الإسلامية، قال هيكل: لا يوجد شىء اسمه تصدير الثورة الإسلامية، مضيفا: الإسلام الشيعى ليس به غلط، فهذا اختلاف مذاهب وليس عيباً أن أتحدث عن رسالة الإسلام الواحدة الموجهة للبشرية كافة، وتابع: لا يمكن فى القرن الـ21 أن أتناول خلافا مذهبيا يقرر مصائرى الاستراتيجية، مشددا على أنه لا ينبغى لمصر أن تعادى أى دولة من دول الجوار تحت أى ظرف من الظروف.
مواجهة بين العرب وإيران
وعبر هيكل عن أمله فى ألا تحدث مواجهة بين الدول العربية وبين إيران، قائلا: أرجو ألا تحدث وإلا سيتم التلاعب بنا للمرة الثانية، فكيف يتودد الغرب لإيران ونحن نتصدر لعدائها ما لم تكن هناك أسباب قوية، مشددا على أنه لا يمكن تقييد موقف دول الخليج فى هذا الشأن، واستطرد هيكل: نحن فى عالم يتطور، ونحن نتحدث عن إيران وهى دولة مثل مصر بالضبط، خلفها 7 آلاف سنة، وأتمنى ألا تطغى السياسة بالنسبة لنا على حقائق التاريخ، فإيران وتركيا والحبشة دول جوار، لا بد أن تكون سقفا وبطن العالم العربى، مضيفا فى الوقت نفسه: أنا لست معجبا بأداء أردوغان، فهو قد يسقط فى أى انتخابات، لكن الشعب التركى باق ولن يبلعه البحر أو يختفى.
سد النهضة
وبشأن إثيوبيا، قال هيكل: إثيوبيا تحت أى ظرف من الظروف لا يمكن أن نتصارع معها، فماء النيل نعيش منه، والرئيس عبدالناصر لم يسمح بأن يكون هناك تناقض بين مصر والحبشة، ومصر من نقلت منظمة الوحدة الأفريقية لأديس أبابا إرضاء لهيلاسلاسى، مشددا على أن الحل فى قضية سد النهضة، مبينا أن الأمطار التى تسقط تكفى كل الأطراف ويجب أن تكون محط تعاون، منتقدا ترك موضوع المياه لفترة طويلة فى أيدى موظفى الرى والأشغال، فى حين أنه أمر يعالج بالسياسة، والحديث عن المصالح المشتركة وليس الاعتراض، داعيا لتأسيس هيئة عليا لموارد النيل.
ورأى الكاتب الكبير أن الغرب أضر بليبيا وكسر النظام الموجود وترك الأمور للإرهاب والفوضى، مشددا على أنه لا يمكن لمصر التورط فى هذا الخضم، مبينا أن كلا من ليبيا والسودان والصومال وإثيوبيا يستحقون أن يتم «تخصيص ناس للعمل فى الملفات الخاصة بالعلاقات معهم».
ورأى هيكل أن السياسة المصرية تائهة لأن معظم الموجودين جدد لهم علاقة بأثار التناقضات وليس لهم علاقة بنشأتها، وأصبح من الضرورى أن نواجه ذلك عبر تعزيز الإدارة فى الرئاسة من خلال عناصر أكثر حول الرئيس، خاصة من الشباب، مضيفا أن بعض المشاكل أو القضايا لا بد أن يكون لها مجموعات عمل دائمة حتى يتفرغ الناس للعلاقات مع إثيوبيا وتركيا وإيران.
وحول كيفية استعادة الوطن العربى السيطرة على مقاديره التى باتت تحدد فى الخارج، قال هيكل: بداية يجب أن يدرك العالم العربى حاجاته لمصر، وأن يكون هناك تدخل بشكل أكبر فى سوريا لتسهل أمور كثيرة، مبينا أن خروج بشار الأسد لن يأتى بالاقتلاع، ولا بد أن يأتى بالاقتناع، فالعلويين مثلاً لو خرج بشار الأسد اليوم سوف يتعرضون لمذبحة غداً.
وتابع بأنه يجب أن يكون هناك انتقال لأوضاع مدنية أكثر ديمقراطية، وأن يبحث العالم العربى عن مصالحه الحيوية، وأن يضع الرئيس السيسى مصر حيثما تساوى حقيقة فى عالمها العربى وعالمها الخارجى.
عدد الردود 0
بواسطة:
Nihal
ربنا يخليك ياأستاذنا
عدد الردود 0
بواسطة:
الله لا يحرمنا من خبرتك وحكمتك
حديث الحكيم العجوز المثقل بالتجارب والخبرات والممتلئ بحكمة السنين لا يخلوا من المنافع
عدد الردود 0
بواسطة:
سيدمصطفى
أ.هيكل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي
الخليج هو ظهير مصر وليس ايران
عدد الردود 0
بواسطة:
Salah
ا هيكل
عدد الردود 0
بواسطة:
بركة
لست على حقٍ دائماً يا استاذ
عدد الردود 0
بواسطة:
محى
فاقد الشىء لايعطيه يأ أستاذ هيكل
عدد الردود 0
بواسطة:
أ. د محمد البيلى
حديث هيكل
عدد الردود 0
بواسطة:
abdalrhman
(خيركم من طال عمره وحسن عمله وشركم من طال عمره وساء عمله )
عدد الردود 0
بواسطة:
mido ezzat
عدو عدوي صديقي