أشاد الدكتور صابر حارص رئيس وحدة بحوث الرأى العام بجامعة سوهاج وأستاذ الإعلام السياسى بتوصيات نقابة الصحفيين فى اجتماعها برؤساء التحرير واعتبرها تشخيصاً وطنياً غير منحاز ومخرجاً عاجلاً من الأزمة التى يعيشها الإعلام المصرى.
وقال حارص فى تصريح خاص له لــ(اليوم السابع) إن مجلس النقابة الحالى ينظر باهتمام بالغ إلى مساندة الدولة ودعمها والوقوف بجانبها من الهجمات التى تتعرض لها، ولكنه من جانب آخر ينظر باهتمام أكبر إلى غياب روح المسئولية والموضوعية وغياب روح الحرية أيضاً فى كثير من أداء وسائل الإعلام.
ولفت حارص النظر إلى برامج التسخين المعروفة التى تعمل لحسابها وحساب قنواتها الشخصى وتتسبب فى إزكاء روح التعصب والكراهية والتحريض على العنف والتأليب بين شرائح المجتمع فضلاً عن ممارسات التشهير والتجريح والسب والقذف التى تنتقل من حقل السياسية إلى الحقل الاجتماعى والتربوى للجماهير وتصبح سلوكاً حياتياً فى كافة مؤسسات المجتمع.
وذكر حارص الذى يقوم بتدريس تاريخ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج أن علاقة الصحافة بالحكام والسلطة فى مصر ربما لم تتغير منذ ما يزيد على قرن ونصف إبان ظهور الصحافة رسمياً على يد محمد على.
وشدد حارص على أن سجال الصحافة التى ترمز تاريخياً إلى مفهوم الإعلام الآن فى كفاحها من أجل حريتها واهتزاز مسئوليتها أثناء الأزمات أمر ليس جديداً ولكنه يعود إلى أواخر حكم الخديوى إسماعيل وخاصة من بداية 1875 إلى 1879، مُشيراً إلى أن الصحافة الأهلية التى تُسمى الآن صحافة خاصة أو مستقلة كانت قد ظهرت فى مصر منذ ما يزيد عن 140 عاماً وشهدت ازدهاراً فى الحرية أكثر مما تشهده فوضى الصحافة المستقلة الآن.
وأوضح حارص أن التاريخ يعيد نفسه، وأن أحداً لم يتعظ سواء من جانب الإعلام أو جانب الحكام والأنظمة، مضيفاً أن التاريخ أعاد نفسه فى علاقة الإعلام بهزيمة 1967 إبان حكم عبد الناصر، بعد أن كانت الصحافة المصرية على يد عبد الله النديم فى صحيفة الطائف قد فعلتها من قبل عام 1882 الذى انتهى باحتلال بريطانيا لمصر وفشل الثورة العرابية، على الرغم من أن الإعلام فى كلتا الحالتين كانت دوافعه وطنية لإذكاء الروح المعنوية ودعم تماسك الدولة الوطنية.
وحذر حارص من الفارق بين دعم الإعلام للدولة عبر التزامه بالمصداقية والاعتدال وأخلاقيات المهنة، وبين ممارساته الكارثية التى تقوم على التمويه والتهويل والتحيز والتزييف وإطلاق الشائعات وإثارة العواطف والنعرات وافتعال الأزمات والتهديد وإثارة الخوف والرعب.
ودعا حارص إلى الاستفادة من عظات التاريخ التى تكشف أن الحاكم الذى يمنح الصحافة حريتها لأغراضه وطموحاته الخاصة وليس إيماناً بها فى نهضة المجتمع ربما تنقلب عليه وتصبح أداة للفوضى والارتباك، مؤكداً أن ذلك قد حدث مع الخديوى إسماعيل والرئيس السادات.
وأشار حارص إلى أن التاريخ أيضا يؤكد أنه بالإمكان التلاعب بالصحافة والإعلام، وبإمكان الصحافة والإعلام التلاعب بالرأى العام، والعمل كأدوات صراع للقوى السياسية والاقتصادية.. لكن التاريخ فى المقابل أكد أن مراحل ازدهار الدول مرتبط بازدهار الصحافة والإعلام، وأن دولة الشخص الواحد لا تستمر، حدث ذلك مع محمد على، وعبد الناصر، والسادات، وأنه لابد من دولة المؤسسات التى تبنى بالحكام والشعوب معاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة