المراقب للأحداث يمكنه بسهولة رصد أمرين، ظاهرهما أنهما يستهدفان الرئيس السيسى، والحقيقة أنهما يستهدفان مصر. ولا أقول ذلك من باب الخلط بين شخص الرئيس وشخصية مصر، فالفروق بين الشخصيتين واضحة فى ذهنى، وليس هناك ما يدعونى إلى هذا التلبيس. هذان الأمران أحدهما داخلى، والآخر خارجى. الأمر الداخلى ويتمثل فى تلك الهجمة الشرسة التى تشنها فئة بعينها على الرئيس وحكومته ونظامه . هذه الفئة تنقسم إلى عدة عناصر فرعية تعمل كل منها فى اتجاه: ففرع يعمل فى مجال الإعلام، ويستهدف فرض ظلال سوداء قاتمة على العمل فى كل اتجاه، وأى ناحية، ولا يرى من الكوب سوى نصفه الفارغ، بل ويسعى إلى إفراغ النصف الآخر. ولا يلحق بالمشروعات الكبرى التى تم إنجازها سوى كل نقيصة، وأن التوجه كان صوبها خطيئة كبرى، وأنه ما كان للرئيس أن يستأثر بالرأى فيها وحده، وأنه كان من الأولى إيلاء الاهتمام بالاحتياجات الجماهيرية اليومية، لفك حالة الاختناق الاقتصادى والاجتماعى التى يكابدها المواطن. وهذا الفريق هو نفسه الذى كان يذهب إلى اعتبار المشروعات الكبرى والقومية، هى قاطرة التنمية التى تجر وراءها عجلة الاقتصاد دون استغراق فى تفاصيل الحاجات اليومية المستهلكة، وكأنهم بذلك أولياء الاتجاه المعاكس، وهم يفعلون ذلك نكاية فى الرئيس فى ظنهم، بينما هم يذبحون مصر، بالقضاء على الثقة الواجبة بين الشعب والقيادة، فيما تأخذ وتدع من مشروعات، تستلزم تضافر الجهد.
وفرع يتمثل فى رجال أعمال قبضوا على اقتصاد البلد، وأحكموا عليه قبضتهم، بحيث يمكنهم بسهولة التلاعب باسهمه، صعوداً وهبوطاً، دون أن يرمش لهم جفن. وكأنهم بذلك هم أصحاب البلد، وهم ليسوا على استعداد لفقد مكاسبهم، أو التنازل طواعية عن جزء منها، أو آداء الجزء الواجب فيها، متمثلاً فى الضرائب. وهم بتلاعبهم بأسهم الاقتصاد، يظنون أنهم يضغطون على أعصاب القيادة السياسية، كى تسير فى ركبهم، وتسلم قيادها لهم، بينما هم فى الحقيقة يضغطون على عصب المواطن المصرى، الذى يمثل العمود الفقرى لتجارتهم، ويمثل سقوطه سقوطاً لمصر. وفرع يتمثل فى نشطاء السبوبة، وأولئك هم المتاجرون بأوجاع الوطن والمواطن بقصد تحقيق مآرب خاصة بهم، بعضها تحقيق زعامة محلية متوهمة، والآخر يعمل مأجوراً لحساب الخارج، تحت مسمى منظمات المجتمع المدنى . وأنا أسميهم نشطاء السبوبة لسبب أراه وجيهاً، وهو أنهم يعملون، وليس فى بالهم الوطن لأنهم يعتبرون أن الحكم الحالى هو وعاء الاستبداد السياسى، والقهر، والزحف بقوة صوب الديكتاتورية، ويسعون بهمة إلى إعادة تثوير الناس على هذا النظام القائم، مستغلين أوجاعهم وآلامهم، باعتبارها ثمرة من ثمرات هذا الحكم العسكرى القائم . حين يفعل هؤلاء النشطاء ذلك، فإنهم لا يعملون لمصلحة الوطن. لأنهم يعلمون أن الفساد والإتكالية وإدارة الفشل، ليست وليدة اللحظة، وإنما بنت عقود مضت. وأن هذه الأمور لن تعالج بضغطة زر، ولا بتغيير نظام. وأن الدعوة إلى ثورة جديدة هى دعوة تخريب وهدم، والسعى بالوطن فى اتجاه المجهول. حين تقارن الهدف العام الذى يسعى إليه أولئك وهؤلاء بالهدف العام الذى يسعى إليه الخارج، تجدهما يتقاطعان عند نقطة واحدة وهى إسقاط مصر/ الوطن.
ومن هنا نأتى إلى الأمر الثانى، ويتمثل فى تآمر الخارج على مصر لإسقاطها كدولة ونظام وشعب. ولعل فى تصرفات الخارج حيال الطائرة الروسية المنكوبة، ما يفقأ عين كل من يزعم بعدم وجود المؤامرة، فهى موجودة ابتداء، تخطيطاً، وتنظيماً، وتمويلاً، وتسليحاً، وتوجيهاً، وتنسيقاً، وموجودة انتهاء بمحاولة بائسة لضرب الاقتصاد المصرى، ومحاصرة المصريين، وتجويعهم، وتركيعهم، بضرب الموسم السياحى لهم . وكل من يعمل فى ذات الاتجاه ـ بقصد أو بدون قصد، بحسن نية أو بسوئهاـ لا أجد له وصفاً سوى وصف الخيانة. لأنه حين تقع الأوطان، أو تهم بالسقوط، نتجاوز الأوجاع والآلام، ويربط الجميع حول بطنه الحزام، ونصطف صفاً واحداً خلف البنيان، حتى لا يتهاوى ذاتياً، أو بفعل قوى البغى والطغيان . ولا يعنى ذلك سوى العمل لمصلحة الوطن، لا مصلحة النظام . فهل إلى ذلك الاصطفاف من سبيل؟.
حــســـــن زايـــد يكتب: الاصطاف الوطنى هو الحل لمواجهة المؤامرات
السبت، 14 نوفمبر 2015 12:04 م
صورة أرشيفية