حكايات نساء الحروب.. 3هاربات من نيران القصف إلى القاهرة.. "مروى" يمنية من أم مصرية.. تمردت على العادات ورفضت الحوثيين والإخوان.. "نداء" عراقية صدمتها الحرب الأهلية.. و"ديما" سورية هربت من ويلات النزاع

السبت، 14 نوفمبر 2015 09:30 ص
حكايات نساء الحروب.. 3هاربات من نيران القصف إلى القاهرة.. "مروى" يمنية من أم مصرية.. تمردت على العادات ورفضت الحوثيين والإخوان.. "نداء" عراقية صدمتها الحرب الأهلية.. و"ديما" سورية هربت من ويلات النزاع جانب من ويلات الحرب السورية
تحقيق .. سهام الباشا - هدى زكريا - مونتاج شيريهان نجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحياة لا تدوم لأحد، ولو كانت كذلك لدامت للعراق وبترولها، ولسوريا وهدوء أهلها، ولليمن السعيد بخضار أرضه، ولكانت دامت لـ«نداء العراقية» و«مروى اليمنية» و«ديما السورية».. سيدات الحروب الثلاث تحمل كل منهن رائحة بلدها، واشتركن فى «العروبة» و«الحروب»، جئن إلى مصر لينجو بأنفسهن من نيران القصف العشوائى والتناحر القبلى والمذهبى أو السياسى، هربن ولكن لم يكن الهروب سهلا، فكل منهن دفعت الثمن، إما «ابن أو زوج أو أب» لا يستطعن الوصول إليهم، فكم هى قاسية تلك الحياة على أم تعيش فى بلد وأولادها فى بلد آخر تشتعل فيه الحروب، وكم هو مؤلم ذلك الإحساس باللجوء، وذلك الشعور بالتشتت، فلن يشعر بمرارة الغربة إلا أصحابها.

نداء..من الفرات إلى اليمن السعيد


فى تسعينيات القرن الماضى انتقلت نداء الكنانى إلى العيش بجوار زوجها اليمنى، الذى أنجبت منه طفلين، ولدا يسمى «زين»، وبنتا اسمها «جنى»، تقول نداء: «بالنسبة لقصتى فهى نفس القصة التى عانت منها أغلب النساء العربيات المتزوجات من غير جنسيتهن، حيث تنسلخ المرأة من عاداتها وتقاليدها مجبرة، وعليها أن تعيش عادات وتقاليد زوجها وبلده».


اليوم السابع -11 -2015

اليمن كتلة من العادات والتقاليد، وكان على «نداء» الالتزام بها دون جدال، وكما تقول: «فى البداية انبهرت بالمجتمع اليمنى، وعلى الرغم من أننى مسلمة ليبرالية منفتحة، فإننى عشت طوال 13 عاما فى محافظة، المسيطر عليها النظام القبلى بعيدا عن الأماكن المتحضرة فى الثقافة والتكنولوجيا».



بعد سقوط صدام حسين بدأت معاملة أهل زوجها تتغير معها، قائلة: «من المعروف أن اليمنيين يحبون صدام بالفطرة، وهنا تحول الحب إلى انتقام من كل العراقيين الموجودين فى اليمن، كما لو كنا نحن السبب فى سقوطه، وهنا أصبح محرما على مشاهدة أى قناة عراقية جديدة، كأنى شخص منبوذ وسطهم، وكان من ضمن الاضطهاد الذى مورس على، أن زوجى تزوج من صديقتى المقربة لى، وهو أمر مقبول بين اليمنيين ونادرا ما نجد شخصا متزوجا من امرأة واحدة».

رفض «نداء» هذا الزواج عرضها للقهر، قائلة: «حوربت لمجرد شعورى بخيانة زوجى وصديقتى لى، وكان رفضى يتعارض مع ثقافة اليمنيين، حيث وصل الأمر بمعاملتى ككافرة لمعارضتى ما نص عليه الشرع والدين فى أن من حق الرجل أن يتزوج من أربع سيدات».



هنا قررت الزوجة أن تترك اليمن، ولكن خوفها على أولادها دفعها إلى أن تأخذهما معها، وكانت العقبة الموجودة أمامها هو ضرورة موافقة الأب على سفرهما، تحججت نداء بأن والدتها سافرت إلى دولة الأردن من أجل العلاج، وأنها ترغب فى زيارتها هى وأحفادها، وبالفعل وافق الزوج على سفرهم.

فى 14 يناير 2006، وصلت إلى الأردن ومنها سافرت إلى العراق، وهناك أبلغت زوجها بأنها لن تعود إلى اليمن مرة أخرى، ولكن بسبب توتر الأوضاع التى عانى منها المجتمع العراقى، وقتها لم تنته مأساة الأم وأولادها، وبدأت رحلتها فى البحث عن عمل يضمن لهم عيشة محترمة، وبالفعل ساعدتها شهادة البكالوريوس الحاصلة عليها فى أن تعمل كمدربة رياضية فى الجامعة.

التحقت نداء بعملها فى الجامعة، ولكن لم يكفها الراتب، نظرا للغلاء الفاحش الذى عم البلاد، ولكن بالصدفة وجدت نفسها تعمل فى مجال الإعلام، بعد أن تمت استضافتها على إحدى القنوات بصفتها مدربة رياضية، وبعد انتهاء الحلقة تلقت عرضا بتقديم برنامج فى إحدى القنوات العراقية.

ونتيجة لعملها فى قناة فضائية معارضة لرئيس الوزراء السابق، نورى المالكى، تعرضت لنفس المصير الذى تعرض له كل العاملين فى القناة وهو التهديد بالقتل، موضحة: «وصل الأمر إلى اختطافى أنا وأولادى من أمام منزلنا ونجونا بأعجوبة على يد إحدى اللجان الأمنية فى الطريق السريع، وبعد هذه الواقعة، قررت أن أترك العراق، ولكن لم يكن أمامى خيار سوى اليمن باعتباره أكثر الأماكن آمنا على أطفالى، فأرسلتهما إلى والدهما أولا، وقررت أن ألحق بهما، ولكن بعد تدبير أمورى حتى أستطيع أن أحصل على سكن منفصل نعيش فيه سويا، لأنه لم يعد مقبولا أن أعود للعيش مرة أخرى مع زوجى وأهله».

«راحت جنى وراح زين وحتى اليوم ما شفتهم»، وخرجت نداء إلى مصر بعد مساعدة بعض أصدقائها لها، لكى تنجو بنفسها من العراق، وأصبحت تتواصل مع والدتها وأشقائها هناك عن طريق التليفون أو «الفايبر»، ونفس الأمر بالنسبة لأولادها فى اليمن.

ونظرا لخطورة الأوضاع فى اليمن استسلم الأب إلى فكرة عدم إمكانية أن يعيش ابناه معه، وقرر أن يرسلهما إليها فى أقرب فرصة، وهو ما تسعى إليه الآن من خلال العمل على إنهاء الإجراءات لهما، وفى الوقت نفسه تسعى لتوفير ثمن تذاكر السفر.

مروة..لم تخرج سوى بالفن


«مهما كانت أشكال كسرة النفس التى تعرضت لها فى اليمن بسبب عملى كفنانة، ولكنها لا تزال بلدى أولا وأخيرا، أكثر شىء يدبحك ويقطعك هو نظرة اللاجئة التى تراها فى عيون البعض».. كانت تلك هى بداية كلام الممثلة مروى خالد، وهى ابنة لأب يمنى وأم مصرية.


اليوم السابع -11 -2015


عدم تغطية الوجه وصولا إلى خلع الحجاب، تحكى قصتها قائلة: «فى مرحلة من حياتى سقطت أمامى كل القيم والثقافات التى قررت معها خلع الحجاب وأنا فى اليمن، ووقتها تعرضت لهجوم وانتقادات كثيرة لأنى مختلفة عن الآخرين فى كل أفكارى، فقد رفضت فكرة سيطرة الإخوان المسلمين على العديد من أبناء القبائل اليمنية، وهو ما عرضنى للهجوم لأنى باختصار أؤمن بأن بلدى لا ينقصها رجعية يكفى الفكر القبلى المسيطر عليه، ولهذا كنت أهاجم أى شخص يقول يسقط حكم العسكر، كما أرفض الحوثيين وحكمهم وأرفض أيضا أى عدوان على بلدى».

تعارض أفكار مروى مع المجتمع اليمنى جعلها تتعرض للكثير من المضايقات على حد تعبيرها، خاصة أنها تهوى التمثيل، وهى فكرة غير مقبولة بين بنات القبائل اليمنية، قائلة: «حلمى بأن أصبح ممثلة مشهورة أدى لمضايقتى بما فيه الكفاية لدرجة وصفى بأنى منحلة أخلاقيا، وفى كل مرة أقول مش مشكلة لازم أتحمل علشان حلمى وعلشان أنا وحيدة أبى وأمى».

التفرقة فى المعاملة بين الولد والبنت هو ما جعل مروى تتعرض للضرب على يد والدها كثيرا، ليس لسبب سوى أنها بنت وعليها الطاعة لكل ما يقره المجتمع هناك من عادات وتقاليد، فى مرحلة الجامعة وصلت مروى إلى حد الانفجار، على حسب تعبيرها، حيث قالت: «هنا تحول الخلاف بينى وبين والدى إلى صداقة التى جعلته يتأكد من أنى لن أقبل الإهانة أو الضرب، وبالتالى بدأ فى تقبل طريقة تفكيرى وعملى، إلى أن استطعت أن التحق بالتمثيل الذى اشتركت فيه بـ 26 مسلسلا و53 مسرحية، وانتهى بحصولى على عدة جوائز منها جائزة مهرجان المسرح بالجزائر وتونس».

26 مارس 2015 هو بداية عاصفة الحزم على الحوثيين فى اليمن، تقول مروى: «كنت قبل القصف بدقائق قليلة أتحدث مع صديقة لى بأن الوضع سوف يتحسن، وأنهم سوف يعودون مرة أخرى لممارسة عملهم كما كانوا من قبل، وبمجرد أن أنهيت معها كلامى وقعت الحرب، وتخيلت أن الأصوات التى أسمعها هى مجرد اشتباكات فى المنطقة، كما اعتدنا دائما، وفجأة وجدت المسلحون فوق العمائر ويأمرون الناس بعدم الخروج من منازلهم، وفى الوقت نفسه ظهرت عناوين الأخبار لتعلن عن الحرب على الحوثيين». وتضيف الفتاة اليمنية: «رغم التحذيرات التى وصلتنى بضرورة أن يفر جميع المصريين وأبناؤهم من اليمن، وطلبوا منى أن أرحل مع والدتى إلى مصر، فإننى فضلت البقاء فى بلدى، حيث استمرت الأوضاع كما هى حتى يوم 17 إبريل، وهو اليوم الذى وقع فيه انفجار ضخم بجوار منزلى هنا لم أستطع الاحتمال وقررت السفر إلى مصر». ومنذ أن جاءت مروى وهى تعيش مع والدتها وأقاربها المصريين.

تتذكر مروى بعض أحاديث صديقاتها عن السوريين والفلسطينين: «كنت أقول لهم عندما يصفونهم بالمشردين، اتقوا الله وارحموا عزيز قوم ذل، وها هو اليوم الذى أصبحنا مثلهم».

ديما..لم شمل أسرتها الصغيرة.. وتنتظر والدها


منذ عامين ونصف العام، جاءت ديما عماد إلى القاهرة بصحبة زوجها الصحفى سمير وطفليهما وليد وتيم، وبعد ثلاثة أشهر لحق بهم والدها ووالدتها وشقيقيها، تقول ديما: «عندما تعرض بيتنا فى ريف دمشق إلى القصف، انتقلنا إلى منزل آخر، ولكن تم قصف المنطقة أيضا، زوجى صحفى محايد لا مع ولا ضد النظام، إلا أن عمله كان يمثل خطورة شديدة عليه من الطرفين اللذين كانا يلاحقان أى شخص يعمل فى هذا المجال، خوفى عليه وعلى أولادى الصغار دفعنى لمطالبته بترك سوريا، ولا يوجد أصعب على أى إنسان من أن يترك بلده وأهله لكى ينجو بحياته، كان مستوى زوجى المادى ممتاز، وهو ما ساعدنا على السفر إلى مصر، ولكن لعدم توافر عمل له ساءت أحوالنا المادية كثيرا».


اليوم السابع -11 -2015


ونفس الأمر بالنسبة لوالد ديما الذى لم يستطع الانقطاع عن عمله فى سوريا، خاصة مع نفاد الأموال التى كانت معه، فاضطر الأب إلى العودة مرة أخرى تاركا زوجته وأبنائه هنا، وفى سوريا زادت الأوضاع سوءا، وفى الوقت نفسه توقفت مصر عن استقبال السوريين، الأمر الذى دفع زوجته إلى التقدم بطلب لوزارة الداخلية لمنح زوجها إقامة دراسة، لأن ابنتهما الصغيرة التحقت بالمدارس المصرية، وبالتالى أصبح من حقه الحصول عليها، وفعلا وافقت وزارة الداخلية وجاء الأب مرة أخرى.
وتوضح ديما: «صعوبة الحياة وغلاء الأسعار دفعت والدى وشقيقى إلى أن يهاجرا بطريقة غير شرعية عن طريق البحر إلى ألمانيا منذ ما يقرب من شهر ونصف الشهر، حيث اشترط المهرب على كل منهما دفع مبلغ 2000 دولار، وهو المبلغ الذى قمنا بتجميعه من كل معارفنا السوريين فى مصر».


اليوم السابع -11 -2015


«7 أيام كاملة لم نستطع فيها النوم بسبب القلق عليهما من طول الرحلة والمخاوف المرتبطة بها، خاصة مع عدم وجود أى وسيلة اتصال تمكننا من الاطمئنان عليهما»، هكذا تحكى ديما عن هجرة والدها وشقيقها عبر مركب صغير خرج من مصر عبر البحر المتوسط متجها إلى ألمانيا، مضيفة: «كانت رحلة صعبة كتير، رحلة موت بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. كل من على المركب حسب كلام بابا شربوا من مياه البحر، ولكن لأنه مريض بالسكر ما استطاع، وتعب لدرجة أنه قال لنا أنا ندمت على السفر بهذه الطريقة».

وصل الأب والابن إلى الحدود الألمانية، ولكن حتى الآن لا تزال معاناتهما قائمة كما تقول الابنة، حيث تم إلقاء القبض عليهما ووضعهما فى مخيم مؤقت للاجئين.

تقول ديما: «أبى وأخى الآن ينتظران قرار محكمة اللاجئين فى مدى قبولهما كلاجئين، وإذا صدر الحكم لصالحهما سوف توفر لهما السلطات الألمانية منزلا لكل منهما وراتبا شهريا، وفى هذه الحالة يستطيع أبى التقدم بطلب لم الشمل لوالدتى وشقيقتى الصغيرة، لأنها تحت عمر الـ 18 عاما، أما أنا فلا أستطيع لأنى متزوجة، فسأظل هنا مع زوجى وأولادى».

ديما تعمل موجهة فى مركز بناة الحضارة لتعليم الطلاب السوريين، ومعها والدتها التى تعمل كمشرفة فى نفس المركز، إلا أنها نظرا لكبر عمر الأم وحالتها الصحية فالعمل بالنسبة لها يمثل صعوبة كبيرة، حيث يجب تواجدهما يوميا فى المركز من الساعة السابعة صباحا، وبعد انتهاء اليوم الدراسى تبدأ الأسرة فى التواصل يوميا مع الأب والابن فى ألمانيا، ليبدأ معها الاطمئنان على الطرفين، وفى اتصال هاتفى قالت ديما لوالدها: «كيف أحوالك يا بابا.. شو طبخت اليوم.. شو أحوالك وصحتك.. لا تنقطع عنى بالاتصال.. الله يلم الشمل بينا حبيبى؟».


اليوم السابع -11 -2015









مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

تويته

حرام

عدد الردود 0

بواسطة:

تويته

حرام

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة