محمد أبو الفضل يكتب: الرقابة والمحاسبة ضرورة للقضاء على الفساد

السبت، 14 نوفمبر 2015 06:13 م
محمد أبو الفضل يكتب: الرقابة والمحاسبة ضرورة للقضاء على الفساد ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى حياتنا الحالية يطلق على الإهمال والهدر والتلاعب بالمال العام ومقدرات الدولة "فساد"، وفى اللغة تعنى البطلان، فيقال فسد الشىء أى بطُل واضمحل، وفى أطروحة صندوق النقد الدولى والمؤسسات الدولية والهيئات المعنية بالشأن اقتصادى والسياسى تشرحه بأنه استعمال المسئول للوظيفة العامة للكسب الخاص غير المشروع .

الفساد صفة بشرية بغيضة مذمومة وآثارها وخيمة نهى الله عنها فى القرآن الكريم أكثر من مرة، كقوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الأَرْضِ أن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) .الفساد سلوك معاد ومضر بأفراد المجتمع، يحقق للقائم عليه مكاسب لنفسه لكنها تضر بالمجتمع بأسره، إذ تترتب عليها خسارة مالية ومعنوية للأفراد، فالفساد يزيد الفقراء فقراً وقهرا، والفاسدين ثراءً، فلا عدالة ولا مساواة مع الفساد، ولا تنمية حقيقية فى ظل وجوده وانتشاره، فهو كمرض السرطان يستشرى ويتغلغل فى الجسم، وتكمن صعوبة علاجه أن تأخر فى اكتشافه، فكيف بإهماله والتغاضى عنه، وإن بات الفساد عادة ثابته تعمق الشعور بالظلم والقهر والتهميش، وازداد معه الفساد الأخلاقى والجريمة.

الفاسدين المفسدون يبحثون دائماً عن مصالحهم الشخصية ودون النظر لمصلحة المواطنين ولا يضعون فى اعتبارهم المصلحة العامة والمال العام، لذا فإن الإدارة الفاسدة للموارد العامة تقف كحجر عاثر وتلحق الضرر بقدرة الحكومة على تقديم مجموعة من الخدمات، بما فيها الخدمات الصحية والتعليمية، فتلحق الضرر بالحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فيعانى قطاع كبير منهم ويصبحون فى عداد المحرومين، وكل ذلك من عواقب وجود المفسدين، فبحسب دراسة للبنك الدولى تشير إلى أن هدر كل دولار بسبب الفساد يؤدى إلى هدر تريليون دولار سنوياً فى العالم فى الوقت الذى يتسبب فى خسارة اقتصاد الدولة بمقدار 1.7 دولار. كما أن معدل دخل الفرد يقل بثلاثة أضعاف فى الدول الأكثر فساداً عنه فى الدول الأقل فساداً، بينما يزيد معدل وفيات الأطفال بثلاثة أضعاف فى الدول الأكثر فساداً عنه فى الدول الأقل فساداً.

العديد من التقارير تؤكد على وجود الكثير من المخالفات والتجاوزات القانونية الكبيرة فى وزارات الدولة والتى أدت إلى هدر فى المال العام والذى يقدر بالملايين، والمتسبب فى زيادة الأزمة الاقتصادية فى البلاد، ورفع الدين العام إلى مستوى عال، ما سمح هذا الأهمال فى ازدياد مستوى الاقتراض، لذا فإن مكافحة الفساد المالى والإدارى بحاجة إلى تفعيل الرقابة وسياسية المحاسبة، وسرعة تقديم المتورطين إلى المحاكمة.

إن الكشف عن ثروتنا الوطنية ومحاسبة المتلاعبين بها أولوية وضرورة حتمية وليست وجهة نظر، فالأمر لا يقتصر على نشر ثقافة الأمانة ونشر الشفافية لتعزيز النزاهة كقيمة مجتمعية فحسب إنما الأمر يتعدى ذلك إلى المحاسبة، فالفساد سيستشرى فى ظل وجود ثقافة الإفلات من العقاب، فليس هناك أبشع من ترك الفاسد المفسد دون عقاب، لأنه فى عمله تهديد لكرامة المواطنين وأمنهم المعيشي، وحقوق الأجيال القادمة .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة