قال المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، إن أمام فرنسا ثلاثة خيارات للتعامل مع الجريمة الاٍرهابية التى تعرضت لها.
أول تلك الخيارات، الدفع نحو الوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، فقد بدأ أن نجاح نظام الرئيس بشار الأسد فى الحفاظ على تماسك "بقايا" الدولة السورية والتصدى للتنظيمات الإرهابية، يتلاقى مع المصالح الأوروبية، فى ظل غياب أى بديل لنظام الأسد قادر على ملء الفراغ الذى سوف يتركه بعد رحيله فى ظل الصراعات المتصاعدة بين القوى السياسية المختلفة، وعدم امتلاك المعارضة المسلحة سلطة فعلية على الأرض أو برنامج عمل قابل للتنفيذ.
وبالتالى، سوف تعتبر باريس بشار أقل الأضرار فى المرحلة المقبلة، رغم أن فرنسا كانت من أكثر الدول الأوروبية تشددا تجاه نظام الأسد، فكانت تعتبره أساسا الفوضى، فى فترات سابقة، وكانت تصر على تخليه أو تنحيه عن الحكم.
وأشارت الدراسة التى أعدتها مجموعة متابعة وتحليل الأزمات بالمركز الإقليمى بعنوان "التداعيات المُحتملة لهجمات باريس على الأزمة السورية" إلى أن الخيار الثانى هو تعزيز الضربات الجوية ضد داعش، سواء بالتنسيق مع قوات التحالف الدولى أو دون التنسيق، وهو ما يتضح من تصريح وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس "أن أحد أهداف اجتماع فيينا هو تحديدا أن نرى بشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولى فى مجال مكافحة داعش"، ويتزامن ذلك مع تحركات فرنسية سابقة لاستهداف داعش فى سوريا، لا سيما عقب إرسال حاملة الطائرات "شارل ديجول" للمشاركة فى الغارات ضد داعش.
جدير بالذكر أن فرنسا تصر على توجيه ضربات عسكرية ضد نظام الأسد، باعتباره المسئول الرئيسى عن الأزمة السورية، ولكن بعد سيطرة داعش على مناطق عديدة فى العراق ثم سوريا، تغير الموقف تدريجيا فى ظل الانشغال بمحاربة الإرهاب فضلا عن محاولة تخفيف حدة التداعيات الناجمة عن انضمام عدد كبير من الأوروبيين إلى ساحة القتال فى سوريا والعراق وكذلك تدفق عدد كبير من اللاجئين إلى فرنسا ودول أوروبية أخرى. وبالتالي تحولت الأولوية من محاربة الأسد إلى محاربة الإرهاب.
وثالث تلك الخيارات هو دفع فرنسا حلفاءها للبحث بجدية حول مراجعة جهود التحالف الدولي الذي تشكل فى سبتمبر العام الماضى، لأن نتائجه على الأرض حتى الآن غير مجدية، فى ظل عدم قدرتهم على استئصال التنظيم أو حتى ردعه عن استهداف الدول الأوروبية، وهو ما قد ينعكس من حديث الرئيس الفرنسى هولاند أن هناك حربا ضد فرنسا. وهذا يعنى عملياً أن فرنسا سترد ردا شديدا للغاية بحيث يتناسب مع تصريحه خاصة أن فرنسا دولة كبرى وبالتالى لا يمكن تصور تراجعها عن هذا التصريح، وما قد ينتج عن "حرب مفتوحة" مع التنظيمات الإرهابية المختلفة.
ومع ذلك، يتطلب الخيار الأخير التنسيق مع روسيا والولايات المتحدة، وربما إيران، بعد أن باتت روسيا الدولة الوحيدة القادرة على حل الأزمة السورية، وربما تستغل فرنسا إعلان بوتين فى وقت سابق عن إقامة تحالف دولى جديد يضم الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والعربية ونظام بشار الأسد لمحاربة تنظيم داعش، لتنشيطه من جديد، فضلا عن أن هناك توجها فرنسيا مفاده أن التدخل العسكرى فى بعض الأزمات على غرار الأزمة فى مالى، كان أحد الأسباب الرئيسية فى تنامى ظاهرة الإرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة