شدد السفير منير زهران مندوب مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة، وكبير مفتشى المنظمة الدولية سابقا، وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية على ضرورة وقف المشاركة النووية بين الدول النووية، والدول غير النووية فى إطار حلف شمال الأطلنطى (الناتو) فورا؛ لأنها منتهكة لأحكام المواد الأولى، والثانية، والسادسة من معاهدة حظر الانتشار النوو ى..داعيا فى الوقت ذاته إلى ضرورة نزع جميع الأسلحة من الفضاء الخارجى بما فى ذلك الدمار الشامل، وعلى رأسها السلاح النووى.
وقال السفير زهران – فى مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط فى عمان على هامش (مؤتمر عمان النووى الذى عقد نهاية الأسبوع الماضى فى العاصمة الأردنية) –" أن فشل مؤتمر مراجعة حظر الانتشار النووى أبريل - مايو 2015 كان متوقعا؛ لأنه لا توجد إرادة سياسية إزاء أمرين مهمين جدا يؤثران فى نظام منع الانتشار النووى أولهما إصرار الدول النووية على احتفاظها بأسلحتها النووية (الخيار النووى)، وهذا مخالف لما سبق الاتفاق عليه منذ إبرام المعاهدة فى العام 1968، وهو أن حيازتها لهذه الأسلحة مؤقت إلى أن تعقد معاهدة لحظر إنتاج، وتخزين، واستخدام السلاح النووى، وإزالته فى إطار زمنى محدد، قائلا "إن هذا ما اتفقنا عليه، وأكدناه فى مؤتمر المراجعة للعام 1995".
وأضاف "أن الأمر الثانى يتمثل فى أن المد اللانهائى للمعاهدة يستند لنقطتين ضروريتين، هما ضرورة إخلاء العالم من السلاح النووى - أى أن تتخلى الدول النووية عن السلاح النووى - وهو مقدمة لكى تتخلى الدول التى لم تنضم إلى المعاهدة، وهى الهند، وباكستان، وإسرائيل إضافة إلى كوريا الشمالية التى انسحبت منها فى العام 2002، مشددا على أنه لا يوجد لأية دولة شرعية فى امتلاكها للسلاح النووى أو استخدامه".
أما النقطة الثانية – وفقا لكبير مفتشى الأمم المتحدة سابقا - فهى خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، حيث إن المادة السابعة من المعاهدة تنص على ضرورة التفاوض حول إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، وباقى أسلحة الدمار الشامل، وكانت هناك آلية للتفاوض حول ذلك إلا أنه لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق.
وتحدث السفير زهران عن مؤتمرات مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووى للأعوام 2000 و2005 و2010 و2015، قائلا بالنسبة لمؤتمر العام 2000 فقد نجحنا فى إدراج إجراءات مهمة جدا للتوصل إلى إزالة السلاح النووى، وعددها 13 إجراء إلا أن الدول النووية لم تنفذها..منوها بأن هذه الإجراءات قد أخذت من برنامج عمل قدمه هو نيابة عن دول عدم الانحياز فى العام 1996..كما صدر فى نفس التوقيت رأى استشارى من محكمة العدل الدولية بضرورة التفاوض حول ضرورة نزع السلاح النووى إلا أنهم لم ينفذوا برنامج العمل أيضا.
وأشار إلى أن مؤتمر 2005 فشل لعدم إحراز تقدم فيما يتعلق بإنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووى وباقى أسلحة الدمار الشامل..ولإنقاذ مؤتمر عام 2010 وافقوا على عقد مؤتمر حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى، وغيره من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط قبل نهاية العام 2012 إلا أن الولايات المتحدة طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة تأجيله لأن الظروف غير مواتية، وهناك عدم استعداد كاف "وحتى الآن لم يعقد هذا المؤتمر".
وأفاد السفير زهران بأنه فى مؤتمر العام 2010 تم الاتفاق على 8 إجراءات إضافية لإزالة السلاح النووى من العالم إلا أنه لم ينفذ منها أى شىء حتى الآن (2015) لتضاف إلى (13) إجراء السابقة التى تنفذ هى الأخرى.
وقال " إنه نظرا لعدم حدوث أى تقدم فيما يتعلق بموضوع نزع السلاح النووى من المنطقة، فقد اتفقت المجموعة العربية، والدول العربية على ورقة، وهى أن الأمين العام هو من يدعو للمؤتمر (الخاص بالشرق الأوسط)، وبأجندة يتم التوافق عليها، وليس الدول الثلاث المودعة فى موعد غايته 180 يوما (بعد 22 مايو) إلا أنهم اعترضوا وحددوه ببداية مارس 2016 كما أنهم اعترضوا أيضا، ولم تصدر أية وثيقة كنتيجة نهائية لمؤتمر 2015".
وأضاف"إننا فى مصر انضممنا لمبادرة (الأثار الكارثية على الإنسانية نتيجة استمرار حيازة السلاح النووى) بجانب 107 دول أخرى، وهذه المبادرة مهمة جدا، وتعتبر أساسا ضروريا للعمل عليها من أجل توسيع نطاقها، وعدد المنضمين إليها من الدول غير الحائزة على الأسلحة النووية".
وأشار إلى أن هناك عددا من الخطوات التى يجب العمل عليها من الآن فصاعدا، وهى ضرورة التفاوض حول معاهدة لحظر استخدام السلاح النووى فى مؤتمر نزع السلاح وفقا للرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية للعام 96، ولحين الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب ذلك أمرين: الأول الاتفاق على معاهدة على حظر استخدام السلاح النووى، وأن تكون هناك ضمانات أمن لصالح الدول غير النووية إلى أن تعقد المعاهدة الشاملة لنزع السلاح النووى..قائلا "نحن بحاجة إلى ضمانات من الدول النووية لصالح غير النووية أن تمتنع باستخدام السلاح ضدها".
وأضاف"يجب الاتفاق على معاهدة لحظر استخدام الأسلحة النووية (معاهدة انتقالية) إلى أن تعقد المعاهدة الكبيرة لحظر السلاح النووى التى تشمل حظر الإنتاج، والتخزين واستخدام، وإزالة حتى نصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية".
وحول المطلوب عربيا لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل..أجاب السفير زهران بأن جميع الدول العربية قدمت مبادرة فى مؤتمر نزع السلاح فى العام 1999 كما أننى قدمت مبادرة، وكررها السفير نبيل فهمى فى العام 2013 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة..وقلنا فيها إنه يتعين على جميع دول المنطقة التى لم تنضم لأى من المعاهدات الثلاث (حظر انتشار الأسلحة النووية، وحظر الأسلحة الكيماوية، وحظر الأسلحة البيولوجية) أن تودع وثائق التصديق أو الانضمام لدى السكرتير العام للالتزام بها.
ونوه فى هذا الإطار بأن مصر وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإسرائيل لم توقع كما أن مصر وقعت ولم تصدق على معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية وإسرائيل لم توقع، فيما امتنعت مصر عن التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية شريطة إزالة السلاح النووى من منطقة الشرق الأوسط، والسعى لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وحول برنامج إيران النووى، وتأثيراته على دول المنطقة..قال زهران"إن إيران أعلنت أنها طورت إمكانياتها النووية لصالح الاستخدام السلمى للطاقة النووية وفقا لمعاهدة منع الانتشار حسب المادة الرابعة التى تتيح للجميع بما فيها مصر، إلا أن الأجهزة المخابراتية خاصة الإسرائيلية اكتشفت أن لديها إمكانيات نووية غير معلنة خاصة، وأنها لديها اتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش على منشآتها النووية، إلا أنها أخفت بعض المعلومات، وهو ما أثار الريبة فى أنها تقوم بأفعال بعيدا عن المجتمع الدولى وبعيدا عن الرقابة".
وقال"من هنا جاءت فكرة التفاوض مع إيران لأنها مخالفة للاتفاقية المبرمة بينها، وبين الوكالة الدولية..علاوة على أنها إذا كانت تستخدم هذه الطاقات النووية لأغراض غير سلمية فهى تنتهك أحكام المعاهدة".
وأضاف" لو خلصت النوايا سينتهى الأمر إلى أنه بعد انتهاء مدة الاتفاق المحددة (أى بعد 15 عاما) سيتبين عما إذا كان هناك فراغ استغلته إيران، وجعلها تدخل فى إجراءات أخرى خاصة، وأنه وفقا للاتفاق المبرم بينها، وبين الدول الست سيتم الإفراج عن أرصدتها المجمدة فى الاتحاد الأوروبى، والتى تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما سيساعد فى حل أزمتها الاقتصادية"..منوها فى الوقت ذاته بأن قدرة إيران النووية لم تمس باعتبار أن لديها التكنولوجيا، والعلماء، ويمكن أن تكون دولة نووية فى المستقبل إذا لم تلتزم بأحكام المعاهدة.