هذا إلى جانب شن الشرطة البلجيكية غارات متعددة بحثا عن مشتبه بهم فى صلاتهم بالأحداث الأكثر دموية فى تاريخ فرنسا.
وإن كانت بلجيكا كدولة ليست ذات ثقل كبير على الساحة السياسية العالمية، إلا أن كون مقر الاتحاد الأوروبى فى عاصمتها بروكسل يجعل لها أهمية شديدة فى القارة الأوروبية، ولذلك فإن مشكلة التطرف فى بلجيكا لا تزعجها وحدها، بقدر ما تؤرق أيضا الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.
حى مولنبيك مركز التطرف فى بلجيكا
فى قلب العاصمة البلجيكية بروكسل يقع حى مولنبيك، وتقطنه أغلبية مسلمة يمثلون الجيل الأول والثانى والثالث للمهاجرين، والتى أصبحت واحدة من أكثر المناطق الرئيسية فى العالم التى يتواجد فيها المتطرفون العنيفون.
وألقت الشرطة البلجيكية على مدار اليومين الماضيين القبض على العديد من المشتبه فى معرفتهم أو صلتهم بالهجمات فى باريس، وهى ليست المرة الأولى التى يشارك فيه أفراد من مولنبيك فى الإرهاب الدولى، حسبما تقول صحيفة "واشنطن بوست".
وكانت سيارة بلجيكية استخدمها المهاجمون قد قادت الشرطة إلى مولنبيك، حيث تم اعتقال واحد من ثلاثة أشقاء، قبل أن يطلق سراحه، بينما قتل الآخر فى الهجمات وتحول الثالث إلى هدف مطاردة واسعة النطاق.
المتطرفون على صلة دوما بمولنبيك
وفى تعبير عن مدى القلق الذى يثيره هذا الحى، قال رئيس الوزراء البلجيكى تشارلز مايكل لتليفزيون بلاده صباح الأحد "إن هناك صلة دائما تقريبا بمولنبيك، وتلك مشكلة هائلة بالتأكيد". وردا على سؤال عن أسباب قيام حكومته بالمزيد لمواجهة هذا، رد قائلا إن الحكومة قامت بالفعل بعدد من المبادرات على مستوى الوقاية، لكن إضافة إلى ذلك، نحتاج لأن نكون أكثر قمعا، وسنعمل بكد فى هذا الشأن.
مهاجرون من أصول مغربية وتركية
ورغم ذلك، فإن لا يوجد ما يوحى بمدى التطرف فى هذا الحى، فبه شارع تجارى مزدحم ومحلات للحلوى وأخرى لإصلاح السيارات ومقاهى فى الزوايا.. وفى أيام الأحد يشاهد الرجال مباريات كرة القدم أثناء احتسائهم الشاى والقهوة، ويضم الحى كثيرا من المغاربة والأتراك الذين هاجروا قبل حوالى نصف قرن ليصبحوا ضمن الطبقة الوسطى وإن كانوا ليسوا بأثرياء، إلا أن معدلات البطالة فى هذا الحى مرتفعة وتصل إلى ما بين 30% إلى 40% ومتوسط دخل أقل بكثير من متوسط دخل البلجيكيين بشكل عام.
والمدارس والمناطق السكنية بها سيئة، والأكثر أهمية أن هذا الحى يتناقض بحدة مع المواطنين الأكثر ثراء فى بروكسل الذين يقيمون بالقرب منه.
تهديد الشبكات الجهادية فى بلجيكا
شبكة "سى إن إن" الأمريكية قالت إن التطورات الأخيرة سلطت تركيزا جديدا على التهديد الذى تمثله الشبكات الجهادية فى بلجيكا، الدولة التى يشير البعض إلى أنها صدرت جهاديين للصراع فى سوريا والعراق أكثر من أى بلد أوروبى آخر، مقارنة بإجمالى عدد سكانها.
ووفقا للأرقام الصادرة عن المركز الدولى لدراسة التطرف والعنف السياسى فى يناير الماضى، فإن ما يقدر بـ440 بلجيكيا حملوا السلاح لصالح الجماعات المتطرفة فى الشرق الأوسط وهو ما يمثل ضعف من ذهبوا من فرنسا، وأربعة أضعاف الذاهبين من بريطانيا "مقارنة بعدد سكان البلد". وقد عاد 130 شخصا إلى بلجيكا، بينما مات 77 وهم يقاتلون، وبقى أكثر من مائتين فى سوريا. وظهر هؤلاء نتاج صدام اجتماعى منع مولنبيك من أن تصبح وعاء انصهار بلجيكى. فقبل 50 عاما، وصل مهاجرون من المغرب وتركيا ومصر وليبيا، ثم أرسلت بعض دول الخليج دعما للمدارس الدينية فى السبعينيات مما أدى إلى توتر بين المدارس الوهابية والتقاليد المغربية الأكبر والأكثر اعتدالا. واليوم يوجد فى هذا الحى أكثر من عشرة مساجد نصفها داخل المبانى القديمة، وفى بعض الحالات استولى مسلمون متشددون على مجالس المساجد الموجودة ويبقى اتجاه بعض المساجد فى حالة تغير مستمر.
وتعبيرا عن تلك الأزمة، صرح وزير العدل البلجيكى كوين جينس لشبكى "سى إن إن" قائلا إن بلاده لديها مشكلة مقاتلين أجانب، وذكر مولنبيك كنموذج للمنطقة التى تحتاج إلى المزيد لمحاربة هذا التهديد.
وتعود صلة هذا الحى بالتطرف إلى عقود، حيث أسس بسام عياشى، رجل الدين السلفى الفرنسى مركزا إسلاميا فى مونبليك فى أوائل التسعينيات، وهو التنظيم الذى تقول السلطة إنه يتبنى وجهات نظر متشددة ووجهات نظر القاعدة وتجنيد المقاتلين الجهاديين.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن بلال بنيعيش، الخبير بأحد مراكز الأبحاث البلجيكية المتخصص فى شئون المتطرفين الإسلاميين، أنه لا يشعر باندهاش من صلة البعض فى مولنبيك بما حدث فى باريس، لأن الإسلام السياسى والتطرف فى البلاد تنامى على مدار السنين، وحقيقة أن الكثيرين يشعرون أنهم لن ينجحوا أبدا تجعلهم أرض خصبة للتجنيد.
موضوعات متعلقة..
هولاند: ضربات باريس تم تخطيطها فى سوريا وتنظيمها فى بلجيكا
بلجيكا: إطلاق سراح 5 مشتبه بهم فى هجمات باريس بينهم شقيق انتحارى
الشرطة البلجيكية تحتجز شخصين للاشتباه بصلتهما بهجمات باريس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة