القضاء الإدارى ينتصر للفقراء.. حيثيات الحكم بإلزام الحكومة بعلاج طفل مدى الحياة.. وقف تنفيذ قرار وزير الصحة بمنع صرف دواء لطفل مريض بمرض نادر.. ووالده: "التأمين الصحى رفض علاج ابنى.. وبعت كل ما أملك"

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015 01:55 م
القضاء الإدارى ينتصر للفقراء.. حيثيات الحكم بإلزام الحكومة بعلاج طفل مدى الحياة.. وقف تنفيذ قرار وزير الصحة بمنع صرف دواء لطفل مريض بمرض نادر.. ووالده: "التأمين الصحى رفض علاج ابنى.. وبعت كل ما أملك" الطفل ووالديه
البحيرة - جمال أبو الفضل - ناصر جودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى، نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة السلبى المطعون فيه بالامتناع عن صرف دواء MIGLUSTAT للطفل محمد سعيد محمد مسعود المريض بمرض نادر مدى الحياة أو حتى تمام الشفاء على نفقة الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام وزارة الصحة بتقديم ذلك الدواء إليه بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وألزمت الحكومة المصروفات.

وأكدت محكمة القضاء الإدارى، أنه إزاء عدم تنظيم المشرع لحقوق الأطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره أو اطفال الشوارع بالرعاية الصحية وعدم خضوعهم لخدمات التأمين الصحى، مثل أقرانهم طلاب المدارس ولمواجهة الفراغ التشريعى الذى حرم هؤلاء الأطفال من حقهم الدستورى فى العلاج المجانى، فإن المحكمة من واجبها أن تتسلح فى ميدان الفكر والمنطق القانونى السليم بالأدوات الفنية الرصينة لمواجهة ما تبقى من كيان الطفل الذى يصارع الموت والحرمان من كل جانب، بعد أن تخلت عنه الحكومة، سواء التأمين الصحى أو وزارة الصحة، بلا هوادة، واجتمع فى جسده النحيل الجهل والمرض والفقر.

اليوم السابع -11 -2015

وأضافت المحكمة أن من واجبها الدستورى أن تبتدع من الحلول القانونية السديدة، وأن تنشئ من القواعد المشروعة لإنقاذ حياة هذا الطفل التى تصون لها الدستور ليتمتع بأبسط حقوق المواطنة كإنسان، تطبيقا للقاعدة الفقهية لدى علماء الأصول التى تقضى "أن النعمة بقدر النقمة والنقمة بقدر النعمة"، وألزمت الحكومة بعلاجه فورا على نفقة الدولة إنقاذا لحياته.

وأوضحت أن الدستور لم يقيد حق الأطفال فى الرعاية الصحية بالانتماء للنظام المدرسى مما يفقد شريحة من أطفال المجتمع من حقهم الدستورى فى الرعاية الصحية، وأكدت أن ما بين العدل والعدالة تقع الرحمة التى يشتهيها المظلوم ودعت المحكمة مجلس النواب الجديد إلى سد هذا النقص ليستفيد بالرعاية الصحية الأطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره أو أطفال الشوارع كما دعته أيضا إلى تنفيذ إرادة المشرع الدستورى بإنشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كافة أشكال التمييز.


اليوم السابع -11 -2015

وقال والد الطفل، إنه فقير وباع كل ما يملك لعلاج ابنه الذى تسبب المرض فى عدم تعليمه ويعانى من مرض وراثى نادر من أمراض التمثيل الغذائى وهو " NIEMANN- PICKC " وتم تشخيص المرض بالطفرة الوراثية ووجد أنه لديه طفرة فى جين (NPC1) وهذا المرض تم اكتشاف علاج له بانزيم MIGLUSTAT بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا مدى الحياة، وقد تم عرضه المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة التى أوصت بعلاجه، وذهب به إلى التامين الصحى لكنه رفض علاجه بحجة أنه غير مختص لعدم قيده بأى مدرسة، وذهب به لوزارة الصحة فامتنعت عن تقديم العلاج له بحجة أنه ليس من بين حالات العلاج على نفقة الدولة، فلم يجد بابا مفتوحا له إلا القضاء العادل.

وأضافت المحكمة، أن الطفل ابن المدعى لا يسرى عليه القانون رقم 99 لسنة 1992 فى شأن التأمين الصحى على الطلاب، لأنه غير مقيد بمدرسة بسبب المرض وعدم قدرته على الحركة أو الكلام، كما أنه لا يسرى عليه المرسوم بقانون رقم (86) لسنة 2012 بشأن التامين على الاطفال دون السن الدراسى لكونه بلغ 14 عاما وقد أتى به والداه للمحكمة محمولا على أيديهما، وأن المرض كان سببا فى حرمانه من حقه الدستورى فى التعليم حال أن والده غير قادر على نفقات علاجه.

وأصبح هذا الطفل بلا حماية قانونية فى مجال العلاج أو التعليم أو الحياة الكريمة، وأضحى بسبب المرض محروما من جميع حقوقه الدستورية فى الرعاية التعليمية، والتنمية الوجدانية والمعرفية وحرم حتى من حقه الإنسانى قبل الدستورى فى الرعاية الصحية، بسبب قصور هذين القانونين اللذين لم يتعرضا لحقوق الأطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره وأطفال الشوارع على الرغم من أن الدستور وهو اسمى من القوانين ألزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة، وهى التى لحقت بالطفل المذكور فى أقسى ما تعانيه النفس البشرية ظلما وعدوانا، فجاء النص الدستورى بلفظ الطفل عام دون تخصيص وما بين العدل، وهى فكرة عامة مجردة والعدالة وهى تطبيق معايير قانونية فى كل حالة على حدة تقع الرحمة التى يشتهيها المظلوم.

اليوم السابع -11 -2015

وأكدت المحكمة أن المشرع منح طلاب المدارس التمتع بمظلة العلاج فى التأمين الصحى دون غيرهم، ومن ثم يكون المشرع قد مايز دون أسس موضوعية بين أطفال المدارس وبين الأطفال غير المنتمين للتعليم بسبب المرض أو غيره أو اطفال الشوارع على الرغم من أن المشرع الدستورى لم يقيد حق الاطفال فى الرعاية الصحية بالانتماء للنظام المدرسى مما يفقد شريحة من اطفال المجتمع من حقهم الدستورى فى الرعاية الصحية وهو ما يخالف مبدأ المساواة، فطبقا للمادة 53 من الدستور المعدل " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو الاعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز وينظم القانون انشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض "، فكان الحق فى المساواة أمام القانون هو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر تطبيقها على الحريات والحقوق العامة المنصوص عليها فى الدستور ويتعين على المشرع انشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كافة اشكال التمييز.

وأضافت المحكمة، فى حيثياتها الرائعة، أن الدستور حظر التمييز بين المواطنين فى أى صور التمييز التى تنفصل عن أسسها الموضوعية ولا يتصور بالتالى إلا يكون الدستور قد قصد إلى حمايتها، ولا أن تقرها السلطة التشريعية فى مجال تنظيمها للحقوق والحريات على اختلافها، ولا يجوز كذلك أن يكون اعمال السلطة التنفيذية أو وحداتها الادارية المتفرعة عنها – فى مجال مباشرتها لاختصاصاتها الدستورية – لمبدأ تساوى الأطفال أمام القانون كاشفاً عن نزواتها ولا منبئاً عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاد تنقلب بها ضوابط سلوكها ولا هشيماً معبراً عن سطوتها بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالاً فى مجال تعاملها مع المواطنين فلا تمايز بينهم إملاء أو عسفاً.

وذكرت المحكمة أنه بحكم ما وسده إليها الدستور والقانون من مهمة إرساء قيم الحق والعدل تجد لزاما عليها إزاء عدم تنظيم المشرع لحقوق الأطفال غير المقيدين بالمدارس بالرعاية الصحية وعدم خضوعهم لخدمات التأمين الصحى مثل أقرانهم طلاب المدارس ولمواجهة الفراغ التشريعى للأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب المرض أن تتسلح فى ميدان الفكر والمنطق القانونى السليم بالأدوات الفنية الرصينة لمواجهة ما تبقى من كيان الطفل الذى يصارع الموج والموت والحرمان من كل جانب بعد أن تخلت عنه الادارة بلا هوادة وقد اجتمع فى جسده النحيل الجهل والمرض والفقر، بل إن من واجب المحكمة الدستورى أن تبتدع من الحلول القانونية السديدة وان تنشئ من القواعد المشروعة لإنقاذ حياة هذا الطفل التى تصون لها الدستور ليتمتع بأبسط حقوق المواطنة كانسان تطبيقا للقاعدة الفقهية لدى علماء الاصول التى تقضى بـ"أن النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر النعمة" مما يستلزم معه تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 فى شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة على هذا الطفل، وتناشد المحكمة المشرع شمول الاطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره أو أطفال الشوارع بشمولهم تحت مظلة التامين الصحى مثل قرنائهم الطلاب اعمالا لمبدأ المساواة وتيسيرا عليهم فى تلقى الرعاية العلاجية وحتى يحين تدخل المشرع فالدولة ملزمة بعلاجهم على نفقتها

وأشارت المحكمة إلى أنه طبقا للقانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل فى المادة 7 منه لكل طفل الحق فى الحصول على خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية وعلاج الأمراض، وتتخذ الدولة كافة التدابير لضمان تمتع جميع الأطفال بأعلى مستوى ممكن من الصحة. كما تكفل الدولة للطفل، فى جميع المجالات، حقه فى بيئة صالحة وصحية ونظيفة، واتخاذ جميع التدابير الفعالة لإلغاء الممارسات الضارة بصحته. كما أنه بموجب المادة 75 من ذات القانون فإن الدولة تكفل وقاية الطفل من الإعاقة ومن كل عمل من شأنه الإضرار بصحته أو بنموه البدنى أو العقلى أو الروحى أو الاجتماعى، وتعمل على اتخاذ التدابير اللازمة للكشف المبكر على الإعاقة.

واختتمت المحكمة حكمها الإنسانى أن نجل المدعى الطفل محمد سعيد محمد مسعود يبلغ من العمر أربعة عشر عام، وهو من غير القادرين على تحمل العلاج، وقد تضمن التقرير الطبى المرفق الصادر من المركز القومى للبحوث (مركز التميز للبحوث الطبية) وكذا تقرير الادارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة يفيد أن نجل المدعى يعانى من مرض وراثى نادر من أمراض التمثيل الغذائى وهو " NIEMANN- PICKC " وتم تشخيص المرض بالطفرة الوراثية ووجد أنه لديه طفرة فى جين (NPC1) وهذا المرض تم اكتشاف علاج له بانزيم MIGLUSTAT بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا مدى الحياة كى لا تسوء حالته، وإذ امتنع وزير الصحة عن توفير الدواء المشار إليه لنجل المدعى (محمد) بالرغم من خطورة حالته الصحية على النحو السالف بيانه مع وجوب التزامه القانونى بتوفير كل ما يحتاج إليه نجل المدعى من ادوية ورعايا طبية ومن ثم فإن مسلكه فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا مخالفا لقانون وأن التأخير فى صرف الدواء المشار إليه أو بديله يعرض حياة ابن المدعى للخطر على الوجه الوارد بالتقرير الطبى المشار إليه، وهو ما يستنهض همة المحكمة فى اسباغ الحماية العاجلة للعلاج اللازم للطفل والواجب على الادارة تقديمه.


موضوعات متعلقة..


القضاء الإدارى يلزم الحكومة بعلاج طفل مريض على نفقة الدولة مدى الحياة










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة