ألبير قصيرى يحنو على "بشر نسيهم الله" فى روايات الهلال

السبت، 21 نوفمبر 2015 04:00 ص
ألبير قصيرى يحنو على "بشر نسيهم الله" فى روايات الهلال غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن يبلغ الثلاثين كتب المصرى الفذ ألبير قصيرى هذا اللوحات الفريدة التى يمكن اعتبارها جدارية صادمة أبطالها مهمشون وفقراء ومنبوذون، فى سرد يحنو، لا يراقب الناس من أعلى، وإنما ينطق بلسانهم.

"بشر نسيهم الله" عنوان دال، يصف ويدين، يشير بأصابع الاتهام بإدانة واقع عاشه المصريون فى نهاية الثلاثينيات والأربعينيات، كيف يتحايلون على الفقر، ويتواطأون معه لتستمر حياتهم التى ليست كالحياة؟ هى قصص قصيرة نادرة كتبها ألبير قصيرى قبل هجرته إلى فرنسا، ونشرت فى مجلات، وهى من أعماله المبكرة، وتجسد براعته فى تصوير الأحياء الشعبية، وشخصياتها التى تتمتع بروح السخرية، إحدى سمات المصريين فى مواجهة الظروف القاسية، حيث لا يملك قصيرى فى مواجهة الظلم سوى السخرية من الطبقات المهيمنة "اللصوص الشرعيين" كما كان يطلق عليهم.

قصص "بشر نسيهم الله" التى صدرت هذا الشهر (نوفمبر 2015) فى سلسلة روايات الهلال ترجمها لطفى السيد وتضم "ساعى البريد ينتقم"، و"البنت والحشاش"، و"الحلاق يقتل زوجته"، و"خطر الفانتازيا"، و"الجياع لا يحلمون إلا بالعيش" وفيها يعلن سيد كرم أن الاحتياجات الأساسية للحياة بسيطة وقليلة، ولا تحتاج إلى حلول عظيمة؛ فالبشر جوعى والجياع لا يحلمون إلا بالعيش.

ومن أجواء القصص:
"نظر شاكتور لابنه باندهاش مشفقا. لم يقل شيئا. داخل عقله المعذب بلا توقف، لم يعد هناك مكان لألم جديد. ببساطة، كان يشعر بالانسحاق من حركة ابنه؛ لأنه كان يدرك الآن أن داخل هذا الطفل ـ لحمه ودمه ـ كان يتشكل بؤسا واعيا وواقعيا لم يكن لاحظه حتى ذلك الحين، ومن الآن فصاعدا سوف يكون مرتبطا ببؤسه. إلى متى؟ سيكبر الطفل وسينمو معه بؤسه، حتى اليوم الذى يضعف فيه بدوره ـ هل يستطيع إنسان ما أن يتحمل (بمفرده فقط) بؤسه؟ ـ سينجب طفلا يتقاسم معه العبء. العزاء الوحيد للفقير ألا يترك عند موته طفلا مسرفا. فالعار الذى يتركه لذريته لا ينضب".

"قصيرى" المصرى أحد كتاب الفرانكفونية ولقب بفولتير النيل، ولد فى 3 نوفمبر عام 1913 بحى الفجالة بالقاهرة لأبوين مصريين، تلقى ألبير تعليمه فى مدارس دينية مسيحية قبل أن ينتقل إلى مدرسة الجيزويت الفرنسية، واستقر فى فرنسا منذ عام 1949، وعاش فى غرفة رقم 58 فى فندق لا لويزيان بشارع السين بحى سان جيرمان دو بريه، حتى وفاته عام 2008. وكانت فلسفته هى الكسل حيث لم يمارس أى عمل فى حياته، وكان يقول إنه لم ير أحدا من أفراد عائلته يعمل فكانوا يعيشون على عائدات ما يملكونه من أراض وأملاك.

كتب "قصيرى" أعماله عن مصر، ولم يكتب حرفا عن باريس، وعزف عن الحصول على الجنسية الفرنسية، كتب عن وطن عاش فيه عشرين عاما لا عن فرنسا التى احتضنه ستين عاما، وعن ذلك قال: "لست فى حاجة لأن أعيش فى مصر ولا لأن أكتب بالعربية فإن مصر بداخلى".


موضوعات متعلقة..


المصرى ألبير قصير: لا أريد الجنسية الفرنسية فمصر فى داخلى








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة