فوجئت عندما كنت أستعد لكتابة المقال الثانى من سلسلة المرأة من سوق النخاسة إلى قصور الرئاسة بخبر (العثور على مقبرة جماعية تضم 80 جثة معظمها لنساء إيزيديات شرق سنجار)، وذلك بعد ما كنت استلهمت عنوان سلسلة المقالات من حادثة أسر التنظيم نساء الإيزيديين.
وأكد الخبر مدير ناحية سنون بقضاء سنجار نايف سيدو، الأحد، العثور على مقبرة جماعية شرق مدينة سنجار هى الثامنة خلال عام، مبينا أن المقبرة تضم نحو 80 جثة معظمها من النساء الإيزيديات، بعد أن أعلنت قوات كردية استعادة البلدة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وكان قد استولى تنظيم «داعش» على سنجار فى (أغسطس) العام الماضى.
واختلطت علىّ الأمور أكتب عن المقبرة أم أكمل سلسلة المقالات، وتركت الكتابة هذا اليوم فلن أكتب عن شىء اليوم بعد هذا الخبر.. وفى نفس الميعاد فى اليوم الثانى أستعدُ لأكمل السلسلة أفاجئ بخبر آخر وهو (العثور على مقبرة جماعية ثانية للإيزيديين فى سنجار)، وكأن لو أردت أن أكتب عن مجازر داعش والانتهاكات الذى تقوم بها لا يكفينى مقالات أو حتى مجلدات.. فسأكمل بعيداً ولنا معها لقاء آخر والله وحده يدرى كم عدد المقابر الجماعية الذى ستكتشفها قوات البيشمركة (جيش إقليم شمال العراق) حتى أن يصل هذا المقال إلى يداك .
كان الفاصل بين المرأة وتعينها فى المناصب القيادية هو اعتناق الإسلام وذلك فى الأراضى الذى أنتشر فيها الإسلام فعمر بن الخطاب رضى الله عنه أشيع عنهُ أنه وأد ابنته فى الجاهلية رغم عدم ثبوت هذه الحادثة وعدم ورودها فى كتب السنة والحديث أو كتب الآثار والتاريخ ولكن كان وأد البنات سمة من سمات هذا العصر ولكن ليس كان وأد البنات منتشراً فى بنى عدى الذى ينتمى إليهم عمر والقصد أن ذلك الرجل الذى كان معروفا بقوته فى الحق وعدله هو أول من ولى امراة وهى الشفاء بنت عبدالله بن عدى المخزومية وقد ولاها على نظام الحسبة فى السوق أو كما يسمى ذلك البعض قضاء الحسبة وقضاء السوق وجعلها تفصل فى المنازعات التجارية والمالية وهى بمثابة قاضى محكمة تجارية فى يومنا هذا وقد قال البعض انها بمثابة وزيرة مالية. والعبرة ليست فى التسمية وإنما فى حقيقة المهام التى تؤديها.وكانت دولة الإسلام فى عهد عمر تسيطر على أكثر من نصف الأرض ولم يخش الرجل أن يعين امرأة فى هذا المنصب.. فحقاً لا يقدر المرأة إلا الرجال.
وبدأت رحلة المرأة السياسية من إسلام السيدة خديجة أم المؤمنين وهى أول من أسلم على الإطلاق وهى أول من صلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة على درجة عالية من الذكاء والوعى بما يجرى حولها وهى التى دعمت الرسالة.. دعم غير محدود ولا مشروط وكان ذلك أشرف موقف فى الأولين والآخرين .
وإذا أمعنا النظر فى ترتيب من أسلم فى بداية الإسلام فنجد أن النساء سبقت الرجال بالإيمان اليقين ولم تكن المرأة مجرد تابعة ولكن كان لها أسر عميق.. فسبقت أم الفضل لبابة بنت الحارث زوجها العباس بن عبد المطلب، وسبقت فاطمة بنت الخطاب أخاها عمر بن الخطاب ..فعقلية المرأة وآفاقها كانت محدودة قبل الإسلام فأتى الدين ليحرر المرأة من التبعية الفكرية للزوج ونجد فى أم سليم بنت ملحان الخزرجية مثلا فى مع زوجها مالك الذى تركها ومع زوجها الثانى أبو طلحة الأنصارى ولم يكن وقتئذ مسلمًا، فاشترطت عليه الإسلام لتقبل به زوجًا، فقبل بذلك وانطلق إلى النبى محمد ليعلن إسلامه فنرى كيف غيرت المرأة فى الرجل وفى أبنائها فهى أم أنس بن مالك وهنا نجد أن المرأة فهمت خطاب الله تعالى للبشرية بأن الرسالة لا يحملها الرجل بمفرده فهى مسئوليتها أيضاً.
كان للمرأة دور عظيم فى المرحلة السرية من الإسلام فنرى مثلاً أم شريك عن ابن عباس قال وقع فى قلب ام شريك الإسلام فأسلمت وهى بمكة وكانت زوجة أبى العكر الدوسى ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن فى الإسلام حتى ظهر أمرها لاهل مكة فأخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا لكنا سنردك إليهم ..لم تكتف أم شريك باتباع الحق فقط بل همت بنشره أيضاً وقامت بواجبها تجاه دينها ولم تقل أن تلك مسئولية الرجال وأن الرجل أقدر منها عليه وأيضاً لم تقم بالانتقام من نساء قريش قتلاً ورجالها بالقتل بشتى الطرق فهذه لم تكن رسالة الإسلام وهم كانوا قادرين على ذلك ولكن كان هدف أم شريك وغيرها نشر دين الأخلاق بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. يتبع
رضا أبو المحاسن محمد يكتب: المرأة من سوق النخاسة إلى قصور الرئاسة (2)
السبت، 21 نوفمبر 2015 10:00 ص
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة