منذ أن هبت على مصر رياح الطائفية البغيضة مع مطلع سبعينيات القرن الماضى وتحديدًا عندما أعاد الرئيس السادات الإخوان إلى المشهد مرة أخرى ليتسلموا عقول الشباب الخارج من تجربه الاتحاد الاشتراكى ويجدون فيه أرضًا خصبة لزرع كل أفكار التشدد والتسلف والأخونة بعيدًا تمامًا عن طبيعة الإسلام المصرى الوسطى الذى عاش ونما قرونًا عدة فى مجتمعنا حتى فى أشد الأوقات وطأة من احتلال بغيض أو حكم باطش.
وعلى التوازى مع هذا كانت الهجمة السلفية الوهابية تنمو فى ملعب آخر مع تدفق العمالة المصرية على دول الخليج العربى واستغلال تلك الأفكار الوهابية عند البعض هناك لجحافل وحشود المصريين الباحثين عن فرصة أفضل للعيش والادخار لتحسين المستوى المادى لهم ولأولادهم.
ومع هذا وهولاء ظلت الروح المصرية المتأصلة بقوة فى وجدان الشخصية المصرية تحاول جاهدة الحفاظ على ما تبقى من تلك الجذور وسط تلك الهجمات الداخلية والخارجية.
عانينا أعزائى سنين طوال من تيار طائفى بغيض بدأ أيضاً مع مطلع السبعينيات من حادثة الخانكة ولجنة العطيفى وأحداث الزاوية الحمرا وصولا لقمة المشهد لحظه اغتيال السادات، وأؤكد هنا وبكل قوة وثقة أنه لولا أن تلك الأرض المصرية تحوى فى تركيبتها وجذورها تقاليد وأخلاقيات وقيم تظهر وقت الشدائد لكانت مصر اكتوت بنار الطائفية بل وقضت على الأخضر واليابس فى تلك الفترة.
وعندما جاء مبارك لم يحاول استغلال مشهد اغتيال السادات للعبور بمصر من هذا النفق المظلم وقد كانت كل الظروف مهيئة لذلك حينها ولكن هيهات لعب بلعبة التوازنات ومسك العصا من المنتصف طيلة ثلاثين عاما فتكرر المشهد ما بين عين شمس والصعيد والإسكندرية تتابعًا وتكرارًا إلى أن وصلنا إلى حادثة القديسين فى الإسكندرية مع الساعات الأولى من 2011.
معذرة أعزائى للإطالة ولكن وبعد أن كنا نعانى من تشويه الحالة بين المسلم والمسيحى طوال تلك السنوات ظهر الآن على مسرح الأحداث تيار مغلف بالشكل الدينى ظاهريا ولكنه يحوى بين طياته فساد أخلاقى ودينى فنجد هولاء يعيبون على بعض الشخصيات السياسيه علاقتها واحترامها وتقديرها لشركاء الوطن الأقباط ويرون أن فى هذا تزلفا ونفاقا وهم يعرفون جيدا أن تلك هى طبيعة وأصل العلاقه التى وإن اكتساها أحياناً غبار جهل أو مؤامرة أو مصالح متدينة تظل الطبيعة المصرية هى المتصدرة المشهد وهو ما رأيناه من الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ يومه الأول فى تولى مسئولية قيادة البلاد.
فالحديث عن قيم ومثل وأخلاقيات يحاول الرجل جاهدًا استثمارها فى بناء الوطن وصياغتها فى إطار إيمانه بها بعيدًا عن شعارات قديمة فهو ابن تلك المنطقة العتيقة والآخذة فى الغوص فى تراث الشخصية المصرية منطقة "الجمالية".
سيدى الرئيس بكل أسف يحاول البعض الآن اللعب بالنار بشكل آخر وتشويه العلاقة بين أبناء الوطن واستغلال محبة وتقدير متبادل بين شخصيات سياسية ودينية لأخذه لأبعاد طائفية وإحداث شرخ فى تلك العلاقة لمصالح سياسية فاسدة اختلط فيها فساد حزبى سابق بتجارة الأديان وتشويه معانيها السامية فى تقدير الرموز الدينية والمصرية.
يقينًا لن يصل هؤلاء لمبتغاهم ولن يحققوا أغراضهم لأنهم بجهلهم لم يدركوا أن طبيعة المصريين تلفظ وتبغض تلك الطرق والوسائل الرخيصة وأقولها بكل يقين وثقة إن فساد الحزب الوطنى وتجارة الأديان وجهان لعملة واحدة.
ولتحيا مصرنا بكل أولادها.
شنوده فيكتور فهمى يكتب: عفوًا انتهى زمن الطائفية
الجمعة، 27 نوفمبر 2015 04:00 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامه المصرى
الحل الوحيد أن أصحاب العقول المستنيره أن لا سبيل لتقدم الوطن بدون التوحد
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام سامي
الاسلام يامرنا بالتعايش مع جميع العقائد الاخري
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
بس