أما بالنسبة للمراهقين فمعظمهم من القُصَّر الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 و 18 عاما أغلبهم من أبناء المغاربة فإن أكثر ما يغريهم هو صورة البطل التي يحلمون أن يكونوا عليها في دولة الخلافة المزعومة والتي تنتهي بهم بارتكابهم القتل أو أن توظفهم داعش للتعبئة أو تعمير المناطق التي تفرض عليها سيطرتها في سوريا ويرى الخبراء أن إسبانيا والعالم الغربي عامة يفتقرون إلى توجيه خطاب أيديولوجي مضاد لخطاب داعش الجاذب للعديد من صغار السن.
وفي محاولة لفهم آلية التنظيم في تجنيد الأطفال، أجرت الصحفية البريطانية "إيفان ويليامز" حوارا تلفزيونيا مع إحدى المعلمات السوريات كانت مسئولة عن عملية تجنيد الأطفال وعمل (غسيل مخ) لهم للانضمام لتنظيم داعش واعتناق أفكاره، ذكرت المعلمة أنهم يعملون على إقناع الأطفال بأن تنظيم داعش هو تنظيم يمثل الإسلام وأن القتال فيه هو جهاد في سبيل الله، ثم يتم بعد ذلك شرح بعض المفاهيم الدينية عليهم وتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم وأن"الله أمرنا بالجهاد في القرآن ويجب علينا جميعا طاعته والجهاد في سبيل الله وفي سبيل دولة الخلافة كل هذا بهدف إقناعهم بأنهم سيموتون شهداء وسيفوزون بالجنة"، كما كانوا يعرضونهم لمشاهدة رجال تقطع أيديهم وأرجلهم ويعلمونهم أن هذا بسبب كفرهم وحربهم ضد "داعش".
صغار السن من أوروربا
وقال المرصد في تقريره، إن أوروبا بأكملها تعانى من وصول هذا الوباء إلى أبنائها، فقد تكررت الأنباء حول تجنيد داعش لأفراد من مختلف الدول الأوروبية، فحتى مايو 2015 انضم من الانجليزيات حوالى 20 فتاة حسب البلاغات الرسمية من الأسر في بريطانيا، بينما تشير الأرقام الفعلية إلى أن هناك حوالى 40 حالة اختفاء أخرى دون الإبلاغ عنها، وفي ألمانيا تشير التقديرات إلى أن هناك 100 فتاة وامرأة من ألمانيا انتقلن إلى داعش تتراوح أعمارهن بين 16 و 27 عاما.
وذكر المرصد بعض الحالات منها فتاة إنجليزية ذات خمس عشر ربيعا من أصل صومالى هربت للسفر إلى داعش برفقة فتاة أخرى عمرها 17 عاما، كانت الفتاة متفتحة ذات تكوين دينى معتدل ولم يلحظ أحد عليها التطرف الذي ربما اكتسبته في غرفتها عبر الانترنت.
الفتاة التي اختفت فجأة ثم علم أهلها بهروبها إلى "داعش"،لم تكن هي الحالة الأولى من نوعها في بريطانيا لفتيات قاصرات يسافرن إلى داعش ، فقد سُجلت حالتان سابقتان لفتاتين ذواتى 16 عاما.
ومن الحالات فتاتان من القاصرات من النمسا انضمتا لداعش تاركتان رسالة إلى والديهما ألا يبحثوا عنهما فقد ذهبتا للموت في سبيل الله، وبعد فترة أعربت الفتاتان عن رغبتهما في العودة إلى فيينا بعد إصابتهما بالإحباط من الحياة فى ظل تنظيم داعش وخيبة توقعاتهما بتلك الحياة، وقد تزوجتا هناك من شابين جهاديين وهما الآن حاملتان ويبدو أن عودتهما إلى بلادهما ليست بالأمر اليسير، وفقا لما صرح به وزير الداخلية أن العودة إلى النمسا بعد الخروج بتلك الطريقة شبه مستحيل وبعد عدة أشهر وردت أنباء عن موت إحدى الفتاتين هناك.
وقال المرصد، إن معظم النساء الغربيات اللاتى يسافرن إلى داعش من بريطانيا وهولندا وفرنسا والنمسا وقد انضم حتى مطلع هذا العام حوالي 550 امرأة كثير منهن قاصرات، و إجمالا تقدر أعداد الفتيات والنساء المنضمات من الغرب بـ 150 حالة حتى أواخر العام الماضي، من بينهن من أمريكا واستراليا وألمانيا والنمسا وفرنسا.
و أشهر الحالات "أقصى محمود" البريطانية ذات العشرين ربيعا والتي كانت تنشر رسائل عبر الانترنت وتعمل على تجنيد المزيد من الفتيات.
صغار السن من إسبانيا
وقال المرصد في تقريره الذى أعده قسم اللغة الإسبانية،:"لا يختلف الحال فى إسبانيا كثيرا عن باقي دول أوروبا، إلا أنها قد تسجل نسبا أقل من حيث أعداد المنضمين لداعش، وقد بلغ عدد المنضمين إلى تنظيم داعش من إسبانيا حتى الآن 130 شخصا على الأقل؛ 15% منهم من النساء اللاتى تتراوح أعمارهن ما بين 14 و22 عاما، ومعظمهن من الجيل الثانى من المهاجرين المغاربة ويحملن الجنسية الإسبانية".
وأوضح المرصد، أن العديد من الدول الأوروبية ومن بينها إسبانيا تعانى من تكرار وجود عشرات وربما مئات حالات التجنيد لصفوف داعش بين صغار السن.
ولا يكترث التنظيم لأعمار من يجندهم فهو يستهدف كل الشرائح والأعمار وكذلك الأجناس؛ لتكوين مجتمع خاص به يحاكى تنوع المجتمعات الحقيقية، لكن وفق توجهه وأفكاره كذلك يعمل على تنظيمهم وتطبيعهم وطمس هوياتهم.
ويعتمد التنظيم على سهولة تجنيد حديثى العهد بالإسلام وكذلك المسلمين بالبلدان الغربية، لأن إقناعهم بالأفكار المغلوطة عن الجنة والجهاد أسهل بكثير، يعمل التنظيم على ترسيخ فكرة بناء مجتمع نواته الأسرة، لذا يهتم بتجنيد النساء ،الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي هو المدخل الرئيس فى تجنيد الصغار ثم تعليمهم وتغذيتهم بالأفكار المتطرفة ثم عملهم بعد فترة على جذب غيرهم في سلسلة متصلة من العمل المنظم ،المجندون من الأولاد القصر ينجذبون بفكرة الجهاد وإقامة الدولة وإيجاد هوية وهدف للحياة.
المجندات من القاصرات يسعين وراء المغامرة والزواج من بطل لا مثيل له فى بلادهن، ويسهل تجنيد الفتيات القاصرات بالإغراء بتحقيق حلم الزواج ببطل أو للهروب من الشعور بانحطاط الأخلاق فى مجتمعاتهن.
ويركز التنظيم على تجنيد الصغار والمراهقين لبعد احتمالية الاشتباه بهم، الأطفال فى داعش عنصر نشط وفعال، حيث يحملون الرسائل ويعملون كجواسيس ويشاركون في القتال، و يستغل التنظيم الفتيات فى الأعمال المنزلية والاستغلال الجنسى وكذلك في تجنيد المزيد من مثيلاتهن، و سبيل داعش فى التأثير على الأطفال والقصر هو عمليات غسيل المخ التي تعتمد على الترغيب في الشهادة في سبيل الله من ناحية، واعتياد مشاهد العنف وألفة القتل من ناحية أخرى.