حسام سالم يكتب: حكايات من مصر

الإثنين، 30 نوفمبر 2015 02:00 م
حسام سالم يكتب: حكايات من مصر عَلَم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارنى اجتماع سيادة رئيس الوزراء مع المجموعة الوزارية الاقتصادية بخصوص دراسة الحلول المناسبة لإعادة تشغيل ألف مصنع متوقف منذ ثورة يناير 2011، وأثناء مشاهدتى للخبر انفصلت حواسى لتعيش بتاريخ الصناعة المصرية وكم أضعنا من فرص للتقدم، وكيف وصل بنا الحال بالصناعة المصرية؟ الشباب هم هدفى من محاولتى للكتابة هنا لمعرفة التاريخ.

بدأت الحكاية مع الحرب العالمية الأولى والتى كانت فرصة لظهور رأس المال المصرى، حيث كان كثيرون يفضلون العمل الزراعى فقط تاركين قطاع البنوك وأعمال المرابين للأجانب واليهود ولا يرحبون بالعمل فى مجال التصنيع غير أن توقف عملية الاستيراد والتصدير أثناء الحرب دفعتهم إلى إخراج أموالهم ومدخراتهم والتعامل بها، حتى شهدت مصر نهضةً صناعية مصغرة، وصار هناك استعدادٌ جِدى لإنشاء بنك برأسمال مصرى تتجمع فيه الأموال المصرية، وكان أول بنك وطنى مصرى يتم إنشاؤه على غرار البنوك الأجنبية هو بنك مصر والذى أسسه محمد طلعت حرب عام 1920، وهنا تبدأ ثورة صناعية بمصر بتلك المصانع التى أنشاها طلعت حرب برأس مال وطنى وبالشراكة مع مصريين آخرين مثل (مصنع غزل المحلة، مصر للطباعة، مصر لحلج الأقطان، مصر لصيد الأسماك، مصر للكتان، مصر للطيران...). ولم يكن طلعت حرب وحيدًا بل صاحبه جيل كبير من رجال الصناعة المصرية نذكر منهم سيد ياسين، صاحب أكبر مصنع زجاج بالشرق الأوسط، وعبد اللطيف أبو رجيلة، صاحب أكبر شبكة نقل ومواصلات بمصر خريج كلية التجارة وعمل موظفا ببنك مصر فى بداية حياته حتى تعلم من أستاذه طلعت حرب وكان يؤمن بأن النجاح كهدف ينبغى أن يسبق جمع الثروة لدى أى رجل أعمال، وأن المال يجب أن يجرى فى مشروعات طول الوقت، ولا يتكدس فى البنوك لحظة واحدة، وأحمد عبود باشا من مجرد فتى يملك أبوه حمامًا شعبيًا فى حى باب الشعرية، أصبح رجل أعمال يملك إمبراطورية ضخمة من صناعة السكر والصناعات الكيميائية والورق والشحن والقطن تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، كتب مقالاً صحفياً يوما تحت عنوان (كيف تصبح مليونيرًا) قدم فيه نصائحه وخلاصة تجربته.

وجاءت ثورة يوليو 1952 ضد الاستعمار الإنجليزى والفساد الملكى، وكان رجال الاعمال شديدى القرب من النظام الملكى مما استدعى قرارات التأميم التى طالت جميع المشروعات الصناعية القائمة بمصر وسواء اتفقنا أو اختلفنا فقد كان القرار. وزاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من عدد المشروعات الصناعية سواء بخط حلوان أو شبرا الخيمة أو إمبابة والوراق وكان فخر لنا تلك المصانع الحربية سواء لخدمة الأهداف المدنية أو العسكرية وهى نواة لمجمع الصناعات الثقيلة. كما عاب على أهل الصناعة قبل الثورة حصولهم على استثناءات نتيجة قربهم من القصر، فقد عاب المحسوبية والواسطة وعدم التخصص والقرب من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رجال مجالس الإدارات بعد الثورة. كما عاب العامل المصرى عدم الانتماء والإحساس بالظلم قبل الثورة كذلك عاب العامل المصرى الإهمال وعدم العطاء بعد الثوره فالمرتب والحافز مضمون مضمون. وتم إهمال المصنع سواء من جهة الإدارة التى تسعى إلى مأموريات السفر إلى الخارج أو العامل الذى بحث عن لمة الفول والطعمية وقضاء ساعة زمن بين وضوء وصلاة ونسى الإنتاج.

وكان هذا حالنا حتى وصلنا لعصر الرئيس السابق السادات وصاحبه عصر الانفتاح ورجال الأعمال مرة أخرى وبدلا من قيامهم بإنشاء المناطق الصناعية اهتموا باستيراد السلع الاستهلاكية وكان أملنا وهدفنا السفر إلى مدينة بورسعيد لشراء اللبان والشكولاتة المستوردة ومات مصنع كورونا المصرية. ومرت الأيام حتى جاء الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وكانت الحالة غير مرضية بمصانع القطاع العام التى وصلت إلى حالة من الآلات الخردة وديون لا يمكن القدرة على سدادها والوفاء بها، وكان القرار ببيع مصانع القطاع العام وأترك لحضراتكم الحكم سواء الموافقة أو الرفض فالكل له منطق وأسانيد تحترم.

ووصلنا لليوم ماذا نفعل مع المستثمر ومع البقية الباقية من مصانع القطاع العام. هذا بجانب شبابنا ماذا سنفعل ونسبة البطالة التى وصلت لحالة إنذار بثورة رابعة ستأتى على الأخضر واليابس. وأى قرار لا يجب أن يكون من دولة وحكومة فقط ولكن يجب أن يكون شامل رجال الأعمال والشباب وكل الشعب فقد وصلنا إلى المنطقة الخطرة على الصناعة المصرية.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة