لا أزعم عزيزى القارئ المحترم أننى وطنى أكثر من غيرى ولا أدعى حبى لتراب هذا الوطن الغالى أضعاف الآخرين ، ولكننى دائما أربط حب الوطن بالأعمال وليس بالأقوال، فأرى مقدار حب الشخص لوطنه بمقدار ما يقدمه من تفانى لخدمة هذا الوطن إن كان بمقابل عن طريق تأدية ما عليه من أعمال بكل ضمير وتفانى باحثا عن رضا ربه فى إتقان عمله ثم تأدية ما عليه تجاه وطنه بكل كفاءة .
أو عن طريق تبرعه بجزء من ماله أو وقته لرفعة وطنه واضعا فى حسبانه فضل هذا الوطن الغالى عليه وهذه الجزئية تخص فئة ( رجال الأعمال ) أو المصريين بالخارج الذين يعشقون تراب وطنهم الغالى ، ولكنهم يحتاجون دائما لمن يذكرهم أن عليهم حقوق واجبة تجاه وطنهم كما أنهم يحتاجون لحزمة من الإجراءات التشجيعية التى تحثهم على الاستثمار فى مصر بدلا من الإقامة فى ( كوانزو )
أعلم أنها مقدمة مطولة، ولكنها كانت جزءا من كلمات خرجت من فمى كسهام حارقة وأنا أتحدث مع بعض الأصدقاء وضيوفهم، فقد فوجئت بمفاهيم كثيرة لمعنى الوطنية فأحسست بخلل قيمى يضرب الوطنية فى مقتل ، فقد فسر بعضهم حب الوطن بأنه على قدر العطاء ، أو كما قال تحديدا ( على قد فوله قدفوله ) ومعناها ( بالبلدى) أنا أعطى على قدر ما آخذ.
وأما الآخر فتبارى فى إظهار معايب الوطن وتفنن فى إظهار تدنى مستوى المعيشة وكأنه يقول إن هذا الوطن لم يقدم لى الكثير مثل أقرانى فى بلدان أخرى ينعمون بالرخاء ورغد العيش متناسيا إن الأرض تعطى من يعطيها ، فلو صنعت مثل أقرانك من عمل تستحق عليه الرخاء لوجدت رغد العيش فى انتظارك فكما قال ( عمر بن الخطاب ) رضوان الله عليه ( إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة )
ثم أتفاجأ ( بمعسول ) الكلام الذى ذكرنى بهواة التحليل والتمثيل الذين يجوبون القنوات الفضائية بحثا عن الشهرة تارة أو بحثا عن المادة تارة أخرى ليبدأ فى تحليل الوضع الراهن بأن المواطن معذور فهو يمر بظروف مادية متردية وهو يرى أهل الفساد يعيثون فى الأرض ويجمعون الأموال ، فهو يصور كل من معه مال على أنه أتى به من طريق غير شرعى ليوغر الحقد فى قلوب الناس لا غير.
عزيزى القارئ الواعى المحب لتراب هذا الوطن. لم تكن الوطنية فى يوم من الأيام على حسب ما وصف هؤلاء من تبادل مصلحة بين الإنسان وموطنه ولا هى بالهوى وحسب الأمزجة السياسية ، ولا هى بالتحريض لإثارة الفتن بين أفراد المجتمع والدليل أننا انتصرنا فى حرب أكتوبر على دولة يناصرها العالم ولم تكن مصر فى حالة اقتصادية جيدة بل كنا فى حالة اقتصادية أسوأ ما نحن فيه الآن ، ولكن الفرق ساعتها أننا كنا على قلب رجل واحد ولنا هدف واحد وهو تحرير تراب هذا الوطن من المحتل الغاشم .
أما الآن فقد شرذمتنا الأهداف المتباعدة ، فلو تجمعنا على قلب رجل واحد ولنا هدف واحد مثل النهوض بالاقتصاد لتحقق لنا منا نصبوا إليه وفى فترة زمنية بسيطة ولكن ومع الأسف الشديد تحزبنا وتشرذمنا لهدف آخر وهو البحث عن السلطة غير عابئين بمستقبل وطن يئن أهله من سوء الحالة الاقتصادية مدفوعين من الداخل أو من الخارج لنبقى فى دائرة مفرغة حتى لا نتقدم للأمام لأن الجميع يعلم أن مصر إذا تقدمت سوف تحتل الصدارة كما احتلتها معظم فترات التاريخ .
علم مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة