ليس كل مواطن وطنى إيجابى إنسانا شريفا، وليس كل مواطن وطنى سلبى هو غير ذلك، فبين المواطن الإيجابى والسلبى الكثير من الأمور التى تغيب عن المواطن المصرى، فالمواطن المصرى عندما يتكلّم عن حقوقه المعيشية وحتى السياسية، وعندما يطالب بالمساواة والعدالة فهو ليس بالضرورة معارضاً، بل هو موال للنظام إلى أبعد الحدود، والمواطن الذى يوافق ولا يُعارض ويستسلم للواقع هو مواطن معارض، لأنه سلبى وبسلبيته هذه يدمر الوطن.
وليس كل معارض (معارضاً)، فمن يستعين بالخارج أو الداخل أو أى جهة كانت لضرب مكوّنات المجتمع ليس مواطنا صالحا، وليس كل من يؤيد الإصلاح ويسعى من أجل تطوير الوطن سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية هو عكس ذلك، فبين هذا وذاك ضاعت الكلمات، وضاعت المعانى.
المشروع الإصلاحى للرئيس السيسى ليس وليد اللحظة، ولكنّه مشروع تمّ تأييده من مختلف أطياف المجتمع، فهذا المشروع يتكلّم عن المواطن الإيجابى والسلبى، وهو يحث المواطن الإيجابى على المشاركة الإيجابية، ويحث السلبى على المشاركة حتّى يغيّر سلبيّته داخل إطار هذا المشروع، وليتمكّن الجميع بمختلف مفاهيمهم من المشاركة فى بناء الوطن.
للعلم.. بين المواطن الصالح وغير الصالح، ضاعت واختلفت التعريفات، فلقد أصبح الصالح غير صالح، وغير الصالح صالحا، وشهدنا ذلك فى بعض الأوطان، فالمتمصلح يدغدغ المشاعر حتى يثبت بأنّه شريف وإيجابى، ويستخدم وسائله السلبية لإثبات إيجابيته، والصالح فى زمننا هذا سمُّى طالحا؛ ذلك لأنّه يستخدم وسائله الإيجابية الواضحة فى إعمار الأوطان، فيُصبح سلبيا على جميع الأصعدة!
لا نتكلّم عن أفراد فقط، فالصالح والطالح فى مختلف القطاعات الاجتماعية سواء: الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فالمتمصلح السياسى مثلا الذى أوجدته الظروف يستخدم سلبيّته على أنّها إيجابية فيدمّر الوطن، ويعشّش فيها الطائفية النتنة، وهذا هو ديدنه، ومن حوله يطبّلون على سلبيته، فيدّعون إيجابيّته، وما أكثر إيجابيّاته فى التدمير وليس التعمير، وفى التقسيم وليس الوحدة! أمّا الذى يخاف على مصلحة الوطن -أى وطن- فلقد أصبح فى نظر البعض غير صالح للأسف الشديد.
المحك بالنسبة إلى النموذجين هو ما يصنعه المواطن من أجل وطنه، والمحكّم هم المواطنون فى الوطن، سواء الصالح كان إيجابيا أو سلبيا، فلا أحد يستطيع أن يحكم على أحد ويتّهم الآخر بأى كلمة، ذلك أنّ العطاء للوطن وحبّه يظهر عبر الزمن، وسيسجّله التاريخ حتما فى يوم من الأيام.
الوطنى الحقيقى يظهر ولو بعد حين، ولو مرّت السنين، ولو اتّهم بالسلبية وهو الإيجابى دوما، ولو كُرّم السلبى على انّه إيجابى ووطنى، فالسنّين كفيلة بإظهار سلبيّته وعدم حبّه لوطنه، فالوطنية ليست سلعة للبيع والشراء، ولكنّها تُغرس كما غرِست عند مؤسّسى هذا الوطن.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة