الموت حقيقة مطلقة لا يمكن الهروب، منها وقدر قاسٍ يمكنه مواجهة أى فرد، هكذا علمتنا الحياة أن لكل بداية نهاية ولكل شروق غروب ولكل تاريخ ميلاد توقيت للوفاة، لكن كلما كنا فى بعد ومعزل عن هذه الحقيقة وكلما استمعنا لقصص الوفاة دون أن نشارك بها كلما كنا على اقتناع بهذه التفسيرات، وبمجرد الاصطدام بواقع الفراق يتحول الموت إلى كابوس مزعج يفسد تفاصيل حياتنا.
فأحيانا ما تتحول آلام الفقد إلى حالة نفسية ومرض يعانى منه من شعر بها أو من خشى الوقوع فريسة تحت مخالبها التى طالما فتكت بأبطال قصص الوداع المرير التى نشاهدها أو نشترك بها من قريب أو بعيد، هكذا تدلنا حكايات صرح بها أشخاص فقدوا أعزاء إلى قلوبهم، وأكد الطب النفسى كون هذه المخاوف مرض نفسى يدعى "فوبيا الموت".
"بكره الموت ونفسى أهرب منه لآخر الدنيا" هكذا بدأت سرد تجربتها مع فوبيا الموت أية محمد والتى عاشت قصة مؤسفة مع موت خالتها التوأم لأمها بمرض السرطان والتى جعلتها تخشى تكرار نفس التجربة مع أمها التى أصيبت بنفس المرض قائلة: "طول عمر أمى وخالتى مشتركان فى كل شىء لأنهما توأمان، وخالتى كانت مكانتها من مكانة ومعزة والدتى، وللأسف شاهدت تفاصيل موتها بالبطىء بسبب السرطان اللعين، ولمدة 5 سنوات كان تكرار هذه التجربة مع والدتى كابوسًا مزعجًا بالنسبة لى، لكن للأسف أصيبت أمى بالمرض وأنا أخشى الآن آلام الفراق ولا أتخيلها إنما كل ما أتخيله هو عدم مقدرتى على العيش بعد أمى لحظة واحدة.
بينما حكى مجدى إبراهيم، عن مخاوفه المرضية على أمه بسبب وفاة أبيه بعمر باكر قائلاً: توفى والدى وأنا كنت فى الصفوف الابتدائية ومن هذا اليوم وأمى وحدها هى التى تحمل مسئوليتى وعوضتنى عن كل شىء، حتى وصلت لأواخر الثلاثينيات ولم أتزوج، الآن هى بصحة متدهورة وبدأت تنتابانى هواجس موتها وتلاحقنى فى كل وقت وفى كل مكان، وأحلام توقظنى من عز النوم خوفًا من أن يأتى اليوم الذى أفقدها به.
أما عماد بخيت الرجل الخمسيني الذى لم يتزوج حتى الآن فيروى: ماتت خطيبتى فى حادث سيارة أمام عينى، وأخلصت لها كل هذه السنوات، وكلما شعرت بالإعجاب أو الحب تجاه غيرها تراجعت سريعًا خوفًا من أن يأتيها الموت فى أى لحظة ويسرق فرحتى مرة أخرى، لذلك لم ولن أتزوج.
أما ندى عبد القادر فتخشى الموت لكن بطريقة مختلفة: "أشعر أننى غير كاملة ولا أستطيع أن أواجه الله حتى الآن، لأن الحياة دائمًا ما تأخذني عن أداء فروضى كالصلاة والحجاب وهكذا، لذلك فشبح الموت يفزعنى وأحاول أن ابتعد عنه على قدر الإمكان، فأحافظ على صحتى واتبع كل إجراءات السلامة الممكنة محاولة الهروب من هذه النهاية السريعة.
وجاء تعليق الطب النفسى مفسرًا حالات الخوف المرضية على اعتبارها نوع جديد من الفوبيات "فوبيا الموت"، حيث قالت الدكتورة شيماء عرفة أخصائية الطب النفسى: "النفس البشرية دائمة الخوف خاصة من كل ما هو مجهول ولا تعرف تفاصيله وملامحه، ويعد الموت هو أكثر الأشياء المبهمة خاصة فكرة العالم الآخر وما يحدث به، لذلك من ينتبه لحقيقة الموت من الممكن أن يتحول الأمر عنده إلى مرض نفسى ومستعصى.
وتابعت: وهنا الفوبيا نوعان إما الخوف من الموت ومن مواجهة الذات أو مواجهة أقرب الناس لدينا، وتوقف هذا الخوف على حسب طبيعة الشخص نفسه إذا كان أنانيًا يخشى العذاب والعقاب فتبدأ الوساوس لديه التى تبعده عن كل شىء من قريب أو من بعيد قد يودى به إلى هذه النهاية.
أما إذا كان الشخص محبًا للآخرين أو لشخص أخر بعينه تتحول هذه الفوبيا إلى خوف وكابوس مزعج يداهمه حينما يتعرض هذا الطرف إلى الخطر، ما قد يحوله إلى إنسان مزعج للمحيطون به.
وتضيف: وانتشرت هذه الظاهرة بين الأجيال الجديدة ويمكن إرجاعها، لكثرة الحوادث التى نشهدها يوميًا، والضحايا من الشباب فى حوادث مختلفة، إلى جانب فكرة البعد عن الدين والإيمان الذى يسيطر على هذه المخاوف ويحدها، وللأسف هى حالة مرضية كبيرة من الممكن أن تودى بصاحبها إلى الهلاك.
ما لا تعرفه عن أخطر أنواع الخوف.. فوبيا "الموت" حكايات من فقدوا ذويهم فأصابهم "رهاب فراق الحياة".. الطب النفسى: الظاهرة مستحدثة نتيجة لكثرة الحوادث.. وينصح: مواجهة الصدمة أفضل طرق العلاج
الإثنين، 14 ديسمبر 2015 08:42 م
فوبيا