خيارات وبدائل الاستراتيجية الاقتصادية العُمانية لمواجهة تراجع أسعار النفط

الإثنين، 14 ديسمبر 2015 10:01 م
خيارات وبدائل الاستراتيجية الاقتصادية العُمانية لمواجهة تراجع أسعار النفط النفط - صورة أرشيفية
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
باتت اقتصاديات الدول العربية والعالمية المنتجة والمصدرة للنفط، محل إعادة نظرة عامة أو هيكلة شاملة بعد الانخفاضات المستمرة للأسعار العالمية للنفط، فقد تعرضت اقتصاديات دول منظومة مجلس التعاون الخليجى بدون شك إلى هزة محدودة وإن تباينت بين دولة وأخرى وفقا لقدراتها الإنتاجية وإمكاناتها لامتصاص التداعيات الجارية فى ضوء ما شهده الربع الأخير من العام الحالى من انخفاض كبير فى أسعار النفط، بعد أن وصل سعر البرميل من مزيج برنت إلى ما دون مستوى 85 دولارًا للبرميل، قبل أن يشهد تعافيًا نسبيًا فى الأيام الماضية.

واستفادت سلطنة عُمان بدون شك من التوقعات السابقة حول إمكانية نضوب الاحتياطى العالمى من النفط وتحذير الدول التى تعتمد على النفط كمورد رئيسى لها بوضع استراتيجية لإيجاد بدائل للموارد النفطية وهو ما سعت إليه مبكرا، وعملت على الاستمرار فى سياسة تعزيز التنويع الاقتصادى وتشجيع الاستثمار بشقيه المحلى والخارجى.

ووضعت سلطنة عمان خطتها الاقتصادية ومنذ السبعينيات من القرن الماضى وحتى الآن وعلى مدار 45 عاماً وفقاً لرؤية عميقة وحكيمة أنه لا يمكن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة، لأنه مصدر معرض للنضوب، وإنما لابد من تنويع مصادر أخرى للطاقة حتى تستمر عمليات التنمية الشاملة.

وثمة خيارات متعددة أمام السلطنة لتجاوز الأزمة الحالية خاصة أن لدى الحكومة العُمانية خبرة سابقة وتجربة مماثلة فى مواجهة مثل هذه الأزمات الاقتصادية من خلال استغلال كافة الإمكانيات والمقومات المتاحة والعمل على تقليل الاعتماد على النفط فى إطار استراتيجية لتنشيط وتأسيس القطاعات غير النفطية وتنويع مصادر الدخل، الأمر الذى يتطلب تهيئة هذه القطاعات لتكون قادرة على إنجاح سياسة تنويع مصادر الدخل.

خيارات وبدائل متاحة


ووفقا لرؤية الخبراء فإن سلطنة عُمان تمتلك خيارات وبدائل قوية لمواجهة الأثار السلبية المترتبة على الانخفاضات المستمرة لأسعار النفط العالمية من هذه الخيارات والبدائل ما يلي:

أولاً: ثمة أهمية كبيرة لتعظيم القطاع الصناعى وإدخال صناعات جديدة للبلاد تستطيع من خلالها المساهمة فى زيادة الموارد المالية ولا سيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى أصبحت ضرورة ملحة لمساهمتها بشكل كبير فى زيادة الموارد الاقتصادية للدول كما أن تهيئة المناخ الاستثمارى والعمل على جذب مستثمرين جدد فى العديد من القطاعات يساهم فى تعظيم موارد الدولة وإصدار العديد من التشريعات والقوانين الاقتصادية للتغلب على آثار الأزمة.

وتهدف سلطنة عمان من وضع الاستراتيجية التنموية على المدى الطويل رفع التبعيات الهيكلية للاقتصاد بالتوازى مع حصول تغيير ديمغرافى كبير. وأطلق على هذه الخطة اسم "رؤية عمان 2020".

تشمل أهدافها الرئيسية: تحقيق الاستقرار الاقتصادى والمالي، تغيير الدور الذى تلعبه الحكومة فى الاقتصاد وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص، تنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل القومي، عولمة الاقتصاد العُمانى، رفع مستوى مهارات القوى العاملة العُمانية وتطوير الموارد البشرية.

ثانياً: تعظيم موارد الدولة من القطاع السياحى وجذب سياح جدد، إذ تعمل الحكومة فى سلطنة عُمان على وضع استراتيجية لاستغلال الظروف الحالية التى أدت إلى انخفاض معدلات السياحة فى دول عربية أخرى كانت بمثابة قبلة للسياح لكنها أصبحت الآن تعانى من تراجعها نتيجة للأوضاع الأمنية غير المستقرة ومن هنا توظف السلطنة حالة الأمن والاستقرار التى تعيش فيها مما يؤهلها للمنافسة لجذب أكبر عدد من السياح من أنحاء العالم، يدعمها فى ذلك ما يتوافر لديها من مقومات التنوع البيئى الواسع والمعالم الحضارية الراسخة.

ثالثاً: انتهاج سلطنة عُمان استراتيجية استخدام الطاقة البديلة والطاقة الشمسية، إذ تؤكد بعض الدراسات الاقتصادية التى أجريت فى مجال الاستفادة من الطاقة المتجددة بأن السلطنة تستطيع استثمار إمكانياتها الواسعة فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لاستخدامها فى الكثير من المشاريع الحيوية التى تهم البنية الأساسية فى البلاد، بالإضافة إلى استخدامها فى زيادة إنتاجية المشاريع النفطية والغاز والصناعة والكهرباء والمياه وغيرها من المشاريع الأخرى التى تحتاج إليها المجتمعات فى الحياة.

أشارت الدراسات أن معدل كثافة الطاقة الشمسية فى السلطنة على سبيل المثال يعتبر واحدا من أعلى المعدلات فى العالم، ولذلك تسعى الحكومة وبالتعاون مع عدد من الهيئات والشركات والمكاتب الاستشارية إلى استخدام هذه الميزة كمصدر للطاقة المتجددة، بينما هناك فرص أخرى لاستغلالها فى مجال طاقة الرياح أيضا، الأمر الذى يمكن استغلالها فى المشاريع التى يتم التخطيط لها مستقبلا. كما أصدرت هيئة تنظيم الكهرباء أول رخصة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية باستخدام الخلايا الشمسية (الكهروضوئية)، بولاية المزيونة بمحافظة ظفار.

فضلاً عن ذلك، فقد دشنت السلطنة المشروع الاستثمارى فى مجال النفط والغاز والمشاريع المرتبطة بقطاع الطاقة، ويعتبر المشروع أكبر محطة للطاقة الحيوية فى القارة الآسيوية، وذلك بقدرة إنتاجية تبلغ 105ميجاوات وبتكلفة إجمالية تصل إلى 273 مليون دولار تقريبا.

إجمالاً يمكن القول، أن السياسة الاقتصادية العُمانية تقوم على وضع الخطط والبدائل التى يمكن من خلالها تنويع مصادر الدخل فى الاقتصاد العمانى والذى يشكل رافعة جيدة له، ويساهم فى الحد من الأضرار والخسائر التى من الممكن أن تحدث لو بقى معتمداً على النفط بشكل رئيسى.

وتجتهد الحكومة العُمانية فى البحث عن آليات وبدائل تستطيع من خلالها تعظيم مساهمة موجودات الدولة وما يتوفر لديها من فوائض مالية لحماية الاقتصاد الوطنى فى المستقبل وتمويل حوالى 60% من ميزانية السلطنة من خلال عوائد الأموال المستثمرة فى استثمارات طويلة الأجل فى قطاعات واعدة، وأهمها قطاع تقنية المعلومات وغير ذلك من قطاعات مثل الصحة والصناعة والسياحة والزراعة، بما يضمن عوائد ربحية أعلى لكى يصبح الاقتصاد العمانى قوياً لا يتأثر بانخفاض أسعار النفط العالمية، بما يساهم فى رسم صورة مستقبلية فى التخطيط والتنمية المستدامة والشاملة على المدى الاستراتيجى الطويل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة