محمد حمادى يكتب: الأزمة مستمرة والفوضى سيدة الموقف

السبت، 19 ديسمبر 2015 10:00 م
محمد حمادى يكتب: الأزمة مستمرة والفوضى سيدة الموقف الحرب بسوريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سوريا.. بلد الجمال.. الطبيعة الساحرة ما أحلاكى يا قلب العروبة بدا قلبك ينزف أنهارا من الدماء.. وأصبح أطفالك ما بين يتيم وقتيل وغريق.. وبدت دروبكى ركاما حطاما .. وبات فيكى الخراب والدمار.. ورحل عنك الأمن والاستقرار .

حالة التذبذب التى شكلت الإطار العام للمواقف الدولية تجاه مقتلة الشعب السورية، بدأت خلال هذه المرحلة من تاريخ الصراع بلعب أخطر أدوارها الرامية إلى تمييع قضيته أمام الرأى العام العالمى، من خلال تجاهل المجازر اليومية التى ترتكب بحقه لصالح شبح الإرهاب، الذى بات هاجساً يقلق المواطن الغربى.

فالسيناريو الوحيد لمستقبل سوريا والذى يمكن قراءته فى ظل تباين المواقف هو "الفوضى"، خصوصا أن شروط التلاعب بالرأى العام العالمى لا تتطلب الكثير من الجهد، إذ يمكن إخضاعه بتفجيرين وعدد من الرهائن وقضى الأمر، بالرغم من بشاعة هذا السلوك أيا كان مصدره، لتدخل على إثرها ثقافة الديمقراطية التى تعتبر من مسلمات الوعى الغربى فى سبات مؤقت، يتم استغلاله لقلب الأدوار ويتحول بعدها الضحية إلى قاتل، فالسيناريو قابل للتحول بحبكته وشخوصه، فى حين أن الثابت الوحيد فى تفاصيله يعكس مستوى الانحدار الأخلاقى والإنسانى الذى تعانى منه السياسات العالمية.

اليقين الوحيد الذى يمكن قراءته فى المشهد السياسى العام تجاه ثورة السوريين ، هو استمرار الرشاقة الخبيثة فى المواقف التى أظهرها أغلب أصدقاء الشعب وليس جميعهم من دعاة حقوق الإنسان، والتى يمكن تصنيفها على أنها موسمية توافق أحوال الطقس وفصول التكاثر والإنجاب، فالمستأسد أصبح منتجاً ثميناً فى سوق المضاربات السياسية يتم تسويقه أحيانا على أنه الشيطان الأكبر ولا وجود له فى مستقبل سورية، وأحيانا أخرى شريك أساسى فى الحل وربما يشكل غطاء آمنا لمرحلة انتقالية، عدا عن مدة تلك المرحلة، وأنه لا مشكلة من التعاون مع جيش النظام فى محاربة تنظيم الدولة الذى كان لفترة قريبة مجرد عصبة من المجرمين والقتلة والأمثلة كثيرة لا فائدة من إعادة سردها.

لم يتلق الشعب السورى من أصدقائه سوى الوعود، فتلك الدول أشبعت ثائرى سوريا بعبارات التعاطف والتأييد، والخطوط الحمراء التى زاحم حظورها مشاهد الدم على شاشات الفضائيات، والدعم إن وجد فإنه يخدم فكرة التحول فى المواقف ، فى حين أن الطرف المساند للمستأسد الابن أظهر ثباتا لافتا فى تكريس إجرام حليفه أيا كانت مصالحه، مما يدفعنا إلى ترك قراءة الثورة ودعمها، والتفرغ لتعريف الصداقة بالمعنى السياسى، وهل هذا الصديق السياسى هو عبارة عن ضجيج لغوى وشعاراتى ناطق بعدة لغات "يمكن قولبته بمجموعة من مصطلحات الشجب والاستنكار والخطوط الملونة! ".
لم يتركوا خيارا أمام طيف واسع من الشعب السورى سوى تلمس الحلول لمأساته بين سطور التسريبات أو البيانات الختامية لمؤتمرات وهمية أو مفاوضات تخديرية أو حتى لقاءات هامشية، فحالة التمدد والانقباض العاطفى الناتجة عن تلك المهزلة الدولية وغياب الحلول، دفعته للقناعة بفكرة الإعجاز السياسى وقدرته على تقديم حلول سحرية تضع حداً لآلامه بزمن قياسى. على الرغم من إدراكه العميق أن الفوضى سيدة الموقف والأزمة مستمرة وازدادت تعقيدا بتجاوزها حدود الجغرافية، فلم تعد دماؤه هى محور التفاوض، فلغة المصالح تصدرت المشهد، وصرنا فى مرحلة لم يعد فيها المنطق السياسى مقياسا أو مرجعية فى قراءة الواقع نتيجة التسويق المتواصل لفشله عبر الوسائل الإعلامية التى شارفت على الإفلاس ولم يتبق أمامها سوى الاستعانة بالعرافين والمشعوذين لتقديم تقارير سياسية أكثر مصداقية





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة