تمثل المؤسسات النيابية المصرية ركنًا هامًا من أركان "مكانة مصر"، والبرلمان المصرى يعد أقدم مؤسسة تشريعية فى الوطن العربى، والتى بدأت مع النظم التمثيلية الشورية منذ تولى محمد على للحكم ووضعه للائحة الأساسية للمجلس العالى، فقد كانت تجربة من ضمن المحاولات الأولية التى ظهرت فيها أولى التجارب النيابية، لتنظيم العلاقة بين الحاكم والشعب إلى أن جاء الخديوى إسماعيل فى ٢٢ أكتوبر ١٨٦٦ ليقوم بإنشاء أول برلمان نيابى تمثيلى بالمعنى الحقيقى وهو "مجلس شورى النواب" وفق النمط الغربى الحديث فى إقامة المؤسسات التشريعية المنتخبة والتى تقوم بتمثيل جمهور الناخبين والتعبير عن مصالحهم فى مواجهة السلطة التنفيذية، وذلك تنفيذًا للفكر التحديثى للخديوى إسماعيل، من أجل إقامة الحياة النيابية السليمة التى تعبر تعبيرا حقيقيًّا عن مصالح وتطلعات الشعب المصرى بمختلف فئاته وطوائفه.
ثم تحوّل مجلس شورى النواب فى عهد الخديوى توفيق إلى مجلس النواب المصرى عام ١٨٨١، والذى صدرت فى ظلِّه لائحة ٧ فبراير عام ١٨٨٢ والتى كانت تعد تعبيرًا حقيقيًّا عن ما تمناه أعضاء مجلس النواب للنظام السياسى المصرى. ولكن جاء قرار الإنجليز بهدم النظام النيابى بدعوى تهدئة الأحوال فى مصر، واستبدال نظام آخر به تمثّل فى "مجالس قانونى أول مايو" سنة ١٨٨٣، والذى نص على إنشاء مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية. ومع مجىء عام ١٩١٣، صدر القانون النظامى الجديد والذى نص على إنشاء الجمعية التشريعية لتحل محل الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين.
ثم جاءت مرحلة جديدة بإعلان دستور سنة ١٩٢٣ فى ١٩ إبريل عام ١٩٢٣، ذلك الدستور الذى مثل نقلة كبيرة على طريق إقامة الحياة النيابية السليمة فى مصر؛ حيث إنه صدر بعد الاعتراف الرسمى من قبل بريطانيا بأن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وهو الأمر الذى لم يكن متوفراً من قبل وقد تكوّن البرلمان فى ظل هذا الدستور من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
ثم أُلغِى دستور ١٩٢٣ بصدور دستور سنة ١٩٣٠ فى ٢٢ أكتوبر ١٩٣٠، إلا أن دستور سنة ١٩٣٠ لم يعمر طويلا، بسبب تزايد الضغط على الملك لرفض مصر كلها له وللنظام السياسى الذى قام على أساسه، وفى ١٩ ديسمبر سنة ١٩٣٥ صدر الأمر الملكى رقم ١٤٢ لسنة ١٩٣٥ والذى قضى بإعادة العمل بدستور سنة ١٩٢٣.
وبعد قيام ثورة ٢٣ يوليو، شُكّل أول مجلس نيابى فى ظل الثورة، وبدأ جلساته فى ٢٢ يوليو١٩٥٧، وقد أطلق عليه اسم مجلس الأمة، واستمر هذا المجلس حتى العاشر من فبراير ١٩٥٨، حيث أعقبه مجلس الأمة المشترك فى ظل صدور دستور مارس ١٩٥٨، وذلك عقب الوحدة مع سوريا. وقد استمر مجلس الأمة المشترك، حتى ٢٢ يونية ١٩٦١. وبمجرد سقوط الوحدة بين مصر وسوريا، وفى شهر مارس ١٩٦٤ صدر دستور مؤقت، وفى ظله قام مجلس الأمة المنتخب.
ومع تولى الرئيس الراحل محمد أنور السادات الحكم دعا مجلس الأمة فى ٢٠ مايو ١٩٧١ لإعداد دستور جمهورية مصر العربية الدائم وعرضه على الشعب فى الاستفتاء. وفى يوم ١١ سبتمبر ١٩٧١ صدر دستور جمهورية مصر العربية الدائم بعد الاستفتاء الذى أجرى على الدستور، والذى بدأت معه مرحلة جديدة من تاريخ مصر الحديث والمعاصر؛ وفى ظله جرت انتخابات مجلس الشعب الذى عقد أولى جلساته فى ١١ نوفمبر ١٩٧١ وهو أول مجلس يستكمل مدته الدستورية وهى خمس سنوات كاملة.
ثم جاء الاستفتاء الذى جَرى يوم ١٩ إبريل ١٩٧٩، والذى وافق فيه الشعب المصرى على إنشاء "مجلس الشورى"، وعقد مجلس الشورى أولى جلساته فى أول نوفمبر ١٩٨٠، ومعه عادت فكرة وجود مجلسين تشريعيين فى الحياة النيابية المصرية.
عاطف البرديسى يكتب: البرلمان المصرى.. محطات تاريخية
الأحد، 20 ديسمبر 2015 10:00 م
مجلس النواب المصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة