أولاً
"صباح الخير".. لا هذا ليس أنا، هذا عم سيد أو كما يقولون من خلف ظهره "أبو البنات" فلا أعلم كيف لمعاتيه الكون أن يظنوا أن يكون للرجل بنات فقط شىء يعيبه، اتعلمون أتمنى أن أرزق بمائة فتاة لأصبح "أبو الجميلات" لأنه فى الغالب الجمال من نصيب الفتيات، غالبًا هو أول شخص آراه فى هذه الساعة، أرد عليه بابتسامة فأنى أعتقد أن كل شخص يستحق فى الصباح ابتسامة وخصوصًا بعد هذا الكم من الدعوات الذى يلقيه عليا فأشعر أنى مبارك حتى المساء.ثانيًا
.. التاكسى أو الميكروباص لا أنتظر أحد فمن يأتى أولاً يلوذ بى فهو الأجدر والأسرع ولكن بينهما شىء مشترك وهو وجه السائق العابس تشعر أن هذه المهنة تتطلب وجهًا كهذا، فالسائق يحدثنى وكأنى لم أطلب منه التوقف بل وكأنى طلبت منه أن أخذ العربة بأكملها ولكن دعنا من ذلك فقد لاذ بى التاكسى فى النهاية وسوف اسمع قصيدة "ضيق الرزق" من بدايتها ولكن لو تمعن السائق لعلم أن وقتنا هذا وقت توزيع الأرزاق وما علينا سوى السعى وترك الباقى "على الله" كما يقولون، ولكنه أخيرًا نقلنى مكان التقائى بالقطار الخاص بالزحام وتأخر الوقت نعم بالفعل هو مترو الأنفاق أيها السادة والسيدات ولكن لا سبيل لى سوى عرباته المتهتكة، وعلى الرغم أن طريقى من محطة حلوان إلى محطة السيدة زينب لا يعبر خلاله أى نفق ولكن باقى الركاب يستمتعون بهذه الخاصية "النفق".ثالثًا
.. أول خطواتى داخل العربة الثالثة فى المترو، نعم أقوم بعد العربات لأنى كسول بعض الشىء وأحب أن أنزل أمام السلم الذى يخرجنى من المترو، فى الغالب لا أحدق فى وجوه الناس فى الصباح فالتحديق يقلق البعض ولكن من تقابل عينى عيناه أقابله بابتسامة كما قلت مسبقًا ولكن ما لفت نظرى اليوم وجود فتاة تبكى، كيف لشخص أن تغمره الهموم من قدمه حتى جبهته لكى يبكى ويظهر دموعه وسط العامة وعلى الرغم من كونى غير فضولى إلا أنها أثارت فضولى بالفعل، ليس فقط لأنها كانت تبكى بل لأنها طوال الأربعين دقيقة التى تفصل بين المحطتين اللتين بينى وبين الكلية لم تكف عن البكاء والغريبة أن جميع من فى العربة لم يثر فضولهم هذا الشىء، وبعد مرور تلك الدقائق نزلت فى نفس المكان الذى من المفترض أن أنزل فيه ولم تتوقف عن البكاء أيضًا، لا أعلم فالجميع يعبر من حولها دون حتى النظر اليها، هل أنا الوحيد الذى أرى أن هذا شيء مختلف أم أنى أظهر بعض الاهتمام الزائد لشخص لا أعلم عنه شيئًا سوى ملامح وجهه، الكل يعبر وكأن الكل بداخله شيء يبكيه ولكن هم أكثر منها قوة فى كتمان بكائهم الكل يتمنى أن يصرخ ويبكى ولكن كلمة ميصحش كده تحول بينهم وبين هذا الفعل، ولكنى لا أعلم أبكائها ضعفًا أم كتمان الغير وحبس دموعهم داخل أقفاص الجفون ضعف بالفعل لا أعلم، هل أتقدم وأقول لها شيئًا أم هذا بالفعل أنه ليس من شأنى، فقط ظللت أتابعها حتى غابت عن عينى وأنا حبيس للافتراضات، هل مات لها شخص عزيز، أم أن حبيبها تخلى عنها، أم هى ضغوط الحياة العادية ولكنها لم تتحمل، أم أن لديها امتحان لن تخط فيه سوى اسمها كحالى، أم أنه من الطبيعى أن نبكى بين الحين والآخر ولكنها لم تختر المكان ولا الزمان المناسبين لذلك فأنى أصدق بالفعل أن الدموع لم تخلق للحزن حينًا والفرح حينًا آخر وإنما هى لغة عامة تصف شيئًا بداخلنا من خلال تلك الزخات التى تملأ العيون.لم يسعنى سوى أن أدعى الله أن تكون بخير حتى وإن كنت لا أعرفها فالكل منا يستحق أن يكون بخير مهما مر بالكثير.
بعد ذلك درجت لامتحانى وكما حدثتكم من قبل لم أكن أعلم سوى الاسم والرقم وعندما خرجت لم يسعنى سوى رفع الشعار الذى استمر لسنين على لسان طلاب الجامعات: "هنعوض فى الفاينال".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة