فى أجواء ممتلئة بالبهجة وبحضور أعضاء مجلس التحرير بــ«اليوم السابع» احتفلت الجريدة مع الكاتب الكبير إبراهيم عيسى بكتابه «على مشارف الخمسين» الصادر حديثا عن دار الكرمة، وأكد إبراهيم عيسى فى بداية اللقاء إعجابه بتجربة «اليوم السابع» مؤكدا أن خالد صلاح نجح فيما فشل فيه الخديوى إسماعيل الذى أراد أن يجعل مصر قطعة من أوروبا لكن خالد صلاح استطاع أن يجعل «اليوم السابع» قطعة من أوروبا بالفعل.
وكان طبيعيا أن يتجاذب الكاتب الكبير وأعضاء مجلس تحرير «اليوم السابع» أطراف الحديث حول أهم القضايا التى تشغل مصر الآن سواء على المستوى السياسى أو الإعلامى أو الثقافى.
أوضح إبراهيم عيسى، أنه فى كتاب «على مشارف الخمسين» يحكى عن ذكريات صباه وشبابه ويوضح اختلاف الأزمنة وتبدلها ويتعرض للظروف الاجتماعية التى حدثت فى 50 عاما، وبين «عيسى» أن الفترة الزمنية التى بدأ فيها كتابه كانت متزامنة مع تجربة جريدة المقال، وأضاف «عيسى» كنت مغرما بفكرة الكتاب المصور خصوصا أنه مسكون بالحنين، وكنت كل يوم أقوم بكتابة قصة قصيرة تتعلق بالكتاب.
وحكى إبراهيم عيسى عن ذكرياته التى أثارها هذا الكتاب ومنها صوره مع عائلته التى تم إلحاقها بالكتاب وأكد «عيسى» أن طريقة التصوير تعكس صورة الأسرة المصرية فى هذه الفترة، وتابع، كانت أيام صباى فى الإسكندرية من أجمل أيام حياتى، حيث كانت عمتى تسكن فى «غيط الصعيدى» فى الإسكندرية فى محرم بك، فى مساكن العمال، وكنا نذهب مع أبناء عمتى للسينما فنشاهد الأفلام التى كانت تعرض فى بداية مرحلة الثمانينيات، وأتذكر جيدا ذهابى إلى مهرجان الإسكندرية السينمائى حيث كنت أشاهد نجوم الفن فى المهرجان.
وأضاف الكاتب الكبير، مما أتذكره فى تلك الفترة، أنه عندما ذهبت لمشاهدة فيلم الدنيا على جناح يمامة للفنان محمود عبدالعزيز، وكان عرضا أول ومحمود عبدالعزيز موجودا بين المشاهدين، وبعد أن بدأ الفيلم وظهر الفنان عبدالله فرغلى فى أول مشهد توقف عرض الفيلم بسبب عطل فى ماكينة العرض وتكرر هذا الفعل 4 مرات حينها وقف الفنان محمود عبدالعزيز وقال بصوت عال: «إن عبدالله فرغلى سوف يحصل على جائزة أفضل ممثل فى المهرجان فلم يظهر غيره فى الفيلم»، وأضاف إبراهيم عيسى أن محمود عبدالعزيز فنان مثقف وقارئ جيد.
وتحدث إبراهيم عيسى، عن أهمية سن الـخمسين فى حياة الإنسان وتذكر كتابا وصفه بالرائع وهو كتاب للشاعر صلاح عبدالصبور اسمه «فى مشارف الخمسين»، وأضاف أن هذه المرحلة العمرية تمثل لى شيئا مهما منذ تم الاحتفال بعيد ميلاد نجيب محفوظ الخمسين فى الأهرام، وعندما سأله هيكل، ما الذى تريده قال «نجيب»، أريد «أم كلثوم» وجاءت «الست» وغنت فى حضرة نجيب محفوظ، وتابع «عيسى»، وقد أخبرت زوجتى بهذه الحكاية فقالت لى: وما الذى تريده؟ قلت: أريد أنغام، وقد حدث، فى يوم 9 نوفمبر الذى هو يوم ميلادى ذهبنا لنستمتع بحفل أنغام، وكانت هى أول من حصل على نسخة من الكتاب، وأعربت فى إنستجرام عن إعجابها بالكتاب، وقد كانت أنغام متألقة جدا فى هذا الحفل.
وأضاف الكاتب الكبير، أن سن الخمسين مرحلة مهمة، لأنك مهما تعيش بعدها لن تعيش عدد ما عشته من قبل، وأكد إبراهيم أن كل ما كتبه فى «على مشارف الخمسين» حدث بالفعل ولا مجال للخيال فيه، وأنه بكى عندما كتب عن ذكرياته مع والده.
وقال «عيسى»، إنه ذات مرة فكر فى الاعتزال عندما يبلغ سن الخمسين، وأجاب عن سؤال هل ندمت على هذا التفكير بعدما حققته من إنجاز؟: لا لم أندم كنت أود أن أعتزل فى الخمسين وأتوقف عن العمل المرهق فى التليفزيون، وألا أظل أكتب فى رواية واحدة نحو ثلاث سنوات ونصف، ويقصد رواية «القتلة الأوائل» التى يعمل عليها الآن، والتى وصفها بالرواية الكبيرة، وبين «عيسى» أن الرواية التى هو مشغول بكتابتها تدور عن الثلاثة الذين اتفقوا على قتل معاوية وعلى بن أبى طالب وعمرو ابن العاص، والرواية تدور عن عبدالرحمن بن ملجم بشكل أساسى والتغير الغريب الذى أصاب حياته وبدلها من واعظ جيش عمرو بن العاص فى فتح مصر بعد أن كلفه عمر بن الخطاب ليصبح قارئ القرآن للجيش سنة 20هـ إلى قاتل للإمام على بن أبى طالب سنة 40 هجرية.
واستغرب «عيسى» مما يحمله التاريخ الإسلامى فى تلك المرحلة من «غموض» فيقول، بالبحث اكتشفت أن القتلة كثيرون وأحداث القتل فظيعة، فموقعة صفين مات فيها 70 ألفا، وبالبحث وقراءة التاريخ اكتشفت أن هناك نقاطا سوداء فى التاريخ وليس معناه أنها مظلمة لكن معناها أنها مهملة تماما، فهناك الكثير من الأسئلة التى لا توجد لها إجابات وحقائق متعددة منزوعة، فنجد شخصيات ظهرت فى حوادث مهمة ثم اختفت تماما، والرواية بها نحو 100 شخصية رئيسية، وأنا تجاوزت 800 صفحة ولم أصل بعد إلا لموقعة صفين، فهى بالتالى سوف تكون عملا ضخما.
وفيما يتعلق برجال هذه المرحلة ضرب إبراهيم عيسى مثلا بعمرو بن العاص ورأى أنه فتح مصر مرتين الأولى من أجل الإسلام والثانية من أجل نفسه وأسرته، وأضاف «عيسى» بأنه يجب ملاحظة أن الكتابة عن فتح مصر لم تأخذ حقها، وأنه بحث كثيرا من أجل أن يعرف تفاصيل عن تلك الفترة مثل العملة المستخدمة والأكلات الشهيرة واللغة، فمصر كانت تتحدث سريالى بينما العرب قادمون بلغتهم من الجزيرة العربية فكيف كانوا يتفاهمون معا، كما تعجب «عيسى» من كون أحد الفاتحين فى جيش عمرو بن العاص كان يسمى صالح القبطى.
بينما فى المرة الثانية التى فتح فيها عمر بن العاص مصر لصالحه الشخصى أكد «إبراهيم عيسى» أن كتب التاريخ تثبت أنه مات الآلاف حيث تصارع عمرو مع العرب، بينما كان موقف الأقباط لا يتغير فهم يشاهدون فقط ولا يفعلون شيئا.
وتابع «عيسى» كلامه عن الرواية بأن عنوانها سيكون «القتلة الأوائل»، وبينما عنوانها الفرعى «أصل المسألة» حيث ظهر فى هذه المرحلة الخوارج وحدث بدايات تسييس الدين وتديين السياسة، على حد قوله.
وعلق إبراهيم عيسى على ما استفاده من قراءة تلك المرحلة والتعرف على رجالها بأنه أصبح يحب عثمان بن عفان بشكل كبير ووصفه بمظلوم حيا وميتا، وأكثر شىء أدركه هو أن على بن أبى طالب لم يكن يصلح أن يكون أميرا للمسلمين، وأنه لو حكم ما كان ليحدث أى تطور، وأرجع إبراهيم عيسى هذا الأمر لكون معاوية عندما حكم تخلص من كل المحيطين به، بينما على بن أبى طالب فكان رجلا أخلاقيا جدا، وعاش الحياة ملتزما جدا مثل نبى فلا مؤامرات ولا مكائد سياسية فهو رجل كلمته واحدة، وقد كان يستطيع أن ينهى الأمر وهو فى المدينة لكن إصراره على المبدأ والمثل العليا دمرت تجربته.
وتابع «عيسى» بعد مقتل على بن أبى طالب ذهب الأمر لـ(المادة الخام للمؤامرات) وهو معاوية بن أبى سفيان ومعه عمرو بن العاص ومن خلفه المغيرة وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد الذى وصفه «عيسى» بالرجل الداهية.
وبسبب كبر حجم الرواية توقع «عيسى» أنه من الممكن أن تخرج الرواية على ثلاثة أجزاء لأنها سوف تتجاوز الألف صفحة، وأضاف أنه لا توجد شخصية واحدة مصطنعة، بما يعكس أن التاريخ غنى جدا، والخيال فى الرواية موجودا فى التفاصيل التى بين الأحداث.
وإجابة لسؤال: هل كتبت الرواية حتى لا تتورط؟ أجاب عيسى: «لا فالموضوع تمت مناقشته من قبل فقد بحثه طه حسين فى «الفتنة الكبرى» وغيره الكثيرون منهم هادى العلوى، لكن كل هذه القراءات للموضوع كانت فى مجملها مقاربات سياسية وليست مقاربات بشرية، وأنا أريد أن أتأمل على بن أبى طالب بكل تاريخه وشخصيته وأمامه 170 ألفا من أهل الشام يحملون له العداء بشكل سافر، أريد أن أعرف كيف كانت نفسيته وهو الذى لم يسجد لصنم قط وابن عم رسول الله، وأردت أن أعرف شخصية عمرو بن العاص الذى كان من المحرضين على مقتل عثمان ثم أصبح من الداعين لمعاوية بن أبى سفيان وكل هذه تفاصيل روائية.
وتطرق الكاتب الكبير إبراهيم عيسى للمبادرة التى اقترحها الكاتب الصحفى خالد صلاح حول ضرورة عمل جبهة وطنية مصرية للصحف والمواقع الإلكترونية الإخبارية من أجل الوقوف أمام توغل السوشيا ميديا واستحواذ المواقع الأجنبية على نصيب الأسد من سوق الإعلانات، وأبدا «عيسى» قلقه على مستقبل الصحافة فى مصر متوافقا مع مبادرة الزميل خالد صلاح.
ودعا الكاتب إبراهيم عيسى إلى عمل تكتل أهلى للصحف الإلكترونية تحت اسم جمعية أو نادٍ وليس مهما تحت اسم نقابة، بينما أكد «خالد صلاح» أن الصحافة المطبوعة ما زالت مجزية وهناك دراسات تؤكد أن المجلات ستعود مرة أخرى للظهور.
وعلق إبراهيم عيسى قائلا، المعلنون ما زالوا حتى الآن يثقون فى الصحافة المطبوعة، وأنه بمناسبة الكتابة بالحديث عن عودة المجلات فإنه يستعد فى يناير المقبل لإصدار مجلتين «الفرجة» و«المؤلف»، وأكد عيسى أن مجلة المؤلف مهتمة بإحياء الثقافة خاصة أن هناك عدد الكتب التى تصدر الآن فى مصر كثيرة وأكثر من قبل بشكل كبير، وهى إعلاء لقيمة المؤلف، ولن تكون قاصرة على المؤلف الروائى، بل تشمل الموسيقى وكاتب السيناريست والفنان التشكيلى.
وفيما يتعلق بأزمة صحفيى المواقع الإلكترونية قال «عيسى» عليهم أن يبحثوا عن كيان لهم بعيدا عن النقابة وأن يخلقوا لأنفسهم وسيطا بعيدا عنها، فالنقابة قديما كانت لأصحاب الصحف وليس من الضرورى أن يسمونها نقابة فمن الممكن أن يطلقوا عليها «نادٍ أو جمعية».
أما فيما يتعلق بالبرلمان فأكد الكاتب الكبير أن هناك جانبا إيجابيا هو «وجود برلمان» فالبعض كان يرى أن يؤجله بعض الشىء، لكن فى المجمل البرلمان محبط أكثر مما نتخيل، فوجود 200 عضو من الحزب الوطن المنحل، ولا أقصد الحزب فى حد ذاته، يعنى أن هناك عقلية قديمة هى التى تدير المجلس، وبالتالى سوف نجد كل ما يتبع ذلك من مبايعة وتصفيق وفساد محلى وخدمات شخصية.
وتابع «عيسى» كذلك لا يمكن أن نغفل مجموعات المال فهناك مصادرة للسياسة على حساب المال فـ«الرشاوى» والإنفاق المذهل يعنى غياب دور الوطن، والبرلمان سوف يكون ممثلا من جهة الصوت الواحد، فلا توجد أى معارضة والصوت الواحد ليس مكسبا للوطن، فهو أغلبية بدون حزب أغلبية، وهذا المجلس كان ينقصه كمال الشاذلى ليضبطه.
وفى النهاية أكد إبراهيم عيسى المجلس غير مضمون للتعبير عن الشعب وأنا غير متفائل به، وغلبة الصوت الواحد خسارة كبيرة وهى التى من الممكن أن تجعلنا مثل سوريا.
ووأكد عيسى أن مشكلتنا الأكبر أننا نعيش بين الكراهية الشديدة والانبطاح التام، وعلى المدافعين عن الدولة ألا يرتكبوا نفس أخطاء المعارضين والمحتجين، فلا يجوز مثلا أن نقول البرادعى جاسوس لأنه كان نائب رئيس الجمهورية، وأرجع عيسى كل ما نحن فيه إلى حالة التعليم المتردية.
وفيما يتعلق بأزمة ذهاب البابا إلى إسرائيل أفصح عيسى بأنه يرى هذه الزيارة كما يراها البابا فهى مجرد أداء لواجب العزاء خاصة أنه لم يلتق بأى من الإسرائيليين وقد فعلها من قبل مبارك فى عزاء «رابين» والأمر لا يستحق هذه الضجة.
بعد احتفال"اليوم السابع"بإصدار كتاب"على مشارف الخمسين"لإبراهيم عيسى..الكاتب:"اليوم السابع"قطعة من أوروبا..والبرلمان المقبل مقلق.. وإنشاء جمعية للصحفيين الإلكترونيين ضرورى..وزيارة البابا لإسرائيل عادية
الأحد، 06 ديسمبر 2015 12:21 م
إبراهيم عيسى خلال ندوة اليوم السابع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة