مصدر بمجموعة حوض النيل: "الرئاسة" تتسلم مذكرة حول أزمة سد النهضة.. تتضمن السيناريوهات المتوقعة لـ"ملء" الخزان.. وتقترح "مبادرة" جديدة يقودها الرئيس لحل الأزمة.. واللجوء إلى مجلس الأمن حال فشلها

الأحد، 06 ديسمبر 2015 03:01 م
مصدر بمجموعة حوض النيل: "الرئاسة" تتسلم مذكرة حول أزمة سد النهضة.. تتضمن السيناريوهات المتوقعة لـ"ملء" الخزان.. وتقترح "مبادرة" جديدة يقودها الرئيس لحل الأزمة.. واللجوء إلى مجلس الأمن حال فشلها الرئيس عبد الفتاح السيسى
كتبت أسماء نصار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد مصدر مطلع بمجموعة حوض النيل، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى تسلم المذكرة التى رفعتها مجموعة حوض النيل حول أزمة سد النهضة، وقد قامت السفيرة فايزة أبوالنجا مستشار الرئيس للأمن القومى باستقبال عدد من أعضاء المجموعة فى التخصصات الأساسية التى تشمل هندسة المياه والرى، إضافة للأبعاد القانونية والسياسية.

وشددت المجموعة فى المذكرة أن مسار المباحثات الفنية الحالى لن ينتهى بأى حلول مرضية للجانب المصرى، وأن إثيوبيا مع مرور الوقت ستفعل ما تشاء من تخزين وتشغيل للسد، وأن التبعات ستكون كارثية مائياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسياسياً على مصر، وأن سد النهضة مبالغ فى حجمه وارتفاعه، كما أن كفاءته فى توليد الكهرباء متدنية ولا تبرر هذا الحجم، وإيراداته المالية من بيع الكهرباء قد لا تغطى تكاليفه.

وأوضحت المذكرة، أن الهدف من سد النهضة سياسى وليس تنموياً، حيث يهدف إلى التحكم فى مياه النيل، مما سيؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية فى مصر، وبما يحد قدرتها الشاملة ومن دورها الإقليمى، والتحكم فى مياه النيل سيزيد مع تنفيذ أثيوبيا لمخطط السدود الأخرى على النيل الأزرق، وعلى نهرى "السوباط وعطبرة".

وأضاف المصدر أنه تم مناقشة المذكرة التى تم تقديمها وملاحظات المجموعة على المعالجة الحالية للأزمة وطبيعة الأزمة ككل، وكذلك السيناريوهات المتوقعة والمستقبلية، وأبلغت أبو النجا أعضاء المجموعة بشكر الرئيس السيسى وتقديره للجهد المبذول ودوافعه الوطنية.

واستمرت المناقشات لمدة 5 ساعات، وطلبت أبو النجا عدة دراسات تقييمية لمواضيع مختلفة متعلقة بسد النهضة، والتحرك السياسى والدبلوماسى، وثغرات التفاوض، وتوصيات بالتحرك المستقبلى ومتطلبات التحرك المصرى من ناحية الملفات المطلوبة وإعدادها وفريق العمل، وكذلك مراجعة وتقييم لمعدلات تقدم البناء للسد على ضوء أحدث صور للأقمار الصناعية.

السيناريوهات المتوقعة


وتضمنت المذكرة السيناريوهات المتوقعة حول الملء الأول للمياه أمام "سد النهضة" والذى سوف يكون خصما من إيراد النهر الوارد إلى البلاد، وسوف تضطر مصر معه إلى تفريغ بحيرة ناصر"المخزون الاستراتيجى للبلاد" تدريجيًا لتعويض نقص الإيراد، مما يقلل من دور السد العالى فى تأمين حصة مصر المائية وإنتاجه الكهربائى ولا توجد فرصة حقيقة لإعادة ملء بحيرة السد العالى مرة ثانية، وسيكون امتلاؤه جزئيًا فقط أثناء سنوات الفيضانات العالية، وسيتعرض السد للتفريغ أثناء دورات الجفاف، أى أن أضرار سد النهضة ليست فقط أثناء سنوات الملء الأول ولكنها ستكون دائمة.

وحول الآثار المباشرة لنقص الحصة المائية الناتج عن سد النهضة، كشفت المذكرة التى رفعتها مجموعة حوض النيل، أنها تتمثل فى بوار مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة تداخل مياه البحر فى الدلتا وتملح أراضيها، وانكشاف العديد من مآخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل وفرعيه، وزيادة تلوث مياه النهر والترع والمصارف والبحيرات الشمالية وتهديد الثروة السمكية.

وأكدت المذكرة أن الترشيد والتحلية غير كافيين لاستيعاب عجز الحصة المائية الناتج عن سد النهضة، لأن تطوير وتحديث منظومة الرى فى الدلتا والوادى سوف يوفر جزءا من مياه الرى العذبة، وهى ذاتها التى نستغلها حاليًا من خلال إعادة الاستخدام وضخ المياه الجوفية فى الوادى والدلتا، أما التحلية فهى مكلفة ماديًا وغير اقتصادية للاستخدامات الزراعية، وتصلح فقط لإمدادات المياه للمدن الساحلية والتى يعانى معظمها حاليا من عجز فى مياه الشرب.

وأشارت مجموعة حوض النيل إلى أن التداعيات الأخرى لسد النهضة، تتمثل فى تشجيع بقية دول حوض على تنفيذ مشاريع السدود الكبرى والمتوسطة، وقيام أثيوبيا بإنشاء بقية سدودها، وانضمام جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبى وتنفيذ مشاريع استقطاب فواقد النهر بتمويل ودعم دولى لبيع المياه لمصر، وتوسع السودان فى الزراعات على مياه النيل الأزرق خصما من حصة مصر المائية، وليس مستبعدًا انضمام السودان لاتفاقية عنتيبى وتنصلها من اتفاقية 1959.

تطور مباحثات سد النهضة


وقالت مجموعة حوض النيل فى مذكرتها إن إثيوبيا تحظى بدعم من بعض القوى الدولية والإقليمية، وذلك لأسباب متباينة، وساعد على ذلك قصور الأداء المصرى فى تناول هذا الملف، حيث عرضت المذكرة مراحل المباحثات مع أثيوبيا، حيث بدأت بتشكيل لجنة ثلاثية دولية لتقييم الدراسات الأثيوبية للسد، وانتهت اللجنة بتقرير نهائى فى 31 مايو 2013، أى بعد حوالى عامين من تاريخ الموافقة على تشكيلها، وأوصت فى تقريرها بإعادة واستكمال الدراسات الإنشائية والهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية.

وتوقفت اجتماعات اللجنة الثلاثية بعد المؤتمر الإعلامى للرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسى ونخبته السياسية، وتم استئنافها مرة ثانية عقب ثورة يونيو، بهدف التوصل لآلية لاستكمال الدراسات، ولكنها توقفت مرة أخرى فى يناير 2014 بسبب عدم موافقة أثيوبيا على المطلب المصرى، بضرورة وجود خبراء دوليين ضمن اللجنة المشرفة على الدراسات لضمان الحيادية، وأصرت أثيوبيا على حصر اللجنة على الوطنيين فقط .

وجاء بيان مالابو فى يونيو 2014، واجتمعت اللجنة الثلاثية بعده فى أغسطس 2014، وتنازلت مصر عن شرط إشراك خبراء دوليين فى اللجنة، وتنازلت أيضا عن إجراء الدراسات الإنشائية للسد، واتفقت اللجنة على خارطة طريق لإنجاز الدراسات الهيدرولوجية والاقتصادية والاجتماعية فى ستة أشهر تنتهى فى أول مارس 2015.

ولم يحدث أى تقدم فى اجتماعات اللجنة بعد ذلك وحتى انتهى الوقت المحدد لخارطة الطريق، فجاء إعلان المبادئ فى 23 مارس 2015 لدفع المسار الفنى، والإعلان تضمن اعترافنا بالسد ولم يتعرض لسعته التخزينية، ونص على حق إثيوبيا فى استخدام مياه السد فى توليد الكهرباء والأغراض التنموية الأخرى، بينما تجاهل الإعلان جميع الاتفاقيات التاريخية السابقة ومبدأ الإخطار المسبق.

وأشارت المجموعة فى المذكرة أن البعض يزعم بأن البند الخاص من إعلان المبادئ والذى يحدد فترة 15 شهرًا للانتهاء من الدراسات والتوافق حول سنوات التخزين وسياسات التشغيل إنما هو لصالح مصر لتجنب المماطلات الإثيوبية، وهذا غير صحيح لأن هذا البند لم يحدد موعدا لبدء الدراسات وهو لب المشكلة الحالية.

وتم الاتفاق على إسناد الدراسات إلى شركتين فرنسية بنسبة 70% من الأعمال وهولندية بنسبة 30%، بالرغم من أن الشركة الهولندية ذات خبرات أكبر وأعرق فى مجال الدراسات المطلوبة، ولم تتفق الشركتان مع بعضهما، بل وأعلنت الشركة الهولندية انسحابها، إلا أنه خلال الاجتماع التاسع للجنة، والذى عقد فى القاهرة، أكد الوزير السودانى معتز موسى، أن الاجتماع القادم سيتضمن حضور الشركتين "الفرنسية والهولندية" فى محاولة للتوفيق بينهما.

وأكدت المذكرة أن بدائل الخروج من مأزق الشركة الهولندية تتراوح بين تحقيق ما تطالب به إثيوبيا من إسناد الدراسات للشركة الفرنسية والتى تعمل فى العديد من المشاريع الإثيوبية مما سوف يؤثر على حيادية النتائج لصالح الجانب الإثيوبى، وقد سبق أن رفضت مصر هذا الطرح أثناء الاجتماعات، وإذا تراجع الموقف المصرى ووافق على هذا الطرح سيكون تفريطا فى المصالح المصرية، وبديل آخر هو إعادة طرح الدراسات لمكاتب استشارية دولية، مما قد يستغرق عاماً آخر من الإجراءات الإدارية مع احتمال عدم تقدم أى مكاتب استشارية نتيجة لاختلافات الدول وعدم وجود خبراء دوليين لتوفيق الآراء أثناء إجراء الدراسات، وهذا البديل سوف يتيح لإثيوبيا استكمال السد قبل البدء فى الدراسات.

وبفرض أنه تم التعاقد مع شركة استشارية، فهناك عقبات كثيرة لن تسمح بإكتمال الدراسات منها أن الجانب المصرى يرى أن الشروط المرجعية للدراسات تشمل تقييم عدة سيناريوهات لسعة سد النهضة، وأثيوبيا لا تقبل بدراسة سعة أو أبعاد السد، وليس هناك اتفاق بين الدول الثلاثة على تفسير تعريف الضرر ذو الشأن الذى ورد فى إعلان المبادئ، وليس هناك اتفاق حول مرجعية هذا الضرر حيث لا تقر أثيوبيا بحصتى مصر والسودان ولم تتفق الدول الثلاثة على كمية الاستخدامات العادلة والمنصفة للمياه لكل منهم واللازمة لتحديد مقدار الضرر، وأى نقص فى إيراد النهر سوف تعتبره مصر ضرراَ بينما تعتبره إثيوبيا استخدام عادل ومنصف لها.

وأكدت المذكرة أن خلاصة مسار المباحثات الفنية الحالى قد وصل إلى نهايته واستنفد كل أغراضه، ولن ينتهى بأى حلول مرضية للجانب المصري، وأن الجانب الإثيوبى مع مرور الوقت سوف يفعل ما يريد من تنفيذ وتخزين وتشغيل، وأن التبعات ستكون "كارثية" مائياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسياسياً على مصر.

حلول الأزمة

وتضمن المذكرة عدة حلول من بينها مبادرة سياسية جديدة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى بطلب عقد قمة ثلاثية لتصويب المسار والتفاوض السياسى حول تجنب أضرار السد على مصر، حيث اقترحت المجموعة أن تتضمن المبادرة مطالبة إثيوبيا بوقف إنشاءات السد بعد الانتهاء من مرحلته الأولى، وتكليف الخبراء الدوليين أعضاء اللجنة الثلاثية الدولية الذين وافقت عليهم الدول الثلاثة من قبل عام 2012 لاستكمال الدراسات الهيدرولوجية والبيئية والإنشائية للسد.

ويتم عرض نتائج الدراسات على وزراء الخارجية والرى فى الدول الثلاثة للتوافق حول النتائج والتوصيات والتوصل إلى اتفاق نهائى لحل هذه الأزمة، وإذا قبلت إثيوبيا هذا المقترح فمن الممكن التحرك أيضاً لإحياء تجمع النيل الشرقى للتعاون فى مشاريع استقطاب فواقد النهر، وزيادة إيراده وبما يسمح لإثيوبيا تنفيذ بعض سدودها بدون التأثير السلبى على دولتى المصب.

وإذا لم تجد هذه المبادرة القبول أو التفاعل المناسب لدى إثيوبيا فعلى مصر المطالبة بوساطة دولية أو إقليمية للتوصل إلى حل مناسب للأزمة فان فشلت جهود الوساطة فعلى مصر أن تطالب إثيوبيا بالذهاب إلى التحكيم الدولى، فإن أصرت إثيوبيا على التعنّت فعلى مصر أن تعلن حينها أن كل جهودها للوصول إلى تفاهمات وحلول توافقية مع إثيوبيا قد فشلت وتعلن من جانبها وقف المشاركة فى المباحثات الثلاثية، وعلى مصر تكثيف تحركها الدبلوماسى على المستويين الإقليمى والدولى لشرح وجهة نظرها، وكذلك اللجوء إلى مجلس الأمن لما تمثله هذه الأزمة من تهديد للسلم والأمن الإقليميين وعرض أسانيد مصر القانونية والسياسية والفنية، والذهاب إلى مجلس الأمن قد لا يؤدى إلى إيقاف إثيوبيا مخطط السدود الإثيوبية، ولكنه سوف يحفظ حق مصر فى اتخاذ ما تراه مناسبا وفى الوقت المناسب للحفاظ على حقوقها المائية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة