حنان شومان تكتب: «ريجاتا».. أفلام عن الناس اللى تحت

الخميس، 12 فبراير 2015 05:55 م
حنان شومان تكتب: «ريجاتا».. أفلام عن الناس اللى تحت بوستر فيلم ريجاتا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- 2015-02 - اليوم السابع

منذ عدة أعوام ليست بكثيرة، طالعتنا مجموعة متتالية من الأفلام التى أطلق عليها البعض أفلام العشوائيات، وربما كان فيلم «حين ميسرة» لخالد يوسف هو القاطرة التى جذبت آخرين لهذا النوع من القصص السينمائية التى تراوحت بين الجيد والسيئ، لكنها صادفت بجيدها وسيئها هجومًا من بعض الجمهور، وكثير من الصحافة. وللحق كنت ضد هذا الهجوم المستمر لمجرد المبدأ، ذلك لأن الأفلام التى تعالج قضايا المهمشين والعشوائيات هى أفلام تتحدث وتحكى عن جزء من مصر، تمامًا كما تحكى بعض الأفلام الأمريكية عن حى مثل كوينز فى نيويورك، وغيره من أحياء الفقراء والمهمشين، والتى يتابعها الجمهور المصرى ذاته دون أن يقول إنها أفلام تسىء لسمعة أمريكا وتبهدلها، كما أن السينما الأوروبية التى لا يراها عامة الجمهور تفعل الشىء نفسه.. إذًا التحجج بإساءة السمعة حجة واهية وجاهلة، ودعنا نواجه أنفسنا بعض الشىء، فهناك بعض فئات من الجمهور يضايقها ويزعجها مشاهدة مثل هذه الأفلام، لأنها ترى ما لا تحب أن تراه، وما تتمنى ألا يكون موجودًا، وهى مصر اللى تحت وليس السطح المريح نوعًا، كما أن هناك سببًا يضاف لضيق البعض من هذه النوعية من الأفلام مهما كانت جيدة، هو أن الإنتاج السينمائى قليل، وبالتالى فإذا ظهر فيلمان أو ثلاثة من هذه النوعية بدا كأن السينما لا تقدم إلا أفلامًا عن العشوائيات، وبالتالى تجد هجومًا عليها بسبب عدم التنوع.

لم تكن تلك مقدمة منفصلة عن فيلم هذا الأسبوع «ريجاتا» الذى صادف بعض الهجوم حتى قبل عرضه، بسبب «البرومو» الخاص به، والذى أوحى لمشاهديه بأنه فيلم من أفلام العشوائيات أولًا وثانيًا، فهو من إنتاج «السبكى»، وهذا لدى البعض كاف بالهجوم حتى قبل المشاهدة، وتلك آفة من بين آفات كثيرة نتميز بها، وهى قراءة الكتاب من عنوانه، والمقال من أول كلمة، والفيلم من البرومو.

«ريجاتا» بالفعل فيلم يحكى عن الفقراء والفاسدين، كتب له السيناريو والحوار مخرجه محمد سامى مع معتز فتيحة الذى أعتقد أنها أولى تجاربه السينمائية، كما المخرج الذى أتى من عالم الفيديو كليب لدراما التليفزيون للسينما.. الفيلم يحكى عن أسرة كملايين الأسر المصرية التى تعيش على الكفاف، مكونة من أم وشابين، أحدهما متزوج والآخر يعمل فى مجال سمكرة السيارات، لكنه يحاول دائمًا أن يجد وسيلة رزق أوسع حتى لو من طريق غير شريف، وحلم حياته أن يستطيع جمع مال يسمح له بالهجرة لأوروبا مع أمه، من بلد يعيره كونه ابنًا غير شرعى، وتتوالى الأحداث إلى أن تقع حادثة يذهب ضحيتها أخو «ريجاتا»، ويتم اتهام البطل، غير أن الأم تعترف على نفسها حتى تنجى الابن الباقى لها، وتتوالى الأحداث لتنتهى حياة «ريجاتا» بحلم لم يتحقق بالفرار من قدره، وبلد يحاسبه على ما فعلت أمه، وليس على ما فعله.

سيناريو «ريجاتا» وحواره عمل متماسك حى، يمثل بعضًا من الواقع الذى نكره رؤيته، فقراء أفسدهم الواقع وقتلهم الحلم، أما التنفيذ لمخرجه محمد سامى فهو جيد فى إطار أنه العمل الأول سينمائيًا، خاصة فى المشاهد الخاصة بالمطاردات والمعارك، فقد نفذها المخرج بجودة، لكن جاءت محاولات المخرج ومدير التصوير فى مشاهد كثيرة مفتعلة بالإضاءة، ربما تبدو صورة فنية جميلة تصلح لفيديو كليب، لكن فى السينما الضوء والظل إن لم يكن ذا أهمية لترسيخ معنى أو وصول إحساس معين لدى المشاهد فيعد خطأ وخطيئة، وقد كثرت أخطاء المخرج فى هذا الأمر تأثرًا ربما بخلفية الفيديو كليب، وربما يكون «الكاستنج» أو اختيار الممثلين من محاسن هذا الفيلم، إلا فى حالة واحدة، وهو الشاب الموهوب أحمد مالك الذى كان صغيرًا جدًا على الدور كصديق لوليد فواز، شقيق «ريجاتا»، فكان يمكن أن يتحايل الفيلم على ذلك بجعله ابنًا له رباه، ربما فى هذه الحالة كنا كمشاهدين صدقناه.

عمرو سعد ممثل مجتهد، قوة تعبيراته تسمح له بأداء مثل هذه الشخصية بسلاسة، اختيار إلهام شاهين لدور الأم يدل على ذكاء الممثلة، وخيال المخرج، فإلهام بقبولها الدور تثبت أنها ممثلة ذكية ستعيش عمرًا على الشاشة أطول من مجرد نجمة وحيدة، وقد أجادت الدور، وأضافت له قيمة، أما المخرج فكان من الممكن أن يطلب لهذا الدور ممثلات من بطلات الأدوار الثانية، لكن بوجود إلهام منح فيلمه قيمة وثقلاً أكبر، ولا يختلف محمود حميدة عن إلهام فى التحليل أو جودة الأداء.. رانيا يوسف المنتشرة سينمائيًا وتليفزيونيًا انتشار محمود، وتنوع فى صالحها، وليس ضدها.

ليس كل فيلم عن مصر اللى تحت سيئًا، ولا كل إنتاج للسبكى فاسدًا، وفيلم «ريجاتا» دليل على هذه المقولة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة