تابعنا ببالغ العجب والدهشة أخبار تقدم المرشحين لبرلمان 2015، أسماء ما جاءت بها السياسة من سلطان، ولئن سألت كل مُرشح محتمل: هل قرأت الدستور؟ هل لديك خلفية كاملة عن مشاكل واحتياجات الدائرة التى تتقدم لتمثلهم فى البرلمان ؟ سيُجيبكَ معظمهم بأن : "ربنا يسهِّل" .
أعجب لعبثية المشهد، البداية غير المُشجعة على الإطلاق والمتمثلة فى حدوث اشتباكات بالأيدى بين بعض المتقدمين بأوراقهم للترشّح وكذلك بين جموع المؤيدين المصاحبين لهم، هذا غير الصور التى نُشرت للسادة الموقرين وهم يقفزون من الشبابيك بعد تقديم الأوراق بحجة شدة الزحام، وأنا أعتبر هذه القفزة الأنيقة هى باكورة الحملة الإعلانية التى ربما تحمل عنوان "امسك مُرشَّح" أو "البرلمان البرلمان لنخلى عيشتكوا جنان".
غير أنه علت أصوات الاعتراض على بعض الوجوه التى لطالما قرأ الشعب المصرى عن انحرافاتها، فالذاكرة المصرية مُتخمة بكثير من الخذلان وخيبة الأمل فى أعضاء برلمانيين سابقين، سواء من أعضاء الحزب الوطنى المنحل أو من الأحزاب التى تصطبغ بصبغة دينية، أو هؤلاء الذين كل مؤهلاتهم أنهم يملكون المال الكثير ويشتهون الجاه وفقط .
دعوا من يترشح يفعل، ومن يرغب فى حمل لقب "مرشح سابق" أو لقب " كان مرشحًا محتملا" أو حتى "مرشح مياه"، يعيش حلمه لفترة وجيزة، لأنه حتمًا باختياراتنا الواعية سيفيق من حلمه على أصواتنا التى ستعلو بالرفض، فنحن لا نرغب فى برلمان تجريبي، أو برلمان "على ما تُفرج"، نحن نريد برلمانًا يُمثلنا، كل نائب سيدخله من المفترض أن يكون سفيرًا أمينًا على الدائرة التى يمثلها، يعى جيدًا مشاكلها، ولديه رؤية محددة فى كيفية حلها أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير.
الفاسدون والطامعون والمتلونون لا مكان لهم تحت قبة مجلس الشعب، وكذلك المتاجرون بعواطفنا الدينية، فقد تعلمنا خلال سنوات المرار كيف نفرز الصالح من الطالح، وكيف نعطى صوتنا لمن يستحقه، تعلمنا أن نسأل أنفسنا قبل أن نخط بالقلم إذا ما كان اختيارنا إثمًا سيطاردنا بلعناته أم اختيارًا طيبًا سنأكل من طيب ثمراته .
كل الوجوه القبيحة التى خرجت من شقوقها كى تدس بأنفها فى مستقبلنا الذى نبنيه الآن بشق الأنفس، وبالصبر على المكاره والقنابل وطلعات الغدر التى تأتينا من الشرق والغرب، وبإحتمال كل الشرور التى تتطاير شظاياها حولنا ليل نهار، كل هذه الوجوه التى ظهرت لتدعى أنها قادمة كى تُمثل قطاعاً من الشعب وتأتى له بحقوقه كذبًا، عليها أن تخجل وتعاود البقاء فى الظل وخلف الأبواب، لأنه ما عاد فى قوس صبرنا منزع، وسنرفضها ونعيد نشر تاريخها المُخزى حفاظًا على وطننا الذى لا يفهمون معناه، ولا يبالون بالحفاظ عليه .
الحفاظ على الوطن لا يحتاج دعوة، الوطن هو الأرض التى تدب عليها كل صباح، وهو السماء التى تبيت تحت سقفها كل مساء، والجدران التى تحتمى بها من هجمات الأعداء تلك الجدران التى يحرسها أبناؤك أو أبناء جيرانك أو أبناء أفراد من عائلتك فنحن لم نستورد حراسًا من الخارج ليقوموا بحراستنا .
أنا مواطن، إذًا لابد أن يكون لى وطنًا أنتمى إليه، وهذا الوطن الذى وُلدنا على أرضه يُدعى مصر، ولئن سألت القوم الطامعون فى شهرة أو حصانة أو منصب، هؤلاء الذين يسيرون عكس المفهوم الطبيعى للوطن ليقولن لك أننا الصفوة ولابد أن نظل، وما هم بصفوة ولا غيره، إنما الصفوة اليوم للشعب وعليهم أن يدركوا ذلك فى القريب العاجل عندما نقول كلمتنا فى إذن الصناديق .
مجلس الشعب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة