فى حديثه الأسبوعى..

شيخ الأزهر: الخوارج ومن وافقهم لديهم خلل فكرى وشذوذ فى فهم النصوص

الخميس، 19 فبراير 2015 11:36 ص
شيخ الأزهر: الخوارج ومن وافقهم لديهم خلل فكرى وشذوذ فى فهم النصوص الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشَّريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستكملُ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشَّريف، فى حديثه الأسبوعى غدًا الجمعة، مناقشتَه العلميَّةَ للمفهوم الخاطئ للحاكميَّة عند التكفيريِّين والجماعات المسلحة الذى ترتكز عليه فى ارتكاب أعمال العنف والإرهاب.

ويوضح الإمام الأكبر، خلال اللقاء، أن مفهوم الحاكمية يُعَدُّ من أهم الأصول والقواعد التى تعتمد عليها الجماعات المسلحة فى قتل الناس واستباحة دمائهم وأموالهم، مؤكداً أن الحاكمية عندهم تعنى أن الله هو الحاكم الأوًّل والأخير، وأن الذى يحكم مِن البشر بغير ما أنزل الله فهو مشاركٌ لله فى ألوهيته، ومن ثَمَّ يكون كافرًا مستباح الدم، ومَنْ يرضى به من المحكومِين فهو أيضًا كافرٌ مستباح الدم.

ويشير إلى أن الخوارج هم مَنْ واجهوا سيِّدنا عليًّا وأرغموه على قبول التحكيم، بعد اقترابهم من الهزيمة، ثم قالوا له: لا ولايةَ لك علينا، وذلك نتيجة خللٍ فكرى عندهم وشذوذٍ فى فهم بعض النصوص، وبعد قرون متطاولة من كُمُون هذا الفكر استدعى منطقَهم أبو الأعلى المودودى من الهند، ثم سيد قطب، الذى أورد فى كتابه "ظلال القرآن" نصوصًا يُفْهَمُ منها تكفير الحُكَّام والمحكومِين والشعوب الإسلامية، وهذا ما صرَّح به كبار الإخوان المسلمين الذين أدانوا سيِّد قطب فيما ذهب إليه، من أمثال الهضيبى المرشد الثانى فى كتابه "دعاة لا قضاة" الذى فنَّد فيه كلام المودودى بالإشارة إليه صراحةً، وبالردِّ على سيد قطب دون ذكر اسمه.

ويتابع، أن القرآن الكريم به آيات كثيرة جدا تسندُ الحكم للبشر؛ كقوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) المائدة 49، فهذه آية تأمر النبى - صلى الله عليه وسلم-بأن يكون حاكمًا، وقوله تعالى أيضًا: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ) النساء 105، و(يَحْكُمُ) فى الآية فعل مسند للحاكم البشر المتمثل فى النبي- صلى الله عليه وسلم- أى: أن هناك حاكمية منسوبة للبشر بدليلٍ صريحٍ من القرآن الكريم، ومِن هنا يسقط كلامهم.

ويتطرق الإمام الأكبر فى حديثه إلى أن القرآن الكريم احتوى أوامرَ عامَّةً، كقوله تعالى:) أن اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى) النحل/90، حيث إن مفهوم العدل فى الآية مطلقٌ ينطبق على حالات كثيرة لا تنتهي، تُرَكَ للحاكم فيها أن يُعْمِلَ عقله، وهذه حاكمية نسبية، فهى فى هذا الموضع لغير الله، مضيفًا أن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– عندما أرسل معاذ بن جبل- رضى الله عنه - لليمن قاضيًا "قال له: يا مُعاذُ، كيفَ تَقْضِى إذا عرَضَ لك قَضَاء، قال: بكِتَابِ اللهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِى كِتَابِ اللَّهِ, قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فهنا ينبهنا النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى وجود قضايا جديدة ليست فى القرآن أو السنة؛ والحوادث لا تنتهى وتتغيَّر دائمًا ما دام هناك كونٌ وبشرٌ، ومن ثَمَّ قَالَ له النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَال: أَجْتَهِدُ رَأْيِى ولَا آلُو"، فالنبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يُصادرْ عليه اجتهاده، ولم يقل الحاكمية لله فقط، ولكن ضرب على صدرِه فى إشارةٍ لرضائه، وَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِى رَسُولَ اللَّهِ"، وهذا الحديث صحَّحه ابنُ عبد البرّ القرطبى وابن قيِّم الجوزية.

ويختتم كلامَه بأننا نستطيع من خلال هذا الحديث أن نرفض الكلام المغلوط فى فهم القرآن مستندين إلى ما فعله الرَّسولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منذ 14 قرنًا فى مجتمع محدود الحركة والعلاقات، وهذا حق أعطاه الرَّسولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه فى مجتمعٍ محدودٍ، فما بالنا ونحن الآن فى القرن الحادى والعشرين الذى يَعجُّ بنوازل وحوادث لا حصرَ لها، وبالتالى فإنَّ الاجتهاد مطلوبٌ بضوابطه المعروفة عند أهل العلم.

يذكر أن حديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الثانية ظهرًا من كل يوم جمعة.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة