هكذا هو حال المقلدين دائما لا يدركون المزايا ويعانون المساوئ.. فمنذ انطلاق مسابقات كرة القدم فى مصر والناس تشجع أنديتها وتذهب أيام الآحاد والجمع إلى الاستادات الرياضية للاستمتاع بالمباريات وتشجيع فرقها المحببة، حقا كانت هناك مشاحنات وبعضا من الشتائم المتعارف عليها بين بعض الجماهير.. ولكن الغالبية العظمى كانت تذهب للترفيه عن النفس والتمتع بيوم جميل ولا بأس أن يخرج الإنسان بصداقات قوية من ذلك الذى ربما يمكث بجواره لساعات طويلة.
على أية حال كانت الأمور تمر بسلام ولا يحدث ما لا يحمد عقباه، فكان المشجع حريصا على متعة المشاهدة من الاستاد رغم إذاعة المباريات على قنوات التلفزيون المختلفة، لأنها دائما كان لها متعة ومذاق خاص.
أما نحن اليوم وبعد شيوع روابط المشجعين للأندية المختلفة أو ما يسمون أنفسهم الألتراس، ومع تضخم أعدادهم أصبحنا نجنى الشوك ولا ندرك الورد أبدا.. فكم عانينا من استغلالهم سياسيا فى الثلاثة أعوام الماضية والتالية على قيام الثورة رغم عدم معرفة الغالبية العظمى منهم بألف باء سياسة، فقد تم استغلالهم أسوأ استغلال من بعض الجماعات الدينية المتطرفة للقيام بأعمال شغب وتدمير مستغلة فى ذلك حماس الشباب وعدم درايتهم بحقائق الأمور.
ثم جاءت أزمات تكسير المدرجات وتخريب ممتلكات الدولة، وإشعال الألعاب النارية المختلفة غير عابئين بالدخان الكثيف المنبعث منها والذى يضر الآخرين من المشاهدين من مرضى الصدر والشرايين والجهاز التنفسى، بل والأصحاء أيضاً، ذلك الدخان الذى كان فى أغلب الأحوال يملأ جنبات أرض الملعب فتحجب الرؤية فيضطر حكم المباراة إلى أن يوقف المباراة لدقائق حتى تقل كثافة الدخان المنبعث من تلك الألعاب النارية ليستكمل المباراة.
الأمر الذى كان فى أغلب الأحوال يحرم الجمهور العادى المحب لكرة القدم من مؤازرة فريقه نتيجة لحماقات الألتراس؛ بل كان يحرم الفريق نفسه من نقاط بل ربما يصل الأمر إلى نقل مباريات الفريق وحرمانه من اللعب على أرضه للخروج للعب على أرض أخرى.
وبمرور الأيام تزداد الأعداد من المراهقين المنضمين للألتراس وتزداد معهم الأزمات فتأتى الأزمة التى لفتت الانتباه بشدة عندما تحدى هؤلاء الصبية إرادة الدولة فى انطلاق المسابقة قبل عودة حق شهداء مذبحة ستاد بورسعيد.. وتتدخل الشخصيات العامة للتفاوض مع هؤلاء الصبية فتضيع هيبة الدولة وكرامتها.
ويحدد الاتحاد المصرى لكرة القدم أعدادا بعينها لحضور مباراة بعينها فيأتى هؤلاء الصبية ويقتحمون الأبواب ويدخلون عنوة رغم أنف الجميع.
أما الأمر الذى أزعجنى شخصياً هو عقب خروجهم من مباراة نهائى البطولة الكونفدرالية الإفريقية والتى اقتحم فيها الآلاف من هؤلاء الصبية الاستاد وتعدوا عشرات أضعاف العدد المحدد والمسموح به غير عابئين بأى شىء، وبعد أن خرجوا من المباراة اقتحموا بوابات مترو الأنفاق بأعداد مهولة وبدون تذاكر تماما كما يفعلون فى دخول الاستاد ليعيثون فيه فسادا، وتم حجز قطارات المترو لأكثر من ثلاث ساعات لهم فقط.. ثم أخذوا يحتفلون بفوز فريقهم بطريقة همجية وما أن وصلوا محطة العتبة التى ينتهى عندها خط المترو الجديد واختلطوا بركاب المترو حتى بدأ التحرش بالفتيات والسيدات الموجودات بمحطة المترو بصورة منفرة وقميئة وتستدعى التدخل العاجل.
ثم جاء الدور الثانى لبطولة الدورى لتستعد روابط الأندية لاقتحام استاد الدفاع الجوى وهو مؤسسة عسكرية فى الأساس الأول غير عابئة بالأمن ولا بقوات الشرطة التى وجدت نفسها فى مواجهة مع هؤلاء الصبية المستهترين فلا هى التى استطاعت أن تحميهم أو أن تدخلهم أو أن تخرجهم فكانت الكارثة.
وهكذا هى أزمات تلك الروابط المختلفة من ألعاب نارية مضرة إلى استخدامات أيديولوجية موجهة من بعض الجماعات المتطرفة، ومن تخريب وتدمير لممتلكات الدولة إلى اعتداءات على مرافق المواصلات ومحطات المترو، ومن فوضوية فى التصرفات وعدم قدرة الأمن على مواجهة تلك الأعداد الضخمة دون خسائر فى الأرواح إلى دماء تسيل لتفقد الوطن كثيرا من هيبته وأمنه وأمانه هذا فضلا عن أمهات ثكلى وطاقات شبابية تهدر بلا أدنى فائدة.
د. غيضان السيد على يكتب: روابط الألتراس.. أزمات لا تنتهى
الجمعة، 20 فبراير 2015 10:05 ص
جمهور الألتراس - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة