أحمد إبراهيم الشريف يكتب: ثقافة الكراهية فى "القناص الأمريكى"

الثلاثاء، 24 فبراير 2015 04:00 م
أحمد إبراهيم الشريف يكتب: ثقافة الكراهية فى "القناص الأمريكى" فيلم القناص الأمريكى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"كل العراقيين إرهابيون ويستحقون الموت"، هذه هى رسالة فيلم "القناص الأمريكى" وهذه هى الصناعة المسمومة لفيلم تحدثت عنه الميديا بطريقة مكثفة حتى تصنع حوله ضجة كبرى، وحقق نجاحات كبيرة فى شباك التذاكر تجاوزت الـ300مليون دولار فى الشهر الأول، كما رشح لـ5 جوائز أوسكار، كل ذلك ليؤكدوا لك هذه الرسالة.

الفيلم يتبنى وجهة نظر عنصرية



الفيلم عنصرى بامتياز، من حيث الاختيار ومن حيث المعالجة، فالفيلم مأخوذ عن كتاب "القناص الأمريكى" سيرة ذاتية كتبها القناص فى الجيش الأمريكى كريس كايل، لذا تحت مسمى "القصة الحقيقية" وضع الفيلم قدرا كبيرا من السم بين شعوب العالم، فقد استخدم لفظة "الوحوش" فى وصف العراقيين أكثر من مرة، وقدم مشهدا لرؤوس مقطوعة، وجعل من العرب آكلة لحوم بشر، وجعلهم قتلة ونساؤهم متآمرات وأطفالهم إرهابيين بالفطرة، فى مقابل الأمريكان الذين تبكيهم حركة جنين فى رحم أم وينزعجون لأن طفلة بكت، وكأنهم مجموعة من الملائكة كانوا يتنزهون فى بلادنا كى يطهرونها تلبية لنداء الرب الذى جعلهم مفوضين يعرفون ما يصنعون، فهم يعلقون فى بيوتهم لعب الأطفال ونحن نخبئ فى أقمطة أطفالنا القنابل والمتفجرات، وعندما نموت نصبح مجرد عدد، بينما تبدع الكاميرا فى إظهار ألمهم ليكتسبوا تعاطف العالم، وبينما نموت نحن فى صمت تنتحب نساؤهم بالكلام الحزين والشاعرى عن "المجد" الذى لم أره فى "فيلم" يكرس للعداوة والبغضاء.

ثقافة أمريكا تعود للخلف



هذا الفيلم يؤكد أن ثقافة أمريكا تعود للخلف، وأنها تصنع "ثقافة الكراهية" بوعى تام، فالفيلم حوَّل العراق جميعه لإرهابيين ونسي أن أمريكا هى من صنعت كل مشكلات العراق، فبعد أن وجدت فى السنوات السابقة مجموعة من الأفلام المتوازنة، جاء "القناص الأمريكى" ليمحى هذا التوازن، لأنه حتى لو كان مستمدا من قصة واقعية، فإن السؤال ما الذى دفعهم لتقديمه كنموذج للثقافة الأمريكية الآن فى ظل هذه الظروف الممتلئة بعناصر الكراهية ضد العالم السلامى، إلا لكون أمريكا تصنع تاريخا جديدا من الكراهية، خاصة أن "كريس" صرح ذات مرة بأن "قتل العراقيين كان متعة بالنسبة لى".

البطل اعتبر حرب أمريكا على العراق "معركة شخصية"



بطل الفيلم الذى فقد نفسه جزءا جزءا والذى اعتبر هذه الحرب الدائرة فى العراق "مشاجرة شخصية" بينه وبين آخرين، أكد أكثر من مرة أنهم ذهبوا للعراق لحماية أمريكا حتى لا تصل هذه "القذارة" إلى نيويورك، وحتى صديقه المصاب والذى طالبه بألا يعود مرة أخرى لبلاد العراقيين، أنهى صناع الفيلم حياته، وكأنما قتلته كلمته التى قالها.

الزوجة فقط هى التى أدركت أنه فقد إنسانيته وتحول إلى "وحش" كما كان يصف العرب، لكن صناع الفيلم الذين صوروا معاناتها، جعلوها تتوارى خلف "خدمة الوطن" وكأن ما تشعر به عجز إنسانى على "الأبطال" أن يتجنبوه.

الفيلم أحادى النظرة ويكشف الوجه القبيح لأمريكا



وحتى النهاية ظلت المكابرة والإصرار على تشويه الصورة، فالتوتر النفسى الذى أصاب بطل الفيلم لم يحدث لأنه قتل أكثر من 160 شخصا على حد كلام الجيش الأمريكى، و255 على حد كلام "كريس" نفسه والذى لم يبد أى تعاطف مع ضحاياه، لكنه كما قال هو "لعجزه عن حماية رفاقه من الموت" والذى سيكون بقتل المزيد من العراقيين، الفيلم يريد أن يؤكد أن ما حدث فى العراق "كان شرا لا بد منه" وأن أمريكا كانت مضطرة لفعل ذلك لأجل العالم، لكن الفيلم استمر فى "العنصرية" حتى فى نهاية الفيلم فرغم أن "البطل" حقيقة قُتل على يد أحد زملائه "المضطربين نفسيا" العائدين من هذه الحرب الدميمة، لكن "كلينت استوود" لم يصور هذا المشهد حتى تظل صورة الجندى الأمريكى ناصعة البياض فى أذهاننا وحتى لا يدين "أمريكا" التى حولت أبناءها إلى قتلة ومرضى نفسيين، هذا الفيلم الذي يريد أن يبيض وجه أمريكا لكنه فى الحقيقة كشف وجهها القبيح فى صناعة الإرهاب بتبنيها النظرة الأحادية واحتضانها لثقافة الكراهية.


موضوعات متعلقة..



American Sniper يطرح وجهة نظر قناص أمريكى ولا يحرض على قتل المسلمين










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة