نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لوكالة رويترز قالت فيه إنه على الرغم من الهجمات الإرهابية التى استهدفت قوات الجيش والأمن المصرى الأسبوع الماضى فى سيناء، إلا أن الزيارة التى قام بها مراسل الوكالة لشبه الجزيرة فى وقت مبكر هذا الشهر أثبتت أن مهمة الجهاديين أصبت أكثر صعوبة، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسى يحرز تقدما فى مساعيه لقمع الجماعات الإسلامية.
ونقلت رويترز فى بداية تقريرها من قرية الحسينات عن قيادى بجماعة أنصار بين المقدس الإرهابية إعرابه عن آماله الإطاحة بالحكومة الحالية، وقال لمحرر الوكالة الذى تم اصطحابه إلى مكان ما بالصحراء معصب العينين فى منتصف يناير الماضى "إننا ننفذ رغبات الله" وأضاف قائلا "سننشئ دولة إسلامية فى مصر".
وأشارت الوكالة إلى أن هذا القيادى المسلح اعترف بمواجهة صعوبات أكبر، وقال "عددنا أصغر من ذى قبل، فقد قتل الكثير من الأشخاص، واعتقل كثيرين أيضا، وقوات الأمن موجودة فى كل مكان".
وتقول رويترز إن الرئيس السيسى منذ توليه منصبه فى يونيو الماضى، قام بتحييد الإخوان، واتخذ خطوات جريئة لإصلاح الاقتصاد وأعلن سلسلة من المشروعات الضخة التى تهدف إلى توفير فرص عمل. كما قام بدعوة إلى ثورة فى الإسلام، قائلا إن المسلحين الإسلاميين يدمرون الدين ويضرون بسمعته.
وترى الوكالة أن كل تلك الطموحات تعتمد على الحفاظ على الأمن القومى وترويض المتشددين فى سيناء، تلك المنطقة البعيدة لكنها استراتيجية على حدود مصر مع إسرائيل وقطاع غزة، وبها قناة السويس. ويقول مسئولون أمنيون إن السيسى صب مزيدا من القوات فى المنطقة وحظى بدعم بعض البدو الذين ساعدوا الجيش على تحديد طرق تهريب الأسلحة التى يستخدمها الجهاديون، وقد حققت تلك التكتيكات مكاسب. فبعدما كان أنصار بيت المقدس يسيطر العام الماضى على ثلث قرى سيناء، وكانت هناك عدة مناطق محظور دخولها على الجيش، تغيرت الصورة الآن، وفقا للقيادى بالجماعة الإرهابية وللمسئولين الأمنيين ولسكان سيناء. وتشير شهادتهم إلى أن المسلحين ورغم أنهم لا يزالوا قادرين على شن هجمات قاتلة، إلا أنهم فقدوا بعض من زخمهم السابق.
ونقلت الوكالة عن نقيب شرطة قوله: "قبل عام لم نكن نستطع الدخول إلى المناطق التى يختبئون بها، والآن، نحن منتشرون فى شمال سيناء".
ونقلت رويترز عن أحد سكان سيناء يدعى سلمان قوله إنهم اعتادوا أن يروا أعدادا كبيرة من أنصار بيت المقدس يمرون من أمام منازلهم بقرية الحسينات فى سيارات يلوحون بأعلامهم السوداء قبل عام، لكن بالكاد ما يراهم الآن، وأصبحت الحياة أكثر هدوء.
وقالت رويترز إن أحد إجراءات الضغط على المسلحين تبينت فى مدى صعوبة لقاء أحد قيادات أنصار بيت المقدس. ففى العام الماضى، كانت مثل هذه اللقاءات أسهل بكثير وكان يمكن رؤية المقاتلين فى الشوارع، لكن هذا العام أصبحوا أكثر حذرا.
فبعدما أجرى محرر رويترز اتصالا بوسيط بدوى، تم تعصيب عينيه وأخذ منه هاتفه المحمل، وتوقف السائق الذى أقله على الطريق لفترة قصيرة كل 20 دقيقة فى محاولة على ما يبدو للتهرب من أى شخص يمكن أن يلاحقهم. وعندما سأل المحرر عن أسباب تلك الخطوات، قيل له "ليس من شأنك".
وقال المسلح الذى كان يتحدث بلكنة بدوية، إنه ورفاقه تأثروا بتنظيم داعش ويقلدون أساليبه. وغيرت أنصار بيت المقدس مؤخرا اسمها إلى "ولاية سيناء" وتعهدت بالتحالف مع داعش الذى دعا بدوره الجماعة إلى مواصلة هجماتها ضد قوات الأمن المصرية. وقال المسلح: "نأسر أى شخص يخوننا، ونعدم كل من هو خائن، وهذا يرعب الأشخاص الآخرين فلا يتحركون ضدنا. وتلك لغة وأساليب داعش".
إلا أن رويترز تقول إن هذا المسلح بدا أقل ثقة من الآخرين الذين التقت بهم العام الماضى. حيث قال: "لقد قتل حوالى ألف منا واعتقل 500 أو 600 آخرين، وهناك أسلحة أقل بكثير بسبب تدمير الأنفاق. ومن الصعب نقل الأسلحة".
وقالت رويترز إن مصادر بإسرائيل رفضت التعليق على جماعة أنصار بيت المقدس أو الأنفاق، لكنها قالت إن العلاقات مع مصر خلال فترة الاضطراب فى سيناء أفضل مما كانت عليه فى عهد مرسى. وقال ضابط عسكرى إسرائيلى مضطلع على العلاقات مع القوات المسلحة المصرية "إن الوضع على الحدود مستقر، والمصريون يتحركون لتأمين سيناء ويعرفون أن عدم الأمن يمثل تهديدا للحكم المصرى".. وأضاف "أنه يكون هناك تنسيق عندما يتعلق بالأنشطة قرب الجدار الحدودى لمنع الانتشار المحتمل للهجمات الإرهابية إلى إسرائيل".
بينما قال مسئول مصرى إن إسرائيل تقدم لمصر المساعدة الاستخباراتية لتعقب أنصار بيت المقدس وقال "لا أستطيع القول إذا كانت مفيدة، لكن أستطيع أن أقول أنها تحظى بتقدير".
وأشارت رويترز إلى أن قوات الأمن المصرية عززت وجودها فى شمال سيناء، وتم تجهيزها بشكل أفضل بسترات واقية من الرصاص والخوذات، وبدت أكثر يقظة من العام الماضى. ولمكافحة المفجرين الانتحاريين، مركزت قوات الأمن سيارات شرطة أمام نقاط التفتيش وزادت عدد أجهزة الكشف عن المعادن. وقال مصدر أمنى رفيع المستوى إن السيسى ضاعف القوات فى سيناء منذ العام الماضى، ولم يقدم المسئول أرقاما محددة. لكن الوكالة أشارت إلى أن نقاط التفتيش التى كان بها خمسة جنود يحرسها الآن ثلاثين.
وقد رد المسلحون على ذلك بعمليات كر وفر واختطاف رجال الشرطة واغتيال البدو الذين يشتبهون فى تعاونهم مع المخابرات. ونشروا فيديوهات تظهر المسلحين وهم يعدمون البدو الذين تقول أنصار بيت المقدس أنهم يتعاونون مع قوات الأمن.
وتقول رويترز إنه على الرغم من المكاسب التى حققها الجيش، إلا أن المسلحين لا يزال يمثلون تهديدا خطيرا لأرواح المصريين ولاقتصاد البلاد الهش. حيث استهدف هجومين الأسبوع الماضى بورسعيد والسويس، وهما من مدن القناة التى تعد مصدرا حيويا للدخل. كما يقول الجيش إن تلك الهجمات وغيرها جاءت ردا على النجاح فى الضغط على المتشددين، وقد وجد قادة مصر المتعاقبين استحالة فى القضاء على المتشددين تماما.
ويقول المسئولون المصريون إن لديهم معلمات قيمة عن قادة أنصار بيت المقدس، إلا أن هناك صعوبة فى الحصول على معلومات استخباراتية جيدة عن مقاتلى التنظيم من غير القادة، فلا يزال المسلحون يحيون بين المدنيين العاديين، ويختلطون بالسكان المحليين بطريقة تجعل من الصعب على قوات الأمن تحديدهم.
وقال أحد كبار مسئولى الشرطة إن أشخاصا قد يأتون إليهم ويتحدثون لهم مدعين أنهم مدنيين وبعد أيام يفجرون أنفسهم فى أحد نقاط التفتيش. وأضاف: بمجرد ذهابنا لمهاجمة قرية وجدنا أحد المسلحين الذى مر عليها قبلها بأيام يقول لنا: ربنا ينصركم على الإرهابيين" وبعدها بأيام تم اعتقاله فى اشتباكات بالقرية.
وتقول رويترز إن تصعيد العمليات الأمنية يمكن أن يسبب خسائر بين المدنيين وينشر الاستياء بين سكان سيناء، لاسيما البدو الذين طالما شكوا من إهمال الحكومة المركزية.
وقال أسامة شبانة، الطالب بقرية توما إن على السلطات أن تجد سبيلا لحمايتهم، فهم يخشون كلا الطرفين: قوات الأمن والإرهابيين.. وعندما يسمعون إطلاق نار يختبئون فى منازلهم.
وتقول رويترز إن أحد ضباط الجيش الذى استجوب المسلحين استطاع أن يحظى بنظرة ثاقبة على مخاطر الضغط بقوة.. وقال إن أحد المسلحين تذكر كيف أن شقيقه قتل على يد قوات الأمن، وكيف أن زوجة أخيه بكت وطالبته بالانتقام وإلا سيبدو ضعيفا.
وأشار الضابط إلى أن بعض المقاتلين أجانب وقد تلقوا تدريبا فى سوريا، مما يعقد جهود إرساء الاستقرار فى سيناء. ومن الصعوبات الأخرى التى تحدث عنها ضابط شرطة أنه بعد تدمير الأنفاق من قطاع غزة، بنى مسلحو أنصار بيت المقدس نفس الهياكل فى سيناء لإخفاء الأسلحة والمعدات الأخرى.
وخلصت الوكالة فى النهاية إلى القول بأن الرئيس السيسى لا يزال يواجه معركة صعبة من أجل فرض سلطته والحفاظ على الاستقرار فى مصر، إلا أنه بدا عازما على فعل هذا، كما تبين فى اجتماع له مع قوات الأمن قبل بضعة أسابيع. فوفقا لأحد كبار مسئولى الأمن، قال خلال الاجتماع إنه أراد مزيد من التقدم وأنه لا يريد أن يسمع عن أى إرهاب فى سيناء فى غضون ستة أشهر.
الحرب على الإرهاب تتواصل بشمال سيناء.. مقتل 10 تكفيريين وضبط 20 مشتبها بهم وتدمير 40 بؤرة إرهابية.. الطائرات بدون طيار تدك معاقل أنصار بيت المقدس.. وأجهزة أمنية تلاحق حسابات إلكترونية لجذب الشباب
نيويورك تايمز: السيسى يحرز تقدما فى سيناء.. ومهمة الجهاديين فى سيناء أصبحت أكثر صعوبة.. وقيادى بأنصار بيت المقدس يعترف بمقتل ألف عضو واعتقال أكثر من 500 آخرين وانتشار الأمن فى كل مكان
الجمعة، 06 فبراير 2015 03:45 م
السيسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة