صالح المسعودى يكتب: صناعة الانتماء

الجمعة، 13 مارس 2015 10:09 ص
صالح المسعودى يكتب: صناعة الانتماء صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقاش أكثر من رائع ذلك، الذى دار بين مجموعة من أصدقائى (شيبا وشبابا) فقد اتسم هذا الحوار بالرقى الأخلاقى، كما أنه نقى السريرة فلا غل فيه ولا حقد ولا مواءمة سياسية، فالجميع عاشق لهذا الوطن الغالى فبرغم اختلافات الآراء، التى حدثت أمامى إلا أن الجميع كان يتجه بفكره لكل ما هو فى صالح الوطن أولا.

بداية النقاش كان سؤالا من أحد الأصدقاء يقول فيه هل الانتماء أمر فطرى يولد مع الشخص؟ أم أنه من ضمن المكتسبات من خلال البيئة، وهل الانتماء يتم تنميته فى الشخص؟ أم أنه يصعب غرسه فى البعض لسبب أو لآخر، فالجميع متفق على أن لبيئة الشخص دورا هاما جدا فى هذا الأمر، سواء كان فطريا أو مكتسبا
فلا أخفيك سرا عزيزى القارئ المحترم أن سبب النقاش الرئيسى كان سؤالا وجهه أحد الحضور لصديقى، الذى يعمل بجهة ما على الحدود المصرية، حيث يحكى عن تلك الأماكن وكيف لا تلتفت الدولة إلى تنمية الانتماء فى تلك المناطق المترامية الأطراف البعيدة كل البعد عن المدن الشهيرة والأضواء المسلطة عليها، وكيف أن هذا الصديق عاب على البعض بعض التصرفات غير السوية

فيقابله صديق آخر بكل أدب جم فيقول له (من أى مدينة أيها الشاب المحترم)؟ فيرد (من المنصورة) فيقول له الصديق هل تسكن فى بيت شعبى أم فى (عمارة)؟ فيقول بل فى (عمارة) فيرد عليه الصديق إذًا عندك صرف صحى وتليفون أرضى وطريق معبد أمام سكنك وسهولة فى المواصلات وتنتشر المحلات للتسوق السهل السريع، ووسائل الرفاهية، إلى حد ما متوفرة.

كما أنك أيها الصديق بالتأكيد التحقت (بالحضانة) القريبة من منزلك ثم تبعتها بالمدرسة بمراحلها المختلفة فى نفس المدينة، التى تقطن فيها فوجدت المتابعة من القيادات التعليمية، بل وكان بإمكانك أن تلتحق بالدروس الخصوصية التى تقوى بها مستواك العلمى (رغم مخالفتها القانون) فيرد ذاك الصديق بالتأكيد يا صديقى معظم كلامك حقيقة واقعة.

فيقول له الصديق إذًا يا صديقى عليك أن ترد الجميل لهذا الوطن الذى قدم لك كل هذه الامتيازات، عليك أن تفديه بحياتك لأنه من أسباب حياتك وعلمك وصحة بدنك فلم يبخل عليك بشىء وعليك أن تفكر قبل غيرك كيف تغرس الانتماء بدورك فى أهل المكان الذى تعمل فيه فتقدم لهم الخدمة التى يفتقدونها بكل نفس راضية بل وتتفانى فى ذلك متذكرا أفضال هذا الوطن عليك.
فأهل تلك الأماكن التى تتحدث عنها لم يحصلوا على كل ما حصلت عليه من رفاهية فهم لا يعرفون ماذا تعنى ببعض المصطلحات مثل (الصرف الصحى، أو المياه النقية، أو الطرق الممهدة) أما الحضانة وغيرها من المصطلحات فربما مرت عليهم فى نشرات الأخبار، ورغم ذلك يحرسون تلك الثغور، ويفتدون تراب هذا الوطن بدمائهم وأبنائهم فارتباطهم بتراب هذا الوطن أمر فطرى بالنسبة لهم.

ليلتقط طرف الحديث صديق آخر ليقول ما أجمل هذا الحوار الهادئ الراقى!!، ولكن هل نكرر جميعا نفس (السيناريو)، وهو الكلام ثم الكلام نريد أن نتجه للأفعال فالشعب المصرى من أكثر شعوب العالم ارتباطا بأرضه، وذلك بسبب معاناته الطويلة فى الدفاع عنها ليس فى التاريخ القريب فحسب، بل منذ آلاف السنين.

لكن هذا الارتباط وهذا الحب تنقصه العدالة الاجتماعية فهى التى تصنع الانتماء فالمواطن عندما يشعر أن الجميع كأسنان المشط فلا تفرقة (لمحسوبية)، أو لعرق أو لنوع، أو لدين سوف يعطى كل ما عنده حتى لو تغذى على الفتات، فاهتمامنا بالمناطق النائية والفقيرة يجعل المواطن يرتبط أكثر وأكثر بوطنه، الذى يحافظ على كرامته وآدميته، أما إذا أهملنا وصنعنا بأنفسنا الفوارق الاجتماعية فلابد أن نتوقع أمراض الانتماء وليس فقد الانتماء.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة