الرواية إحدى كلاسيكيات الأدب الفارسى والعالمى، وتصلح تماما للقراءة الآن، حيث لا يقين فى هذا العبث الكونى، ولا يبقى أمام الفرد إلا مواجهة الجنون بجنون آخر يختاره أو يجبر عليه، ولا أدل على هذه الفوضى من رواية هدايت «بتشاؤمه الفلسفى العميق.. والذى لم يبلغ كاتب إيرانى آخر معاصر ما بلغه من شهرة على المستوى العالمى» كما يقول المترجم.
فى الطبعة الجديدة، يستعرض المترجم تاريخ وحاضر الأدب الفارسى، وصولا إلى هدايت الذى «حول الأدب الفارسى من أدب توقيعات وقصور وصالونات إلى أدب أمة، ونقله من التصوف إلى الاشتراكية، ومن الشخوص الأسطورية إلى شخوص تأكل الطعام وتمشى فى الأسواق، وتتصارع من أجل إثبات وجودها، ومن الرعاية بالأسلوب والتنميق اللفظى والبديع إلى الحديث السهل النابع من ضمير الشعب»، كما يسجل المترجم الذى قدم أيضا لمحات من حياة هدايت وآثاره وأنشطته الأدبية، واغترابه فى بلده وخارجها، فى الهند وباريس التى انتحر فيها عام 1951، وكيف استقبلت أعماله وفى مقدمتها «البومة العمياء» بعد ترجمتها إلى لغات أجنبية.
فى المقدمة الطويلة يتتبع المترجم فكرة التشاؤم والانتحار كطيف يسيطر على كثير من قصص هدايت، ففى قصته «حى فى مقبرة» يصرخ البطل: «الانتحار عند بعض الأشخاص وجود، فى أصلهم، فى طبيعتهم، إنهم لا يستطيعون الهرب من بين يديه، إنه القدر الذى يحكم». وفى قصة «القلعة الملعونة» يقول البطل: «كلنا فرادى.. لا ينبغى أن نخادع، الحياة سجن، بل سجون مختلفة، ولكن بعضنا يحاول أن ينقش نقوشا على جدران هذا السجن، وبذا يوجد لنفسه نوعا من الألفة معه».
موضوعات متعلقة..
-"المشهد الروائى العربى" ملف مجلة "الهلال" فى عدد مارس 2015
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة