ويعود نشاط صندوق أبوظبى للتنمية فى مصر إلى العام 1974، حين قام بتمويل مشروع مصنع سماد طلخا، وظلّت مصر منذ ذلك الحين ضمن صدارة الدول المستفيدة من قروض الصندوق، تماشياً مع أهداف الصندوق الرامية إلى دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال التركيز على أبرز القطاعات الاقتصادية أهمية لاقتصاد مصر.
من جانبه أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة الإماراتى ورئيس المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر، أن صندوق أبوظبى للتنمية يعد من المؤسسات الوطنية الرائدة، ونحن فخورون بالتعاون معهم فى عدد من المشاريع التى وجهت القيادة الرشيدة بتنفيذها فى جمهورية مصر العربية، والتى تعد ترجمة عملية للروابط الوثيقة والعلاقة التاريخية الممتدة التى تجمع بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات.
وأوضح "الجابر"، أن المشاريع التنموية الإماراتية فى مصر تهدف إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الوقوف إلى جانب الأشقاء فى مصر فى جهودهم الهادفة إلى تطوير القطاعات الأساسية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لتنعكس نتائجها الإيجابية على المواطن المصرى البسيط.
من جانبه قال محمد سيف السويدى، مدير عام صندوق أبوظبى للتنمية، إن العلاقات القوية التى تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية مستندة على إنجازات تراكمت عبر السنين فى مختلف المجالات، إذ تعتبر نموذجاً لعلاقات الدول القائمة على الأخوة والصداقة والاحترام المتبادل، وتأتى مشاريع الصندوق التنموية فى مصر تأكيداً على عمق العلاقات التاريخية، وايماناً منا بأهمية دعم مسيرة التنمية الشاملة المستدامة فى مصر، وانسجاماً مع المسؤولية الملقاة على عاتقنا والمتمثلة فى التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة للمساهمة فى تحسين مستوى معيشة السكان فيها والتخفيف من معانتهم وتوفير الوظائف وفرص العمل الجديدة والاستثمارات، الأمر الذى ينعكس ايجابياً على دورهم ومشاركتهم الملموسة والفعالة فى دفع عجلة التنمية المستدامة".
قطاع الاسكان
انسجاماً مع أهدافه فى تحسين مستويات المعيشة للسكان فى مصر، قام الصندوق بتمويل وإدارة عدد من المشاريع الإسكانية والبنية الأساسية المرتبطة بها، حيث مول الصندوق فى هذا القطاع 3 مشاريع حيوية بقيمة اجمالية بلغت 1.4 مليار درهم، ومن أبرزها مشروع مدينة الشيخ زايد للإسكان الذى تم تنفيذه بمنحة بلغت قيمته 735 مليون درهم، ويعد من أضخم المشاريع الإسكانية على مستوى مصر. وقام الصندوق بتزويد المشروع الواقع على بعد 38 كيلو متر إلى الغرب من وسط القاهرة فى المنطقة الواقعة بين طريق القاهرة – الإسكندرية ومدينة السادس من أكتوبر بالمرافق ومبانى الخدمات العامة بالإضافة إلى تزويدها بالمياه من خلال إنشاء منظومة توريد المياه. كما ويتضمن المشروع أيضاً بناء مستشفى مدينة الشيخ زايد بسعة 200 سرير، تتوفر فيه جميع التخصصات الطبية الحديثة، بما فيها قسم العلاج بالأشعة النووية، إلى جانب تشييد مسجدين ومدرسة ثانوية للبنات وأخرى للبنين ومدرسة ثانوية صناعية وأخرى تجارية و5 مدارس تعليم أساسى ومعهدين أزهريين.
كما قام الصندوق أيضاً بإدارة منحة خصصت لإنشاء مساكن للفلاحين فى منطقة الخطارة تضمنت تشييد 300 وحدة سكنية بالإضافة إلى البنية التحتية المرافقة للمشروع، بما فى ذلك الطرق الداخلية وشبكات المياه والكهرباء ومدرسة ومسجد بقيمة إجمالية وصلت إلى 12 مليون درهم، ويهدف المشروع إلى تنمية المناطق الريفية للحد من نزوح السكان من الأرياف إلى المدن والارتقاء بأداء قطاعات الزراعة، والرعى وتنمية المواشي، إلى جانب توفير حياة كريمة للفلاحين فى منطقة الخطارة.
قطاع الزراعة
وفى قطاع الزراعة قام الصندوق بتمويل وإدارة 5 مشاريع زراعية بلغت قيمتها مايقارب 1.3 مليار درهم، ويعد مشروع استصلاح 55 ألف فدان فى غرب النوبارية والساحل الشمالى الشرقى من أهم المشاريع التى غطتها قروض الصندوق بقيمة إجمالية قدرها 263 مليون درهم، الأمر الذى ساهم فى إعطاء دفعة قوية للقطاع الزراعى فى مصر، خاصة وأنه شمل استصلاح مساحات كبيرة صالحة لزراعة محاصيل عالية القيمة مثل الفواكه والخضروات والحبوب والقطن، فضلاً عن تطبيق برامج لإعادة توطين أعداد كبيرة من المزارعين وأسرهم وتوفير آلاف فرص العمل للعمال الزراعيين.
وتضمن المشروع شراء معدات استصلاح الأراضى ومعدات الرى المتطورة ومستلزمات شبكة الكهرباء والمحولات اللازمة لتشغيل المشروع، بما فى ذلك إنشاء محطات ضخ صغيرة ومد قنوات وأنابيب الرى وتزويد هذه المناطق بالأجهزة الزراعية المتطورة والكابلات وعوازل خطوط الكهرباء الصغيرة بدلاً من المضخات المركزية، إلى جانب قنوات وأنابيب الرى اللازمة لهذا التعديل.
قطاع النقل والتجارة
فى إطار سعى الصندوق نحو تعزيز مكانة قناة السويس كإحدى أبرز محركات النمو الاقتصادى فى مصر وكون محدودية المسطح المائى للقناة يشكل أبرز معوقات نمو حركة الملاحة العالمية خلالها، قام الصندوق بتمويل مشروع تطوير قناة السويس بتقديم قرضين تنمويين فى عامى 1974 و 1977 بقيمة إجمالية بلغت 205 ملايين درهم، ويهدف المشروع إلى تطوير قناة السويس وتوسعتها لتعزيز حركة الملاحة العالمية، من خلال زيادة مساحة المسطح المائى وتحديث وتطوير معدات الاتصال والرقابة مما يسمح بتمرير السفن ذات الغاطس 1,16 متر.
أتاح المشروع تمكين القناة من استيعاب الجيل الجديد من سفن الشحن الضخمة، وكذلك ناقلات النفط والغاز الضخمة، الأمر الذى سهل عبور الشحنات التجارية والنفطية بين الدول المنتجة والمستهلكة، وعزز بشكل ملموس من دخل القناة.
وتضمن المشروع الأعمال المدنية المصاحبة لأعمال توسعة القناة من حفر وردم وغيرها بالإضافة إلى أعمال حماية الضفة وبناء حواجز الأمواج فى أقصى الجزء الشمالى للقناة فى منطقة بور فؤاد، إلى جانب تجهيز وحدة مراقبة الملاحة بأحدث أجهزة الملاحة ومنشآت الرادار وأجهزة مراقبة السفن وتوجيهها وبعض القاطرات.
قطاع الطاقة
وحظيت مشاريع الكهرباء والطاقة باهتمام بالغ من قبل صندوق أبوظبى للتنمية منذ تأسيسه فى مختلف الدول النامية، بما فيها جمهورية مصر العربية، نظراً لأهمية القطاع فى تحفيز النمو الاقتصادى والاجتماعى باعتباره الشريان الحيوى لكافة الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية.
وبهذا الصدد قام الصندوق بتقديم قرضين تنمويين بلغت قيمتهما الاجمالية 312 مليون درهم، حيث خصص 128 مليون درهم لتمويل مشروع كهرباء أبو قير الذى يهدف إلى تأمين الإمدادات الكهربائية للمصانع القائمة فى المنطقة الصناعية فى الإسكندرية وأبو قير، وتوفير متطلبات المنشآت الصناعية الجديدة التى تتم إقامتها، بما يساهم فى دعم نمو القطاع الصناعى ومسيرة التنمية فى البلاد.
وتضمن المشروع إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بالطريقة البخارية تتكون من مولدين بخاريين «توربين» تبلغ سعتهما 30 ميغاوات بالإضافة إلى وحدتين لتوليد البخار باستخدام الغاز الطبيعى المنتج من حقل أبى ماضى فى شمال الدلتا إلى جانب تزويد المحطة بكافة الخدمات اللازمة.
كما تضمنت مشاريع دعم قطاع الطاقة إنشاء محطة كهرباء بنها بمحافظة القيلوبية بقيمة وصلت إلى 184 مليون درهم، حيث يهدف المشروع إلى الإسهام فى تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، والزيادة المتوقعة فى الأحمال ضمن منطقة وسط الدلتا، وذلك من خلال إنشاء محطة توليد بقدرة تبلغ نحو 750 ميغاوات، وتعمل بنظام الدورة المركبة، مع ربطها بالشبكة الكهربائية فى البلاد على التوتر 220 كيلو فولت.
ويتكون المشروع من توربينين غازيين وتوربين بخارى بطاقة 250 ميجاوات لكل منها غلايتى استعادة حرارة، ثلاثة مولدات كهربائية، وثلاثة محولات قدرة رئيسية، ومكثف، وساحة قواطع على التوتر 220 كيلو فولت، لربط وحدات التوليد المشمولة بالمشروع بالشبكة، كما يشمل المشروع كافة الأعمال المدنية والميكانيكية والكهربائية اللازمة لاستكماله، بالإضافة إلى الخدمات الاستشارية والتأمين.
قطاع الصناعة
ويحرص الصندوق على تقديم كافة أشكال الدعم التى من شأنها دعم وتطوير القطاع الصناعى فى جمهورية مصر العربية، حيث قام الصندوق بتمويل مشروع مصنع سماد طلخا بقيمة إجمالية بلغت 58 مليون درهم، إذ يتكون المصنع من وحدة نشادر، وحدة يوريا ووحدات مختلفة للخدمات، بهدف إنتاج السماد الهيدروجينى (اليوريا) بطاقة إجمالية تبلغ 249 ألف طن سنوياً، بما يساهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأسمدة النيتروجينية، ويتمتع المصنع بموقع مثالى بالقرب من حقل أبو ماضى الواقع شمال الدلتا، نظراً لأنه يعتمد على إمدادات الغاز الطبيعى كمادة أساسية لإنتاج اليوريا.
قطاع السياحة
ويمثل قطاع السياحة أحد أهم محركات التنمية الاقتصادية فى البلاد، من خلال توفيره لأحد أكبر مصادر الدخل بالعملات الصعبة وفرص عمل لمئات الآلاف من السكان، واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وفى هذا الإطار قام الصندوق بتقديم قرض ميسر بقيمة بلغت 17 مليون درهم لتمويل عملية ترميم وإعادة تأهيل فندق عمر الخيام (ماريوت الزمالك حالياً)، فى خطوة انعكست إيجاباً على نمو وتطور القطاع السياحى فى البلاد، خاصة أن تطوير القطاع الفندقى شكل أحد أبرز الأولويات لتعزيز مكانة مصر ضمن أكثر الوجهات السياحية شعبية فى العالم، حيث شمل المشروع تحديث كافة غرف الفندق الـ 700 والقاعات الداخلية والخارجية وصالات المؤتمرات وقاعات الأنشطة الترفيهية، إلى جانب ترميم وتجميل الطرق الخارجية وحديقة الفندق.
قطاع التنمية الاجتماعية
تجلت مساهمات الصندوق فى قطاع التنمية الاجتماعية فى مصر بإنشاء مؤسسة الصندوق الاجتماعى للتنمية، والذى يهدف إلى تقديم قروض فرعية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة مما يساعد فى توفير فرص عمل جديدة فى المجالات الإنتاجية للآلاف من الشباب المصرى وخريجى الجامعات، وكذلك العاطلين عن العمل أو ممن يفقدون وظائفهم نتيجة البدء فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل.
وقام صندوق أبوظبى للتنمية بتمويل الصندوق الاجتماعى للتنمية خلال مرحلتين، كانت الأولى فى عام 1991 عندما قدم قرضا ميسراً بقيمة 184 مليون درهم، والثانية فى عام 1997 عندما قدم قرضاً بقيمة ما يقارب 37 مليون درهم، الأمر الذى ساعد الصندوق الاجتماعى للتنمية على تعزيز دوره فى تقديم تمويلات إلى أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.