كثير من أسهم الانتقاد وجهت للجنة الخمسين، برئاسة عمرو موسى، المسئولة عن وضع دستور 2014، بأنهًا سبب رئيسى فى المأزق السياسى الحالى، وذلك نتيجة العوار الذى واجه الدستور بعد صدوره.
"اليوم السابع" يرصد مواقف مشابهة فى التاريخ المصرى الحديث، الذى شهد ما يقرب من 8 دساتير كاملة يتخللها مشاريع دساتير وإعلانات دستورية.
"دستور 1882".. البداية الدستورية
بدأت مصر حياتها الدستورية مبكرًا وبالتحديد فى 7 فبراير سنة 1882، أصدر الخديو توفيق دستور 1882 ليحل محل دستور سنة 1879.
"دستور 1923" وضعته لجنة الثلاثين.. وأطلق الوفد عليها «لجنة الأشقياء»
ترأس اللجنة وضع دستور 1923 حسين رشدى باشا، رئيس اللجنة، وامتنع عن الانضمام ليها الوفد والحزب الوطنى، وكانت مهامها وضع مشروع الدستور وقانون الانتخابات، وبدأت عملها من 15 مارس وحتى 21 أكتوبر.
شهد دستور 1923 غياب تام لتمثيل المرأة والشباب والعمال والفلاحين، حيث ضم فئات من الباشوات والبكوات وخلى من حقوق العمال والفلاحين، وتعامل النص بصفة المواطن "ذكر"، غافلا حقوق المرأة.
فى خطاب موجه من الملك فؤاد إلى رئيس مجلس الوزراء فى أبريل عام 1923 يقول "اطلعنا على مشروع الدستور الذى عنيتم بتحضيره ورفعتموه إلينا وإنا لشاكرون لكم ولزملائكم ما بذلتم من الهمة فى وضعه وما توخيتم فيه من مصلحة الأمة وفائدتها"
يضيف الملك فؤاد فى كلمته لرئيس الوزراء، "بما أنه وقع لدينا موقع القبول فقد اقتضت إرادتنا إصدار أمرنا به راجين أن يكون فاتحة خير لتقدم الأمة وارتقائها وعنوانا دائما لمجدها وعظمتها".
تم وضع الدستور الجديد فى 19 أبريل عام 1923 ليحل محل القانون النظامى نمرة 29 لسنة 1913، ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضوا ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية.
وضع الدستور لجنة الثلاثين مشكلة من رجال القضاء والقانون والسياسيين البارزين ومعظمهم شكلوا بعد ذلك حزب الأحرار الدستوريين، وأطلق عليها حزب الوفد حينها، لجنة الأشقياء، وتميز دستور 1923 بأنه كان دستورا قائما على النظام الملكى الدستورى.
دستور 1930.. السلطات يتوسع فى صلاحياته
شهد الصراع بين الملك وحزب الوفد منحىً خطيرًا، جعله يقر عمل دستور يغلب فيه سلطة الملك على سلطة النواب، فى 1930 والذى ظل يواجه معارضات شديدة فى الشارع السياسى، حتى تم إلغاؤه فى 1936، بعد انتفاضة 1935 وعاد العمل بدستور 1923.
تولى مهمة وضع الدستور إسماعيل صدقى باشا، وقام بهذه المهمة بناء على أمر ملكى، وصدر برقم 70 لسنة 30 بتاريخ 21 أكتوبر لسنة 30 ووقف العمل بدستور 23.
ثورة 23 يوليو 1952.. مشروع "دستور 1954" لم ير النور
بعد ثورة 1923 تشكلت لجنة من خمسين عضوا، استهدفت ترقيع دستور 1923، ووضعت مشروع للدستور تميز بنقطتين أساسيتين، أولهما سد الفراغ فى سلطات الملك، والثانى كان متأثرا بالإعلان العالمى فى حقوق الإنسان الصادر 1948.
ترأس اللجنة على باشا ماهر، وضمت ممثلى الأحزاب الوفد والأحرار الدستوريين وممثلين عن الإخوان ورجال القضاء والقانون وبدأت عملها فى 16 يناير 53 واستمرت حتى 15 أغسطس 1954، وعرض على مجلس قيادة الثورة ورأى أنه لايصلح لظروف البلد حينئذ.
ضمت اللجنة شخصيات عامة منها الروائى طه حسين والمحامى الشهير عبد الرازق السنهورى.
"دستور 1956".. الموقوف بأمر الوحدة العربية
لم يلق مشروع الدستور ترحيبًا من مجلس قيادة الثورة، حيث رأى المجلس أن الدستور ديمقراطى بما لا ينبغى فى ظل الثورة وأن البلد يحتاج إدارة تنفيذية قوية، فقام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بتشكيل لجنة غير معلنة منها المرحوم محمد سيد يوسف المستشار القانونى له وزوج شقيقة حرم الرئيس عبد الناصر.
اعتمد دستور 1954 على الإعلام من الجمهورية الرئاسية، وتمييز الرئيس بسلطات واسعة واللجوء لنظام الحزب الواحد، وتم إعلانه وجرى الاستفتاء عليه وإقراره واستمر العمل به سنة واحدة، جرى بعدها الانتخابات الرئاسية وتم تعطيله.
عرض على الاستفتاء فى 16 يناير 1956 وتم إقراره.
1958 دستور الوحدة العربية بين مصر وسوريا
تم العمل بدستور 1958 للوحدة بعد قيامها بين مصر وسوريا واستمر العمل حتى 61 بعد فشل الوحدة العربية، وتم تعطيله مرة أخرى.
"دستور1964".. المؤقت
فى مارس 64 أصدر الرئيس جمال عبد الناصر دستورا مؤقتا، كتبه مجموعة من اللجان غير المعروفة، وظل العمل به حتى تولى الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
"دستور 1971".. المعطل بأمر ثورة 25 يناير
حل الرئيس أنور السادات مجلس النواب بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية، وعطل الدستور، وانتخبت لجنة وضعت دستور 71، وطرحه للاستفتاء فى سبتمبر 71.
وفى 11 سبتمبر 1971 تم إعلان دستور مصر الدائم لجمهورية مصر العربية، وأجريت عليه تعديلات فى 81 19.
بعد قيام ثورة 25 يناير تم تعطيل الدستور وأجرى إعلان دستورى فى 19 مارس عبر تعديلات صدرت فى شكل إعلان دستورى من القوات المسلحة_ حينذاك_ بقيادة المستشار طارق البشرى، وضمت فى عضويتها صبحى صالح، القيادى الإخوانى المحبوس حاليا على ذمة قضايا.
تم العمل بالدستور وعلى أساسه أجريت الانتخابات الرئاسية وصدر الإعلان الدستورى قبل فوز الرئيس السابق محمد مرسى.
شارك فيه المستشاران إبراهيم درويش، وثروت بدوى، وسيد مرعى، رئيس مجلس الشعب وقتها.
شخصيات وراء الدساتير المصرية
الدكتور جمال العطيفى.. رئيس لجنة وضع دستور 1971
شغل الدكتور جمال العطيفى، منصب وكيل نيابة الصحافة عام 1944، وعمل مستشارًا قانونيًا للرقابة على النشر عام 1949، وعين رئيسًا للجنة التشريعية عام 1972، حيث قام العطيفى بوضع مشروع قانون دستور سنة 1971.
الدكتور أحمد فتحى سرور.. صاحب تعديلات 2005 المثيرة للجدل
شغل الدكتور أحمد فتحى سرور، منصب رئيس مجلس الشعب لعدة دورات متتالية، وأسهم فى تشريع العديد من القوانين، وتعديلات فى الدستور كان أخطرها المتعلق بالمادة 76، التى وصفها الخبراء الدستوريون بالكارثية والأطول فى تاريخ الدساتير العالمية.
لجنة "الغريانى" سبب حل برلمان الإخوان
وفقا للتعديلات الدستورية، التى جرت بعد ثورة 25 يناير فى مصر فقد قام أعضاء مجلسى الشعب والشورى باختيار أعضاء الجمعية الوطنية لوضع مقترح الدستور الجديد فى 2012 م، وقام أعضاء الجمعية بانتخاب الغريانى رئيسا للجمعية.
شغل المستشار حسام الغريانى، منصب رئيس لمحكمة النقض ورئيس المجلس القضاء الأعلى، قبل أن تفرض الطعون كلمتها ضد لجنة الخمسين، وتم حل مجلس النواب وحلها بعد ذلك.
دستور 2014.. لجنة الخمسين ورئيسها عمرو موسى
أكد خبراء قانونيون، أن البرلمان المقبل ينتظر أعباءً تشريعية كبيرة، وفقا لما كلفه به الدستور، متضمنة النظر فى مئات القوانين والتشريعات وإقرار قوانين بعينها فى الدور الأول لانعقاده، مشيرين إلى أن عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، ارتكب أخطاء كبيرة تسببت فى وضع قيود أمام مجلس النواب والحكومة، منها تقليص سلطات الرئيس لصالح البرلمان، وإنتاج أطول دستور فى العالم.
وزير العدالة الانتقالية: نضع تصورات تقسيم الدوائر أمام الحكومة
قال المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، ورئيس اللجنة المكلفة بتعديل قوانين الانتخابات، إن اللجنة ناقشت خلال اجتماعها الأخير، تصورين لتقسيم الدوائر الانتخابية للمقاعد الفردية، وتراوحت نسبة الانحراف بين الدوائر 20-30%، لافتًا إلى أن اللجنة تسعى حاليًا لتقليل نسبة الانحراف بأقصى قدر ممكن، وذلك من خلال إصلاح التصورين الحاليين عبر زيادة عدد المقاعد أو توسيع الدوائر، أو من خلال وضع تصورات أخرى.
وتابع المستشار إبراهيم الهنيدى جميع مقترحات القوى السياسية، التى وصلت لما يقرب من 120 مقترحًا يجرى دراستها بشكل كامل، والأخذ بها.
صلاح عيسى: مشروع دستور 1954 الأفضل فى تاريخ مصر
يقول الكاتب الصحفى صلاح عيسى مؤلف كتاب "دستور فى صندوق القمامة"، إن أفضل دستور هو مشروع دستور 54 لأنه انطلق من منزع ليبرالى خالص وسعى لاعتماد دولة اجتماعية حقيقية وفيه ضمانات كثيرة.
وأوضح عيسى فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أنه بمراجعة الواقع السياسى كان يجب ادخال تعديلات متدرجة على الدستور، وذلك لأن دستور 71 شبه رئاسى، ودستور 2014 شبه برلمانى، مشيرًا إلى أن الحياة السياسية تحتاج لسنوات لعمل دستور برلمانى قائم يعتمد على قوة الأحزاب.
فقيه دستورى: البرلمان عقد فى فندق "كونتينتال" 1925 بعد غلق الملك المجلس بالسلاسل
يقول الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى، إن الانتخابات عام 1925 انتهت بفوز سعد زغلول وحزب الوفد وعقد جلستين فى مقر البرلمان، وفى 7 يونيو 1925 أعطى الملك أمر بعدم انعقاد البرلمان ووضع سلاسل عليه، وفشل الاعضاء فى دخوله.
لجأ الأعضاء لعقد إجتماعين فى فندق "كونتيتنال" فى ميدان الأوبرا، قبل أن ترفض قوات الأمن استكمال جلساتهم، ولجأ الأعضاء فى 29 فبراير 1926 لعقد مؤتمر كبير بحديقة منزل محمد محمود باشا فى شارع الفلكى.
الإسلامبولى: عمرو موسى صنع أمورًا غير مألوفة فى الدساتير
وأشار عصام الإسلامبولى فى تصريحات لليوم السابع، إلى أن عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، ارتكب أخطاء كبيرة تسببت فى وضع قيود أمام مجلس النواب والحكومة، منها تقليص سلطات الرئيس لصالح البرلمان، وإنتاج أطول دستور فى العالم.
وأضاف الإسلامبولى، إن عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، صنع أمورا غير مألوفة فى الدساتير، بعدما جعل سلطات الرئيس بروتوكولية، ستواجه كوارث دستورية.
موضوعات متعلقة
-وزير العدالة الانتقالية: ناقشنا تصورين لتقسيم الدوائر بقانون الانتخابات