من الأسباب الرئيسية التى تقف حائلا دون تقدم التعليم فى مصر هو استخدام طرق التدريس التقليدية فى تقديم الدروس للطلاب، فالمعلم لديه محتوى معين من المعلومات يريد أن يوصلها إلى مجموعة الطلاب الموجودين أمامه فى الفصل، ولكى يقوم بتوصيل هذه المعلومات يحتاج إلى إنصات وتركيز الطلاب، ولكى يحقق ذلك لديه طريقتين إما أن يرهب الطلاب باستخدام العقاب البدنى أو النفسى أو يستخدم فن من فنون الإدارة الصفية وهذا يحتاج إلى وقت وصبر وضبط نفس من المعلم حتى يعرف كيف يقود طلابه إلى الهدوء والإنصات، ولكن المشكلة أن تحقيق الصمت والإنصات يكون غاية المعلم فى أغلب وقت الحصة لكى يرتاح من صداع ودوشة الأولاد، وبالتدريج أصبح الطالب دائما هو المستمع والمتلقى للمعلومة أما المعلم فهو غالبا المصدر الرئيسى والوحيد للمعلومات وهو المسئول عن زرع الأفكار والاتجاهات فى عقول الطلاب، وهذا تقريبا هو سبب معظم ما نعانيه من مشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية وتعليمية، فالطالب السلبى الذى يتلقى المعلومة دون مناقشة أو اعتراض هو نفسه الخريج السلبى الذى يجلس فى البيت ينتظر التوظيف وهو نفسه المواطن السلبى الذى لا يذهب إلى صندوق الانتخابات وهو نفس الشخص السلبى الذى يرى الفساد ولا يعترض عليه ويؤثر الصمت الذى يوفر له الأمان والسلام.. كيف نتحدث عن سلبية المواطن ونحن نصنع هذه السلبية فى مناهجنا ونؤكد عليها فى طرق تدريسنا؟
إن العالم المتقدم من حولنا فطن إلى هذه المشكلة منذ بدايات القرن التاسع عشر، حيث عرض جون ديوى عام 1897م لأول مرة فكرة التعلم عن طريق الممارسة والعمل بدلا من التعلم التقليدى الذى يؤسس للسلبية فى عقل المواطن الأمريكى، ثم تطورت أفكار جون ديوى إلى ما يسمى بطريقة التعلم عن طريق المشروعات، حيث يقوم الطلاب بالمشاركة فى تنفيذ مشروع تطبيقى لما تعلموه نظريا وبهذا يكون دور الطالب إيجابى فى تنفيذ وتطبيق واختبار ما تعلمه، وهذه الطريقة كانت سببا من أسباب نهضة اليابان وتحولها من دولة محطمة بعد الحرب العالمية الثانية إلى دولة صناعية ناهضة كبرى ولك أن تعلم عزيزى القارئ أن العديد من المنتجات التى تصلنا من اليابان والصين وكوريا الجنوبية إنما هى تطوير لأفكار التلاميذ فى المدارس الابتدائية .فالتعلم الحديث يعتمد على فكرة التعلم النشط وهى طرق واستراتيجيات التدريس التى تجعل الطالب عنصرا فاعلا ومشاركا أساسيا داخل العملية التعليمية، فالطالب يتعلم من خلال التعاون مع زملائه فى مجموعات تعاونية ويكون لكل مجموعة قائد يوجه ويوزع المهام على بقية المجموعات وكل فرد فى المجموعة مسئول عن تعليم بقية الأفراد وكذلك طريقة المناقشة وطريقة الفصل المعكوس حيث يستخدم المعلم التقنية فى تسجيل محتوى الدرس على شكل فيديو تعليمى ويدرس الطلاب الدرس فى منازلهم ويستخدمون الشبكة فى الحصول على معلومات أكثر ويكتبون مجموعة من الأسئلة وفى اليوم التالى يذهبون للمناقشة وطرح الأسئلة على المعلم وحل الواجبات داخل الفصل وهناك أيضا الطريقة العلمية التى تعتمد على غرس مفاهيم البحث والاستنباط فى عقول الطلاب يكون دور المعلم هنا هو مجرد مدير للحصة أما دور الطالب فيصبح هو الدور الرئيسى فى البحث عن المعلومات من مصادرها سواء حددها المعلم أو لم يحددها، بهذه الطرق الحديثة وغيرها صنع الغرب حضارته ولن نتمكن من صنع حضارة تمثلنا إلا إذا اهتممنا بتطوير المعلم وطرق التدريس وهذا يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم، لذلك فأنا أنادى بأن يكون لدينا مدرب لاستراتيجيات التدريس فى كل مدرسة من مدارسنا سواء فى القرى أو فى المدن ويكون مسئولا عن تدريب المعلمين ومتابعة طريقتهم فى التدريس الفعلى داخل الفصول، ويتم عمل مسابقات بين المدارس فى تطبيق استراتيجيات التدريس الحديثة، بهذا نستطيع أن ننهض ونبنى مجد مصرنا الحبيبة من جديد .
محمد محمد السعيد عيسى يكتب: المشروع الحضارى لتطوير استراتيجيات التدريس
الإثنين، 02 مارس 2015 08:02 م
مدرسة - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة