وتعتبر عملية زراعة القوقعة طوق النجاة لأطفال كثيرين ممن يعيشون هذه المعاناة، فتسهم فى نقلهم من فئة طفل معاق إعاقة سمعية إلى طفل طبيعى وشخص يستطيع ممارسة الحياة وأنشطتتها بسهولة ويسر، وهو ما يجعلها تساهم فى تخفيف العبء عن الدولة والمجتمع تكاليف إعاقة شخص.
تم إجراء أول عملية زراعة قوقعة بمصر عام 1971، وأجراها دكتور عبد الجليل فخر عميد معهد السمع والكلام الأسبق، وتوفقت بعد ذلك التوقيت ليعود أجراؤها مرة أخرى بالمعهد بعد قرار الدولة بتحمل نفقات إجراء زراعة القوقعة من خلال الهيئة العامة للتأمين الصحى بالمشاركة فى تكاليف العملية بملبغ 90000، والتى توفر على الدولة مستقبلا تكاليف إعانة من الدولة للمعاق سمعيا.
ويقوم معهد السمع والكلام بإجراء عملية زراعة القوقعة من خلال فريق طبى كبير تلقى تدريبات على أعلى مستوى من الخبرة خارج مصر حيث قام بإجراء زراعة قوقعة لـ39 طفلا فى غضون 9 أشهر.
قام "اليوم السابع" اليوم بزيارة المعهد القومى للسمع والكلام بإمبابة، لنتعرف عن قرب على كيفية زرع حياة جديدة لأطفال فقدوا إحدى الحواس، حيث يسمعون ويعيشون الحياة بشكل جديد.
إبراهيم يبدأ حياة جديدة
"مش قادرة أصدق أن ابنى رجع يسمع تانى.. كنت بزعل وبتعب نفسيا كل ما أشوف حد من العيال بيتكلم أدامى وهوه عاجز عن السمع والكلام كنت فاقدة الأمل أنه يتكلم أو أحقق الحلم بأنه يعمل عملية زراعة القوعة ترجع له الأمل".. بهذه الكلمات بدأت زينب السيد كامل والدة الطفل إبراهيم بدر ذو الثلاث سنوات حديثها مع "اليوم السابع"، أثناء تلقيه جلسة تخاطب بالمعهد القومى لسمع والكلام.
قالت الأم: "إبراهيم ابنى مولود وحالته الصحية جيدة ولم يعان من أى أعياء إلا وهو عنده 6 أشهر تعرض لنزلة معوية وارتفعت درجة حرارته وذهبت إلى أحد الأطباء بجوار سكنى بمنطقة شبرا الخيمة، ووصف له علاج بعد ما أخده بحوالى ساعتين لاحظت تغيير وتدهور شديد ووشه أصفر، ذهبت به إلى أقرب مستشفى وعملوا له إسعافات أولية ونقله لمستشفى الدمرداش وحطوه تحت الملاحظة".
وتضيف، أنه عند استفسار الزوج الذى يعمل على "عربية كبدة" عن حالة إبراهيم قال له الطبيب، "أحمد ربنا ابنك كان بيموت نتيجة تناوله دواء خطأ".
وتتابع: "خرجت من المستشفى وحالته الصحية جيدة وبعد مرور عام ونصف لاحظت عدم انتباهه للأشياء يزداد وسماعه للأصوات قل عن الأول وعدم قدرة على نطق الكلام ويصرخ بصوت عالى".
نصحونى الجيران بالتوجه لمعهد السمع والكلام وهنا أجروا له فحوصات طبية وجاءت نتائج قياس سمع بالكمبيوتر ضعيفة جدا وعمل سماعة أذن خارجية لمدة 6 أشهر مع إجراء جلسات تخاطب أثبتت أن حالته لم تتحسن ويحتاج لزراعة قوقعة.
ونصحنى دكتور إيهاب المشرف والمتابع لحالة إبراهيم الصحية بالتوجه لمستشفى النيل للتأمين الصحى لعمل إجراءات زراعة القوقعة على نفقة التأمين الصحى والذين طالبوا عمل بعض التقارير الطيبة والفحوصات.
وأخيرا تكفل التأمين الصحى بمبلغ 90 ألف جنيه بعد عام من الإجراءات وتحضير الأوراق المطلوبة وجهنى للجمعيات الخيرية لجمع المبلغ المتبقى من نقابة الأطباء وبنك فيصل وجمعية مصر الخير وكان ناقص من المبلغ 5 آلاف جنيه".
"عاوزه أشكر ربنا ثم أطباء المعهد والدور الذى قام به دكتور إيهاب الذى تعهد لموظف التأمين وإمضائى على إقرار بدفع 5000 آلاف جنيه المبلغ المتبقى من تكاليف العملية "تم إجراء زرع قوعة لابنى فى 22 \8\2014 وارتداء الجهاز الخارجى للقوعة 17\9\2014 وهو الآن يتلقى المتابعة الصحية ليكون إبراهيم ضمن قائمة الحالات التى قام بالإشراف على إجرائها الخبير الأجنبى بمصر.
ما هى عملية زراعة القوقعة؟
تحدثنا مع الدكتور عمرو جلال يونس نائب عميد معهد السمع والكلام واستشارى جراحة الأنف والأذن حول عملية زراعة القوقعة فأوضح: "زراعة القوقعة هى عبارة عن زرع جهاز إلكترونى دقيق يطلق عليه "قوقعة" ويتم تركيبه فى الأذن الداخلية، ليتم توصيلة بجهاز خلف الأذن الخارجية وظيفته مساعدة الشخص على السمع".
ويستكمل قائلا "زراعة القوقعة الغرض منها إعادة السمع للأشخاص الذين يعانون من الصمم منذ ولادتهم أو الذين تعرضوا لفقدان السمع نتيجة ظروف أخرى، وذلك بعد استنفاذ كل محاولات إعادة حاسة السمع بصورة طبيعية وعدم الاستجابة للسماعة الصناعية.
وقال د. فادى سمير لوقا استشارى جرحة الأنف والأذن والحنجرة بالمعهد القومى للسمع والكلام: "يتم إجراء عملية زراعة القوقعة من خلال فتح النتوء الحلمى بالجزء العظمى خلف الأذن لتركيب دعائم خاصة بالقوقعة الصناعية داخل القوقعة الطبيعية، ليتم توصيلها بسماعة مغناطسية خارج الأذن من خلال عملية يستغرق إجراؤها ساعتين ونصف".
ما اأاسباب المرضية التى تؤدى لفقدان الأشخاص حاسة السمع؟
وعن أسباب فقدان حاسة السمع يقول د. عمرو: "فقدان حاسة السمع سواء للكبار أو الأطفال يحدث نتيجة أسباب مرضية عديدة أهمها":
1) مشاكل تتعلق بالعصب السمعى.
2)أسباب وعوامل وراثية.
3)ارتفاع درجة الحرارة.
4) نتيجة الالتهابات الفيروسية مثل التهاب الغدد النكافية أو التهاب السحائى أو الحمى الشوكية للأطفال تؤدى.
5)وفى بعض الأحيان يؤدى تعرض الأشخاص لبعض الحوادث لفقدان حاسة السمع.
كيف تكتشف الأم إعاقة الطفل؟
فحص الأمهات للمولود وملاحظته من الأمور الهامة والضرورية للاطمئنان على حواسه وخاصة حاسة السمع ويشير د. فادى، قائلا "يجب على الأم مراقبة طفلها والتأكد من أنه يقوم بالالتفاف ناحية الأصوات المحيطة حولة للتأكد من أنه لا يعانى من إعاقة بالسمع".
وأضاف د. فادى قائلا "هناك بعض الخطوات التى يمكن أن تقوم بها الأمهات للتأكد من وجود حاسة السمع لطفلها من خلال تشغيل جرس صغير مع مراعاة عدم اقترابه من أذن الطفل وتحريكه من ناحية اليمين واليسار وملاحظة التفاف الطفل لسماع الجرس.
وإذا لاحظت عدم اتنباه فى هذه الحالة يجب التوجه إلى الطبيب المختص أو الذهاب إلى وحدة الكشف المبكر لضعاف السمع لعمل الفحوصات الطبية والاختبارات السمعية للكشف على سلامة أذن الطفل".
ويضيف تم إجراء أول عملية زراعة قوقعة بمعهد السمع والكلام فترة السبعينيات إلى أن توقفت منذ ذلك الوقت.
وعاد إجراؤها مرة أخرى بعد قرار الهيئة العامة للتأمين الصحى بالمشاركة بتكاليف الجزء الأكبر من العملية بمبلغ قدره 90000 ألف جنيه على أن يتم دفع المبلغ المتبقى من تبرعات الجمعيات الأهلية الخيرية.
ذلك مع العلم بعدم تقاضى الأطباء الذين يقومون بإجرائها القوقعة أجرا عن العملية.
دور معهد السمع والكلام فى إجراء زراعة القوقعة
قامت إدارة المعهد بتوفير دورات تدريبية خارج مصر لتدريب فريق من أطباء المعهد من أجل خلق جيل من شباب الأطباء المتميزين فى مجال علاج الأذن وزراعة القوقعة لينعكس ذلك على الرعاية والعناية التى يحصل عليها المريض.
وأشار د. محمد حسنى عميد معهد السمع والكلام واستشارى جراحة الأنف والأذن والحنجرة قائلا "استطاع فريق الأطباء إجراء 39 عملية زراعة قوقعة خلال فترة 9 شهور عقب بدء تكوين فريق الطبى لمعهد السمع والكلام، وقرار الهئية العامة لتأمين الصحى بالمشاركة والإسهام فى تحمل جزء كبير من نفقات زراعة القوقعة".
وأضاف د. حسنى، قائلا "يوجد بالمعهد وحدة متخصصة لزراعة القوقعة والتى تتولى تقيم الأطفال المرشحين لزراعة القوقعة حسب الآتى:
1)التقيم السمعى من حيث تقييم الحالة وحاجتها للجراحة.
2)التقييم الاجتماعى للآباء والأمهات من خلال التدريب والتوعية بكيفية التعايش والتعامل مع استخدام جهاز القوقعة، نظرا لأن العملية لا تنتهى بعد إجرائها بل تعتبر العملية البداية ليأتى دور المتابعة كجزء هام من فى نجاح الجراحة.
ما أهمية المتابعة لزراعة القوقعة؟
وأضاف د. حسنى قائلا "الجانب الأكبر من نجاح العملية متوقف على المتابعة المستمرة بالوحدات التالية:
1) وحدة السمعيات بالمعهد من أجل برمجة السماعة والقوقعة بصفة مستمرة.
2) وحدة التخاطب لتدريب الأطفال المستمر على الكلام والذى ينفرد المعهد بكونه المكان الوحيد الذى يتوفر فيه وحدات الأنف والأذن والسمعيات والتخاطب فى مكان واحد لتسهيل المتابعة على المريض عقب العملية.
وأشار د. حسنى، إلى أن علاقة الطفل بالمعهد لا تنتهى عند إجراء عملية القوقعة فقط بل يتم فتح ملف متابعة للطفل كل أسبوع فى البداية وإلى أن تتحول شهريا وتمتد مدى حياة.
وتابع د. حسنى، هناك بعض العمليات الجرحية التى تضر بالطفل الذى أجريت له عملية زرع قوقعة مثل العمليات التى تحتاج إلى كى فى الأوعية الدموية بمنطقة الرأس والرقبة.
تدريب الأطفال على التخاطب والكلام بالمعهد
ومن جانبها قالت الدكتور عزة سامى رئيس قسم التخاطب بمعهد السمع والكلام: يقوم أطباء أمراض التخاطب بالجلوس مع الأهل لتعريفهم بأن زراعة القوقعة ليست فقط مجرد تركيب جهاز وأن هناك مرحلة لاحقة عبارة عن تدريب وتأهيل حتى يستطيع اكتساب اللغة والكلام.
وأشارت د. عزة قائلة: "من المهم زيارة الطفل للمعهد كل أسبوع لمدة لا تقل عن عامين والتواصل معه لتدريبه على ترجمة الإشارات السمعية المستقبلة بواسطة القوقعة وهو أمر بالغ الأهمية نظرا لأن سماع الطفل للأصوات شىء جديد غير معتاد على سماعه من قبل كذلك أيضا مرحلة إكساب الطفل اللغة".
وحذرت د. عزة، قائلة "إهمال المتابعة وعدم حصول الأطفال على جلسات التخاطب من الأمور التى توثر على نجاح العملية، حيث يتم خلالها تدريب الطفل وتأهيلة على الآتى":
1) وجود صوت واستقباله لسماع الأصوات.
2) التمييز السمعى.
3) اتجاه الصوت.
4) تعليم الطفل لغة التعبير بدرجات "الكلام" مع أقرانه وذلك خلال مدة لا تقل عن عامين.