الدكتور خالد فهمى وزير البيئة المصرى فى مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة
جاء عرض التقرير خلال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة، بعنوان "فجوة التكيف بأفريقيا"، والمبنى على تقرير اليونيب لعام 2014 بعنوان "فجوة الانبعاثات"، وأظهر أن العالم حاليا لا يتجه فى الاتجاه الصحيح لإبقاء الاحترار أقل من درجتين مئويتين، والتقرير الأخير مبنى كذلك على تقرير اليونيب لعام 2014 بعنوان "فجوة التكيف العالمى"، والذى كشف أن تكلفة التكيف فى الدول النامية مجتمعة يمكن أن تقفز لتصل إلى 250 حتى 500 مليار دولار سنويا بحلول عام 2050.
وأوضح التقرير المعد بالتعاون مع جمعية تحليلات المناخ والمحور الأفريقى لتمويل المناخ، أن الخفض الكبير للانبعاثات العالمية هو أفضل الطرق لتجنب تكاليف التكيف المعوقة لأفريقيا.. مؤكدا أن الموارد المحلية فى القارة غير كافية للاستجابة للتأثيرات المتوقعة، ولكن من المهم تكملة التمويل الدولى للبلدان الأفريقية بما فى ذلك الوفاء بالالتزامات المالية للمناخ بحلول عام 2020، والتى تم تحديدها فى كانكون.
من جانبه أكد أخيم شتاينر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن المعدل المتسارع لتغير المناخ يعظم من تحديات التكيف، والتى تم تحذيرنا منها من قبل"، موضحا أن أن أفضل تأمين ضد الآثار السلبية المحتملة لتغير المناخ هو تحرك عالمى طموح لتخفيف الانبعاثات على المدى الطويل، يصاحبه تمويل سريع ومتزايد للتكيف على نطاق واسع.. وأشار إلى أن الاستثمار فى المرونة والتكيف كجزء لا يتجزأ من التخطيط للتنمية الوطنية من شأنه تطوير القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ فى المستقبل".
أزمة المناخ فى أفريقيا تلوح فى الأفق
وأوضح التقرير أن أفريقيا هى القارة المتوقع فيها تغير المناخ بشكل أسرع من الطبيعى، مقارنة بأى دولة أخرى، مما يجعل التكيف مسألة عاجلة، بالإضافة إلى أن توقعات ارتفاع درجات الحرارة فى السيناريوهات المتوسطة، توضح أن مناطق واسعة من أفريقيا سوف يتجاوز ارتفاع الحرارة فيها درجتين مئويتين خلال العقدين الأخيرين من القرن الحالى بالمقارنة بمتوسط درجة الحرارة السنوية فى أواخر القرن العشرين. فى حالة ارتفاع الاحترار فإن درجات الحرارة قد تتجاوز 2 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالى فى معظم أنحاء أفريقيا ولترتفع ما بين 3 لـ 6 درجات مئوية بحلول نهاية القرن.. هذا من شأنه أن يكون له تأثير كبير على الإنتاج الزراعى والأمن الغذائى وصحة الإنسان وتوافر المياه.
الدكتور خالد فهمى وزير البيئة المصرى يتوسط الخبراء الأفارقة المشاركين بالمؤتمر
فى حالة ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، فإن التوقعات بالنسبة لأفريقيا تشير إلى إمكانية ارتفاع منسوب مياه البحر بشكل أسرع من المتوسط العالمى ليتخطى المستويات الحالية بـ 80 سنتيمترًا بحلول عام 2100، وذلك بطول سواحل المحيطين الهندى والأطلسى، يصاحب ذلك ارتفاع كبير فى عدد الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات فى المدن الساحلية فى كل من موزمبيق وتنزانيا والكاميرون ومصر والسنغال والمغرب.
وأوضح بينيليث ماهنج، رئيس الأمسن فى دورته الرابعة عشرة ووزير البيئة التنزانى أن هذه ليست مجرد مسألة مال، مؤكدًا أن الملايين من الناس أصبحت أرزاقهم على المحك، قائلا، إن شعوب إفريقيا سوف تواجه خطرًا متزايدًا من جراء نقص التغذية نتيجة زيادة الطلب على الغذاء والآثار الضارة لتغير المناخ على الزراعة فى القارة.. إن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سوف يعرض أكثر من 50 بالمائة من سكان القارة الأفريقية لخطر نقص التغذية.. هذا وقد أظهرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC أنه بدون تخفيف إضافى للانبعاثات، نحن مقبلون على احترار بمقدار 4 درجات مئوية.
أحد مسئولى الدول الأفريقية المشاركة بمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة
وأضاف ماهنج أنه لكى نكون على مستوى التحدى ونستطيع التصدى للضرر، الذى سيسببه تغير المناخ فى أفريقيا، ولكى نفعل جدول أعمال التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 لابد ألا ندخر أى جهد فى استكشاف الفرص المتاحة لدعم إجراءات وتدابير التكيف فى أفريقيا.
سد فجوة التمويل
ويستكشف التقرير إلى أى مدى تستطيع الدول الأفريقية أن تسهم فى سد فجوة التكيف، خاصة فى مجال تحديد الموارد المطلوبة لهذا الغرض.
وتشير الأدلة إلى أن بعض الدول الأفريقية مثل غانا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا يستغلون بالفعل مواردهم الخاصة فى جهود التكيف. وتشير الدراسات الوطنية فى التقرير أنه بحلول 2029/2030، فى ظل سيناريوهات النمو المتفائلة بشكل معتدل. ومن منطلق سيناريوهات افتراضية فإن غانا مثلا يمكنها تخصيص 233 مليون دولار أمريكى لتمويل التكيف، وإثيوبيا 248 مليون دولار، وجنوب أفريقيا 961 مليون دولار، وتوجو 18.2 مليون دولار.. ومع ذلك، سوف تكون هناك حاجة للتمويل الدولى لسد فجوة التكيف المتزايدة حتى وإن كانت الدول الأفريقية تلتزم نهجًا لزيادة المصادر المحلية لتمويل التكيف.. لابد من الاعتراف أن المستويات الحالية من التمويل الدولي، من خلال مصادر ثنائية أو متعددة الأطراف، ليست كافية.
جانب من المؤتمر
ويؤكد أخيم شتاينر أنه نظرا لحجم التحدى، فإنه من الضرورى النظر فى إمكانية تعبئة المصادر الدولية والإقليمية والمحلية، التى لم تستغل بعد.
إن زيادة التمويل الدولى فى ظل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) قد يؤدى إلى توفير التمويل الكافى للتكيف، ولكن حتى فى هذه الحالة، التنفيذ لن يصل إلى ذروة اكتماله إلا من خلال تخطيط شامل وفعال للسياسات على المستوى الوطنى والإقليمى، بالإضافة لبناء القدرات والحوكمة.
ويشير التقرير إلى أن تعزيز إطار فعال لتمكين القطاع الخاص من المشاركة فى أنشطة التكيف من شأنه أن يكون مساهما رئيسيا فى سد فجوة التمويل.